ندوة بالقصر الكبير تحتفي بذكرى زيارة الملك محمد الخامس لطنجة    حزب الاستقلال يدعو إلى تقوية الشفافية في المعاملات التجارية وملاءمة قانون حرية الاسعار وحماية المستهلك    تفاصيل الاجتماع بين النقابات ووزارة الصحة لتنفيذ "اتفاق يوليوز" الموقع مع الحكومة    الطالبي العلمي في افتتاح الدورة التشريعية الثانية: مطالبون بمواصلة الحضور المنتج وتقدير المسؤولية على اختلاف مواقعنا في المعارضة والأغلبية    ضبط أزيد من طنين من الأسماك غير الموثقة في الداخلة ومطالب بتشديد الرقابة    قيوح: أمن الطيران المدني بمناطق النزاع يتطلب مقاربة جماعية    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    الصين تقول إنها سترفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إلى 125%    اتهامات للمؤثرة الشهيرة "ميس راشيل" بتلقي أموال للترويج لحماس    ليفربول يعلن تجديد عقد نجمه المصري محمد صلاح    نبيل باها يشيد ببلوغ أشبال الأطلس نصف نهائي "الكان"    بطولة إسبانيا.. أنشيلوتي وريال مدريد تحت المجهر وبرشلونة للابتعاد    إجراء قرعة جديدة لكأس أمم أفريقيا للشباب بعد التحاق تونس    في غياب الجماهير .. من يحسم صراع الدفاع وشباب المحمدية؟    أجهزة معلوماتية مهربة تقود عشريني للاعتقال بأكادير    الاحتكار آفة الأشْرار !    ظروف مادية تُؤجل الدورة الثلاثين من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    طنجة.. القطب الحضري والاقتصادي الثاني في المغرب، بدون جامعة!    بني أنصار تستعد لعملية مرحبا 2025 ب "إصلاحات"    المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية يدين جرائم الجيش الجزائري بمخيمات تندوف ويدعو لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية    الذهب يسجل مستوى قياسياً مع تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة    نجاة الرجوي: "مشاركتي في حفل تكريم عبد الوهاب الدكالي شرف كبير"    هذه تفاصيل استعدادات الوداد للديربي    ارتفاع قياسي جديد للذهب    تشديد عقوبة لص متسلسل في الحسيمة    تأهل المغرب وبوركينا فاسو الى الدور نصف النهائي لكأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    الخارجية الأمريكية تبلغ دي ميستورا بأنه لا حل لنزاع الصحراء خارج السيادة المغربية    أسعار النفط تتراجع بشكل حاد مع تأثر السوق بالحرب التجارية    مصرع ستة أشخاص بينهم أطفال بسقوط مروحية في أمريكا    وفاة مدرب ريال مدريد السابق الهولندي ليو بينهاكر عن عمر 82 عاما    بنسعيد يدشن جناح المغرب ضيف شرف مهرجان باريس للكتاب 2025    توقيف مواطن فرنسي- جزائري في الدار البيضاء مطلوب للقضاء    السياحة المغربية تحقق نمواً استثنائياً في الربع الأول من 2025    جامعيون ومسؤولون سابقون يرصدون صعوبات الترجمة بأكاديمية المملكة    عراقجي في الجزائر .. هل تُخطط إيران للهيمنة على شمال إفريقيا عبر قصر المرادية ؟    طعنة في القلب تنهي حياة مراهق بطنجة    تفكيك لغز جثة سد أسمير بالفنيدق.. وفاة بسبب جرعة زائدة وتوقيف 5 مشتبه فيهم        فضيحة للوزير السكوري.. خبير سيبراني حذّر من ثغرة خطيرة بموقع وزارة التشغيل قبل "تسريبات جبروت" بخمسة أيام        بايتاس: الهجمات السيبرانية على مؤسسات حكومية "إجرامية" وتستهدف التشويش على نجاحات المغرب الدبلوماسية    لليوم الثالث... آلاف الطلبة يتظاهرون دعما لغزة ورفضا للتهجير    10 حقائق عن استيراد الأبقار والأغنام وتداعياتها السياسية والمالية والاجتماعية!    أكثر من نصف الأمريكيين ينظرون سلبيا لإسرائيل.. استطلاع جديد يكشف تداعيات حرب غزة    مسؤول إسباني .. التقارب الثقافي وسيلة ممتازة لتعزيز العلاقات المغربية الإسبانية        السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    مصطفى لغتيري يثري أدب الصحراء    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المياه العادمة تلاحق ساكنةٍ باشتوكة .. أمراض وروائح وبعوض

غير بعيد عن مركز بيوكرى، حاضرة إقليم اشتوكة آيت باها، بحي "ماعلا"، الآهل بالساكنة، وبالضبط بالملك المشتهر ب"تكانت أوكرام"، (غابة أكرام)، أُنجزت محطة التطهير السائل منذ سنة 2005، وآل تدبيرها للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، غير أن تأثيرها على ما يزيد عن 40 ألف نسمة من قاطني أحياء بيوكرى، ظل يتفاقم سنة بعد سنة، بسبب انبعاث الروائح الزاكمة للأنوف، والتسبب في انتشار الحشرات الضارة، والبعوض على الخصوص، وتحول حياة القاطنين "البيوكراويين" إلى جحيم، داخل بيوتهم أو خارجها، وتزداد المعاناة خلال فصل الصيف، دون إيجاد حلول للتقليص من حجم تلك الأضرار من طرف الجهات الوصية على القطاع.
