في الوقت الذي لا زالت فيه الارتدادات الأرضية مستمرة في الساحل الشمالي المغربي، بعد الزلزال الذي شهدته المنطقة في الساعات الأولى من فجر أمس الاثنين، والذي خلف هلعا كبيرا وسط سكان مدينة الحسيمة، ودفعهم إلى مغادرة بيوتهم، وجه مركز حقوقي مغربي انتقادات لاذعة للحكومة، متهما إياها بعدم القيام بدورها الدستوري إزاء الوقاية من الكوارث الطبيعية والتدخل وقت الأزمات لحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم. مركز الحريات والحقوق، أصدر بلاغا قال فيه إنه يتابع "بقلق كبير"، سلبية الحكومة التي يقودها عبد الإله بنكيران في تعاملها مع الحدث، واكتفائها بدور المتفرج، دون إصدار أي بلاغ رسمي في الموضوع، أو اتخاذ أي إجراء احترازي لامتصاص مخاوف المواطنين في المناطق المهددة وطمأنتهم على أرواحهم وممتلكاتهم. وفي الوقت الذي لم تبادر الحكومة إلى اتخاذ أي إجراء، طالب المركز بتشكيل لجنة وطنية لتقييم خسائر الزلزال، حتى يتم تعويض المواطنين الذين تضررت مساكنهم بشكل يهدد سلامتهم، وذلك لمساعدتهم على ترميمها، وحتى يتم تخصيص ميزانية استثنائية لترميم المنشآت العمومية المتضررة من طرق وقناطر ومدارس ومبان حكومية، وذلك بصفة استعجالية. رئيس المركز، مصطفى الكمري، قال، في تصريح لهسبريس، إن موقف الحكومة وصمتها غير مقبولين، خاصة وأن الرأي العامّ المغربي يقارن بين رد فعل حكومة مدينة مليلية المحتلة، التي بادرت إلى التحرك بسرعة، وإجلاء المواطنين وإنشاء مخيمات لإيوائهم وإعلان توقف الدراسة إلى غاية التأكد من سلامة المدارس، وبين موقف الحكومة المغربية الذي وصفه المركز ب"السلبي". وعن الأسباب التي جعلت الحكومة تتأخر في المبادرة إلى التحرك، قال الكمري إن هناك أقاويل متضاربة، منها ما حدث سنة 2004 حين أخذ الوزير الأول آنذاك، إدريس جطو، الطائرة إلى الحسيمة بعد الزلزال العنيف الذي شهدته، ونودي عليه من الرباط ليتمّ تنبيهه إلى أن تولي هذه المهمة من مسؤولية جهات عليا، غير أن هذا التخوّف، على افتراض وجوده، يردف المتحدث، لا يبرر تقاعس الحكومة. وكان تخوّف رئيس الحكومة من السقوط في تنازع السلط بينه وبين الملك قد برز خلال انهيار بيوت بحي بوركون بالدار البيضاء، حيث وُجهت انتقادات لرئيس الحكومة لعدم التحرك، فكان ردّه أن الملك زار الضحايا و"قام بالواجب نيابة عن الجميع"، وعمد عدد من "الفيسبوكيين" بعد الزلزال الأخير بالشمال إلى نشر صورة عمدة جهة طنجة-الحسمية إلياس العماري، وهو يزور أحد المصابين، مع تعليق: "رئيس الحكومة إلياس العماري يتفقد ضحايا الزلزال". مركز الحريات والحقوق طالب الحكومة بإعلان حالة الطوارئ المؤقتة في المناطق الشمالية المهددة بهزات ارتدادية، واتخاذ عدد من الإجراءات الاستعجالية؛ أولها تكليف قنوات القطب العمومي والإذاعات الوطنية والجهوية ببث برامج خاصة ونشرات إخبارية استثنائية، لإعلام سكان المناطق الشمالية بكل جديد، ولإرشادهم وتوجيههم لمعرفة سبل التعامل مع كل طارئ. وفي هذا الصدد، انتقد رئيس المركز الحكومة قائلا إن التصريح الذي أدلى به وزير التعمير وسياسة المدينة، محمد نبيل بنعبد الله، والذي قال فيه إن الحكومة تجمع المعطيات قصد اتخاذ ما يناسب من الإجراءات، بعد الزلزال الذي ضرب الساحل الشمالي، والذي بلغت قوته 6.3 على سلّم ريشتر، يعبّر عن تقصير الحكومة في التعامل مع الحدث. المركز الحقوقي طالب، أيضا، بإنشاء مخيمات بصفة استعجالية في المناطق الأكثر عرضة للخطر، مثل مدينة الحسيمة والقرى المحيطة بها، لإيواء الساكنة الراغبة في ذلك، كما دعا إلى تعليق الدراسة طوال هذا الأسبوع بمدارس مدينتي الناظوروالحسيمة والقرى الواقعة بينهما، حتى يتم التأكد من عدم وجود أي شقوق خطيرة قد تهدد بانهيار المباني المدرسية في وقت لاحق.