مازال مرسوما وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، القاضيان بفصل التكوين عن التدريب وتقليص المنحة إلى ما يقارب النصف، يثيران الكثير من الجدل داخل الأوساط الحقوقية والسياسية والقانونية، وسط طرح فرضيات لإمكانية التراجع عنهما. وتعاظمت إمكانية تراجع الحكومة عن المرسومين بعدما سبق لرئيسها عبد الإله بنكيران أن عدّل مرسوما يهم المساعدة القضائية، رغم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 9 ماي 2013، بسبب رفض المحامين له بخوض احتجاجات قوية ضده. وتم إجبار الحكومة على مراجعة المرسوم، حيث أعادت المصادقة عليه في دجنبر من سنة 2015 مستجيبة بذلك لمطلب رفع أتعاب المساعدة القضائية من 500 درهم، كما في المرسوم الأول، إلى 1500 درهم في القضايا الابتدائية، و2000 درهم بالنسبة للقضايا الاستئنافية، و2500 درهم فيما يخص القضايا المعروضة على محكمة النقض. في هذا الصدد، يرى الدكتور حسن طارق، أستاذ جامعي وبرلماني عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أن الأقرب في ملف الأساتذة المتدربين الذي يمكن أن تقوم به الحكومة، هو "حل استثنائي للفوج الحالي بما يضمن إدماج الأساتذة في الوظيفة العمومية"، مشيرا إلى أن "المرسومين سيظلان ساريَا المفعول، وبالتالي إيجاد حلول من داخلهما هو الأقرب". وقال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، في تصريح لهسبريس، "أتصور أن هذا هو الحل الوسط الذي يضمن تحقيق مطالب الحركة الاحتجاجية، التي أثبتت قوتها وتعاطف الرأي العام من الجانب الحقوقي، ومن جهة أخرى يضمن القرار الرسمي الحكومي"، موضحا أن "الحكومة يمكن أن تستند إلى الإجماع الحاصل داخل البرلمان لحل هذا المشكل المطروح منذ شهور". "هناك العديد من الديناميات للوساطة على المستوى المدني والنقابي والبرلماني، وكل هذا يعطي أرضية مناسبة للتأسيس لحل وسط بين الحكومة والأساتذة المتدربين"، يقول طارق الذي أوضح أن "تدبير هذا الملف يوضح التحديات الجديدة لمعالجة القضايا الاجتماعية ذات الطبيعة الفئوية، والتي تلجأ إلى إستراتيجية استثمار الشارع في غياب بنيات الوساطة الاجتماعية". لا مانع قانوني للتعديل من جانبه أوضح الدكتور عمر الشرقاوي، الباحث في القانون الدستوري، أنه "من الناحية القانونية ليس هناك أي مانع من إجراء الحكومة لأي تعديل لمرسوم تضعه"، مشيرا إلى أنه "مهْما علا شأنه، يبقى نصا تنظيميا يحتاج لتقويم وفق الظروف وإلا صار مهجورًا، ولذلك وُجدت آليات قضائية تطعن في مشروعيته، أو حكومية من شأنها أن تنسخ أو تعدل جزئيا المراسيم المعمول بها". وردا على دفاع الحكومة بكون الحفاظ على المرسومين يعد حفاظا على هيبة الدولة، قال الشرقاوي، "لا أعتقد أن إعادة النظر في المرسومين يمس بهيبة الدولة، وفتح المجال أمام قانون الشارع"، مستدلا على ذلك "بما سبق للحكومة أن أقدمت عليه من تراجع عن مرسوم يهم المساعدة القضائية". ورغم تأكيد الاتفاق الموقع بين الوزير الرميد والمحامين على أن "المرسوم صدر بتوافق تام مع مكتب جمعية هيئات المحامين، في شخص رئيسها واللجنة الرباعية"، وتم تعديله بعد ذلك، سجل الشرقاوي أن "هذا التعديل لا يمس بهيبة الدولة، وتأجيج الشارع، بل بالعكس ساهم في إدماج فئة المحامين في منظومة إصلاح العدالة بشكل سلس"، مبرزا أن "الحكومة حين وضعت المرسومين لم تحترم روح قانون تنظيمي مهم يتعلق بتنظيم أشغالها والذي ينص في المادة 19 منه على ضرورة القيام بدراسة استباقية للآثار قبل التشريع". وأضاف الباحث في العلوم السياسية، في هذا الصدد، أن "المرسومين لم يقدرا الآثار السياسية والاجتماعية والأمنية التي يمكن أن يتسببا فيها"، مبرزا أن "إصدارهما ليس عملية قانونية محضة تتوخى تنظيم العلاقات والمؤسسات، بل هو في العمق قرار يتطلب توفير الشروط الداعمة له واختيار الوقت المناسب لتنزيله، فليس كل نص حان وقته وليس كل نص حل سياقه"، على حد قول المتحدث نفسه.