ويبدو أن ساكنة بيوكرى محظوظة، بالنظر إلى الوضعية الكارثية التي تعيش تحت وطأتها ساكنة دواري "العرب" و"لحمر"، بجماعة آيت اعميرة القروية، كيلومترات معدودة عن بيوكرى. ففي ظل أوضاع اجتماعية مزرية، وغياب أبسط متطلبات العيش، وانتشار مُهول للبناء غير المنظم والعشوائي، لم تجد الجهات الوصية بهذه الجماعة غير "حفر" عارية لتصريف مياه الأزقة والشوارع بالمدشرين،حيث تستقبل الساكنة والوافدين بروائحها الكريهة وبأسراب الحشرات، التي تجد في هذه الحفر مرتعا للعيش والتكاثر، مسلطة أضرارها على الساكنة، ومزعجة تلميذات وتلاميذ وأطر ثانوية "الخوارزمي" ودار الطالبة، المجاورتين لها.
عبد الإله تاكري، من ساكنة حي "ماعلا" بمدينة بيوكرى، عضو بجمعية الوفاء للتنمية، التي تمثل ثلاثة دواوير محاذية لمحطة التطهير السائل، وهي دواوير تلحاج، تملالين ومعلا، أبرز ضمن تصريح لهسبريس، أن الساكنة تواجه مشكلين رئيسيين، هما الرائحة الكريهة والانتشار الكثيف للبعوض، خصوصا مع كل ارتفاع في درجة الحرارة، بحيث "نعيش في وضع مقلق جدا، يصبح فيه موضوع البعوض حديث كل السكان"، مُردفا أن "حماية أنفسنا وأولادنا منه تظل الشغل الشاغل للعائلات التي تهاجمها أسراب من هذه الحشرات، والتي تُخلف لسعاتها انتفاخ في الوجه والأطراف، سرعان ما يتضاعف بعضها ليتحول إلى ما يشبه جروحا مكلفة العلاج، خصوصا لدى الأطفال، يقول الفاعل الجمعوي.
المتحدث ذاته كشف، في حديثه مع هسبريس، أنه في فترة تساقط الأمطار، يرتفع منسوب المياه المتدفقة إلى المحطة، فتُضَخُّ هذه المياه خارج أحواض المحطة، مؤدّية إلى تكوُّن مستنقعات للمياه العادمة، تتحول إلى برك آسنة، خارجة عن برنامج المعالجة في الصهاريج ولا تشملها المعالجة بالأدوية، مما يجعلها مكانا خصبا لتكاثر البعوض والحشرات، مستطردا أن جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة سبق وأن راسلت مختلف الإدارات المعنية، تطالبها بالتدخل لوضع حل جذري لهذا المشكل "المتكرر والمتواصل".
مشروع محطة التطهير السائل ببيوكرى أنجز بشراكة مع البنك الألماني، ووزارة الداخلية، وبلدية بيوكرى، بتكلفة مالية وصلت أزيد من 40 مليون درهم، بحسب الحسين فارسي، رئيس بلدية بيوكرى، الذي قال إنه يخص المياه العادمة للمنازل، دون مياه الأمطار، وأقر المتحدث بما تُسببه هذه المحطة من معاناة للساكنة، كاشفا أن دراسة تقنية تم إنجازها تهم تغطية باقي أحياء المدينة ومدها بقنوات الصرف الصحي، وتهيئة محطة المعالجة، وإدخال تقنيات جد متقدمة، تُستعمل في معالجة المياه العادمة في كل الأوقات، دون أن تنبعث منها الروائح، وستصل تكلفة هذا المشروع، وفقا لرئيس البلدية، إلى ما يُقارب 90 مليون درهم.
