لم تهدأ الأرض تحت أقدام أبناء الريف منذ أسابيع، ولا زالت مستمرة في الحركة، جيئة وذهابا، بالرغم من مرور أيام على هزة أرضية بلغت 6.3 درجات على سلم "ريشتر"، دفعت ساكنة مدن الحسيمة والناظور ومليلية، بالأساس، إلى الاحتماء بالشوارع، فيما أعقبتها عشرات الهزات الارتدادية التي بلغت حدود 5 درجات. ولعل ما يزيد من تخوف ورعب ساكنة الريف، التصدعات والتشققات التي بدت ظاهرة للعيان ببعض الأحياء، خاصة بعد الهزة الأرضية المسجلة، مساء أمس بسواحل الحسيمة، والتي بلغت 4.5 درجات على سلم ريشتر، وتعد من بين أقوى الهزات عقب زلزال فجر الاثنين. الدكتور عبد الله عمار، باحث في جيوفيزياء البحر الأبيض المتوسط، يرى أنه من الصعب التكهن علميا باستمرارية الهزات الأرضية بالمنطقة، أو تحديد زمن توقفها نهائيا. كما يصعب التنبؤ بمدى قوة الهزة الأرضية المقبلة وإن كانت أكثر قوة أو أقل، مشددا على أن الوضع مفتوح على كل الاحتمالات، وفق تعبيره. وأبدى الأستاذ الجامعي بكلية العلوم بالرباط، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، تخوفه من الانزلاقات الأرضية تحت البحر الأبيض المتوسط، مذكِّرا بالتسجيلات التاريخية حيث سبق للمنطقة أن عرفت انزلاقات، ومشيرا إلى أنها منطقة حساسة تعيش على وقع الزلازل، ف"من السهل جدا ملاحظة التصدعات الكثيرة في الحسيمة، ونشك رفقة خبراء فرنسيين في أن المنطقة تقع فوق ملتقى صفائح تكتونية صغيرة محلية تتحرك في جميع الاتجاهات". الخبير في الجيوفيزياء دعا الساكنة إلى التزام الهدوء عند حدوث الهزة والاختباء تحت الطاولات الكبيرة تفاديا لسقوط أحجار من السقف، أو الخروج إلى المساحات المفتوحة في حال كان الوقت سانحا. من جهته، يرى الدكتور علي شرود، أستاذ علوم الأرض بكلية العلوم بالراشيدية، أن الهزات الارتدادية يمكنها أن تدوم شهرا أو شهرين، إلى حين تفريغ الضغط والطاقة تدريجيا، موضحا أن الهزة الكبرى تفرغ أكبر مقدار من الطاقة وتتبعها هزات أخرى تحرر ما بقيت الصخور متشبعة به من الضغط، متابعا أن المرحلة التالية تسمى بمرحلة الاسترخاء، وتسجل هزات ما بين 2 و2.5 درجة على سلم ريشتر، وهي الهزات التي لا يحس بها المواطنون، بحيث "لا يمكن تسجيل 0 أو 1 درجة على ريشتر، فالأرض دائمة الحركة"، وفق تعبيره. وأفاد الباحث بأن المنطقة من وسط البحر الأبيض المتوسط إلى سواحل الحسيمة كانت تتحرك منذ 30 يوما خلت ولازالت كذلك، متوقعا استمرار الهزات لأسابيع أخرى، لافتا إلى أنه كان من اللازم أخذ الاحتياطات اللازمة لأن بوارد الزلزال كانت ظاهرة، بالرغم من أنه من الصعب تحديد زمان وتوقيت وقوعه.