هل ترغب أن أخاطبك مُجاملة بحضرة النائب البرلماني المحترم، أم السيد رئيس المجلس الجماعي، بالرغم من أني أفضل أن أناديك تحببا وتوددا بأستاذي "سي أخليفة الصيري" نظرا لسمو وظيفتك العلمية على انتدابك الانتخابي. ولابد في البداية، وذلك تقيدا بالموضوعية العلمية وبالحياد المعرفي، أن أشير إلى بعض المداخل القابلة للنقاش ومن بينها مرابطتكم على التواصل الدوري مع ساكنة وادي زم، ومسايرتكم الدائمة لمشاكل المدينة،مما يؤسس لعلاقة تشاركية بين المنتخب والرأي العام، كما أن تواصلكم يُعبر عن تنامي مأسسة الحوار بين الفاعل السياسي والمجتمع المدني المحلي، وهذا ما يشكل مادة دسمة للنقاش والتفاعل والتدافع بين كافة الفاعلين. من بين المداخل الأساسية التي يعترف بها خصومكم قبل حلفائكم، وهي أنكم تشكلون فريقا منسجما ومنضبطا ونظيفا، يعمل وفق قوله تعالى في معرض سورة الصف "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بُنيان مرصوص". كما أن حزب العدالة والتنمية في مدينة وادي زم أضحى من الأحزاب ذات الحضور القوي والوازن على مستوى الشأن المحلي. هناك مدخل أساسي بمثابة مفارقة غير قابل للالتفاف وتحتاج إلى نقاش مُستفيض، ومن الضروري أن نتحدث عنها، وهي كون جزء كبير من ساكنة وادي زم غير راض عن الحصيلة التدبيرية والتنموية للمدينة، وفي نفس الوقت لا يوجد بديل مقنع ومغري يستطيع أن يصل إلى الحدود الدنيا التي يتمتع بها حزبكم على مستوى الشأن المحلي لمدينة وادي زم. مر على تدبير حزب العدالة والتنمية لمدينة وادي زم قُرابة ثلاثة عشر سنة ونيف من التسيير المحلي، أي أكثر من ثلاث سنوات من ولايتين لرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا ما يفيد أنه من الناحية العلمية الزمن الساسي لحصيلتكم شكل ممارسة كافية لتقييم ومساءلة تدبيركم. وفي هذا السياق، وجب أن نتساءل بشكل جماعي عن سؤال بسيط، ويتعلق بكيف أصبحت مدينة وادي زم منذ سنة 2003؟ ولا شك أن التقييم العام لوضعية المدينة مزري ولا يصل إلى حجم الطموح والتطلعات، فبالرغم من المجهودات المبذولة تبقى هناك العديد من النقط السوداء التي عجز حزب العدالة والتنمية في أن يتغلب عليها، وربما مسؤول عنها مند سنة 2003. وكيف يمكن للمجلس الجماعي لمدينة وادي زم، أن يجيب بصراحته المعهودة عن "صرخة" السي العربي عربي، التي عنونها ب "وادي زم المحكورة"، وليست وادي زم الناجحة التي يتغنى بها الأستاذ سعد الدين العثماني والأستاذ مُصطفى الخلفي، فهذا الأخير يتحدث عن وادي زم كأنها مدينة نموذجية يضرب بها المثال في النموذج التدبيري لحزب العدالة والتنمية. ما ورد في "رجة" وادي زم المحكورة، وما جاء في التيفو والشعار الذي رفعه شباب مدينة وادي زم بمناسبة مُقابلة فريق سريع وادي زم مع فريق نهضة الزمامرة والمعنون "ب 90 سنة من المعاناة واليوم اجتمعت الجهات من أجل الملحمات " ينم على أن هناك شبه سخط من لدن ساكنة المدينة عن وضعية مرافقها ،وهنا يمكن أن نشير على سبيل المثال، لا على سبيل التعداد والحصر ، إلى المبررات التي شغلت المجلس الجماعي للمدينة عن التأخر والتأجيل غير المبرر لعدم بناء محطة طرقية لمدينة وادي زم ،وعلى سبيل المُقارنة أيضا فجارتنا القريبة مدينة أبي الجعد تتوفر على محطة طرقية تحترم القواعد المتعارف عليها في دفتر التحملات الخاص بالمحطات الطرقية. ولننتقل للحديث عن الوضع الجمالي لواجهة المدينة، فلا يختلف اثنان على أن المداخل الرئيسية لشوارع مدينة الفقيه بن صالح أحسن وأفضل بكثير من شوارع المدينة التي يعتبرها المجلس الجماعي لمدينة وادي زم من أجنداته وأولوياته السياسية. سيدي رئيس المجلس الجماعي، التدبير المحلي لا يتوقف على تبليط وتزفيت الطرق والشوارع وتجيش العاملين في الإنعاش، فالتدبير التشاركي يحتاج إلى برامج تنموية فعالة وتعود بالنفع الاقتصادي