هسبريس انتقلت إلى الجماعة القروية لآيت اعميرة، وكانت كل ساكنة الدواوير المحيطة بحفر تصريف المياه "الصور"، متذمرة من الوضع البيئي والصحي، الذي فُرض عليها، في غياب أي تخطيط مُسبق، ولا تقدير لعواقب ذلك على من يقطنون، مُجبرين، بالقرب منها.
وقال يوسف مستور، الكاتب العام السابق لجمعية "الأمل" بدوار العرب-احمر، إن الساكنة، إضافة إلى دار الطالب والإعدادية والثانوية، تعيش كارثة صحية مستمرة، ألغت معها استقرار السكان البسطاء، وبدأت تهدد صحتهم بالخطر، ومن مظاهر ذلك، يقول مستور، أن المنازل تغرق مع كل موسم للأمطار وسط مياه الصرف الصحي الملوثة، وتندفع المياه الملوثة بكميات هائلة إلى أنابيب الصرف الداخلية، لتغطي دواخل البيوت، وتغرق أثاثه ومستلزماته، كما تطاردهم بروائحها الكريهة، ومنظر الحفر المُقزز عند مدخل الدوارين.
وأضاف مستور، متحدثا إلى هسبريس عن بعض مظاهر فشل تدبير صرف المياه العادمة بآيت اعميرة، أن "تعداد الساكنة لا يتناسب وحجم الحفر الأرضية، زد على ذلك الطريقة العشوائية التي يتم بها الربط، وغياب ثقافة بيئية بين أوساط الأسر القاطنة، مما يتسبب في خسائر مادية فادحة مع تكرار سقوط الأمطار، وبيئة غير صحية للعيش في ظل المعاناة التي تعيشها العائلات، من تهميش وفقر مدقع، وعدم توفر الإمكانيات لتشييد السكن اللائق، إلى جانب أمراض أخرى كالربو والحساسية، التي تهاجم صحة الآباء والأبناء"، مطالبا بإيجاد حل جذري لهذه الحفر المتعفنة، "لإعادة الاستقرار المعيشي إلينا في مساكننا، عن طريق تحويل الحفر بعيدا عن الساكنة، حل حقيقي يمكّن من الخروج من هذا المأزق الذي بدأ يستنزف مواردنا المالية ويدمر صحتنا المتبقية".
رئيس الجماعة القروية لآيت اعميرة، علي البرهيشي، رمى كرة الوضع الكارثي لتصريف النفايات السائلة بدواري العرب ولحمر على الرئيس السابق للمجلس، بعد اعترافه بغياب أية دراسة قبل إنجاز تلك الحُفر التي امتصت ميزانية فاقت المليار سنتيم، مُعمقة معاناة الساكنة عوض التخفيف منها، ولتجاوز الوضع، أو "القنبلة الموقوتة" بقوله، اقترح رئيس المجلس تغطية الحفر العارية، كحل وحيد، مما سيُكلف ميزانية أخرى ضخمة، وأورد المتحدث أن الجماعة تواجه معضلة غياب أي فضاء لتشييد محطة للمعالجة، اعتبارا لكون جل ترابها يدخل ضمن الأراضي السقوية، أما الباقي فكله بنايات، مضيفا أن وكالة الحوض المائي سوس ماسة أعدت دراسة تقنية لإنجاز مشروع للتطهير السائل، يكون مشتركا بين جماعتي آيت اعميرة وسيدي بيبي، غير أن إنجازه سيتطلب تكاليف باهظة، تستوجب تدخل شركاء على أعلى المستويات.
المسؤول الجماعي لم يُخف الخطر المحدق بساكنة باقي الدواوير، التي تعتمد على "مطمورات" لتصريف مياه بيوتها، مما يُهدد المنازل والشوارع والأزقة، "ولن يتم تجاوز هذه المشاكل العالقة والعويصة إلا بمواكبة مؤسسات الدولة"، وسينكب المجلس خلال ولايته الحالية، يقول البرهيشي، على المرافعة لتجاوز المعضلات المتوارثة، التي انضافت إلى التركيبة البشرية والعمرانية المتشابكة، التي تفرض إمكانيات مالية ضخمة، تفتقر إليها الجماعة، لمواجهة آفات "الواد الحار"، الأمن، التعمير، التهيئة، الكهربة، التعليم، الصحة...التي ظلت تُرخي بعواقبها على المعيش اليومي للساكنة المحلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.