اغتالوك... دفنوك... وما أكرموك...قتلوك يا عمر... وماتت الحكومة... ماتت الأحزاب... ماتت الصحافة... مات الضمير... ومات الكل إلا أنت يا عمر...! أنت المقتول وهم الميتون...! لا شك أنهم يرون في قتلك قتل لقضيتك... فابتهجوا حزنا وحزنوا ابتهاجا... وشمتوا سرا قبل أن يبتلعوا لسانهم ويدفنوك في صمتهم معتقدين أن الصمت مقبرة لك ولأفكارك... والحال أن الصمت حين عم تكلمت أنت... فكان قتلك شهادة ميلادك الأبدية... هم قتلوك في الوطن من أجل أن يبنوا خارج الوطن وطن...والحكومة تائهة بين وطن مشروع ومشروع وطن...! قلتَ لهم كفى ريعا فذبحوك... فصارت كلمة الريع قدر... مواطنون بالريع تعالوا... وبنفس الريع تعالت حكومة... والريع بالريع قد يكون عهدا إذا كان القتل حياة للريعين... اغتالوك لأنك رفضت الحياة في وطن تقسم فيه المواطنة درجات... قتلوك لأنك رفضت أن تقاس المواطنة بمقياس الجغرافيا... ورفضت أن تتجبر الصحراء و"تلهف" لوحدها اخضرار السهول وعشب الجبال... أماتوك يا عمر والقانون التنظيمي لم يولد... فكيف تريد أن يكون قتلك عقابا والعقاب ذاته لم يوجد...! فالقتل ليس كالقتل... مادام الحسناوي ليس عمر... مع الأسف... سبق القتل القانون... كما سبق قمع الأساتذة قانون الإضراب... وكأن الحكومة أتت فقط لنهج سياسة تأخير إصدار القوانين من أجل تمتيع أكبر عدد من المواطنين بحقهم في الضرب والقمع بالنسبة لأساتذة الغد والقتل بالنسبة للطالب الأمازيغي عمر... صمتهم يا عمر، تشفي في أمازيغيتك... أنت الذي تدعو للكتابة بشينوية لا يفهمها رئيس الحكومة... فلا تنتظر ممن يكن العداء لهويتك أن يأتيك للعزاء... ولو على سبيل المجاملة... ! كيف للحكومة أن تحرك محركات طائراتها كي تحضر جنازتك وأنت لا تزال ذاك الأمازيغي القابع بين سطور المسودات... كيف لها أن تجد لقتلك تكييفا والكيف أصلا لم يجد...!! مع الأسف... أنت فقط ذاك الأمازيغي... الذي بالكاد يظهر تحت مجهر سميك العدسات... صحيح أنت رسمي في الدستور... ولكن بالكاد مكتوب بالطباشير... وصحيح أنك ابن البلد والأرض والحضارة ووو... ولكن مع الأسف أيضا... ليس هناك قانون تنظيمي يفعّل رسميتك تلك وينزع عنها غبرة الطبشورة... أنت إذن، يا عمر، غير مفعّل... والغير مفعل لا مفعول له... لذلك، ومع كامل الأسف ستظل اسما نكرة، مفعول فيه، مبني للمجهول... منصوب عليه وساكن خارج القانون... فاحي إذن في موتك شامخا بعد أن كنت في الحياة ميتا قانونا... يا عمر...! يا إزم...! يا أسد...! عش في موتك... فقد تركت خلفك من يحي بك وفيك... وجذورك لن تذبل وسط شلالات دماءك... أرقد في مثواك هادئا فالنفوس خلفك من أجلك هائجة، لن تسكت مهما صنعوا بالصمت جدرانا لعزلك ونسيانك... لا الأرض التي حضنتك ستنساك ولا التاريخ في التأريخ سيلغي خطاك... نم قرير العين... فرمال الصحراء... وعلو الجبال وبسط السهول كلها تضاريس... أما أنت فروح... وحياة... وحضارة سينقشها التاريخ عنوة على ظهر الجغرافيا...