للمدينة وتشجيع المقاولات الصغرى وإيجاد حل لشبكة الماء الصالح للشرب والأحياء المستصلحة. الأجيال القادمة في مدينة وادي زم ربما ستفكر في الأسباب التي دفعت القائمين على تدبير شؤون المدينة إلى بتر مقهى بحيرة وادي زم، وهوما يعني طمس جزء كبير من ذاكرة مواطني وادي زم، حيث كل واحد منا له إرث وتاريخ مع ذلك المكان الرمزي للمدينة. في خضم الحديث عن مسؤولية المجلس الجماعي لمدينة وادي زم، نلفت النظر إلى وأد وإقبار مكتبة وادي زم الكائنة ببحيرة المدينة، وهذا ما فسح المجال لأبناء المدينة بأن تلتهمهم بعض الظواهر التي تفسد سلوكهم. حيث أضحت مع كامل الأسف مدينة المقاومة تتصدر الجرائد فيما يخص ظواهر أخرى سنعود لها في وقت لاحق. طوال السنوات الست الأخيرة، انتظر أبناء المدينة إفتتاح الملعب البلدي، وبدلت مجهودات كبيرة لترميمه، لكن مدرجاته المهترئة تظل بمثابة ربقة عالقة في عنق مسؤولي المدينة، وهو نفس الوضع الذي ينطبق على الحالة التي يعيشها المسبح البلدي للمدينة. ولننتقل إلى تحليل الخريطة الانتخابية للمدينة منذ استحقاقات 2003، وفي ثنايا مداخلتكم سيدي الرئيس أفصحت عن بعض المعلومات الخطيرة نظرا لموقعكم الانتدابي وصرحتم على أن هناك حزبين توفرا على امتياز لشراء أصوات الناخبين في محطة انتخابات 2015، والشيء بالشيء يذكر، وهنا نتساءل لماذا لم ترفعوا دعوى قضائية للمحاكم المختصة؟ ومن هم المرشحين الذين تهمتهم بشراء الأصوات؟ وذلك تكريسا للشفافية وتطبيقا لشعار محاربة الفساد. كما أن وظيفتك الانتدابية البرلمانية تمنح لك حصانة موضوعية على مستوى الأقوال والتصريحات. تحدثتم سيدي الرئيس أن المجلس الجماعي لمدينة وادي زم، يعتبر المجلس الوحيد الذي توجد فيه ثلاثة نساء في التسيير، وتحدى السيد الرئيس أن يكون خلاف ذلك في المغرب. والحال أن هناك العديد من المجالس التي بوأت المرأة مهمة التسيير، حيث نجد في مجلس مقاطعة يعقوب المنصور على سبيل المثال يضم ثلاثة نساء في التسيير. لنتأمل في لغة الأرقام التي يتحجج بها سيدي الرئيس، والواقع أن لغة الأرقاء غالبا ما تخفي العديد من التفاصيل، وفي المنحى ذاته أفصح عن مسلسل الأصوات التي حصل عليه حزب العدالة والتنمية في وادي زم منذ 2003، وهنا أتفق معك أنكم حصلت في استحقاقات 2015 على 5250 صوتا، وهنا سأعود إلى حقل السيسيولوجيا السياسية من خلال مقاربة الأرقام، لقد ازدادت فئة المسجلين في اللوائح الانتخابية منذ سنة 2009 ، وهذا ما يعني أنكم تراجعتم بالمقارنة مع سنة 2015 ،وهو ما تفيده نتائج المحاضر ومخرجات عدد المقاعد ،وكلما تقلص عدد اللوائح المتنافسة وإلا وتراجع عدد أصواتكم ،وكلما كانت نسبة المشاركة كلما انعكس ذلك سلبا على عدد أصواتكم .ولنطرح سؤالا لطالما يُطرح في الدول الديمقراطية كم يساوي هذا الرقم من الكتلة الناخبة لمدينة وادي زم ،وماذا يُمثل 5250 من جميع ساكنة وادي زم ،ربما لا يمثل حتى 2% ،لذلك فالثقة التي حصلتم عليها هي بمثابة أغلبية من الفئة المسجلة وليست أكثرية من سكان المدينة ، كما أن جزء من المواطنين منحكم ثقة قابلة للسحب وليس شيكا موقعا على بياض . سيدي الرئيس تتوفرون على مكانة ذهبية ستندمون عليها مُستقبلا ،أعطتكم المدينة أغلبية مُطلقة في المجلس عكس المجالس السابقة، وتتوفرون أيضا عن مقعدين في البرلمان برسم دائرة خريبكة /وادي زم/أبي الجعد ،وحزبكم يقود الحكومة بدستور يمنح صلاحيات مهمة لرئيس الحكومة ،كما أنكم تتوفرون على أغلبية بالمقارنة مع الأحزاب المتنافسة في المدينة، لكن الأغلبية الصامتة ما زلت غير مقتنعة بتسييركم وعازفة عن التصويت، وأهنئكم على مجهوداتكم وعلى نظافة أيديكم ولا يوجد خير منكم، لكن لا أتفق مع تسييركم وحصيلتكم لم تكن في حسن التطلعات، في أفق أن تطوروا منهجية اشتغالكم... *باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية