كان المؤتمر الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة حافلا بالرسائل السياسية الواضحة منها والمبطنة، ومع قرب انطلاق الجلسة الرسمية للمؤتمر كان الترقب هو سيد الموقف حول السياسيين الذين سيلبون دعوة حزب "الجرار"، خصوصا وأن نتائج الانتخابات الأخيرة وما تلاها من تحالفات كان لها وقع على علاقات الحزب مع "حلفائه" في المعارضة وأيضا خصومه السياسيين. ومع اقتراب ساعة الصفر بدا واضحا أن مختلف ألوان الطيف السياسي قد استجابت لدعوة حزب "الجرار"، وكانت الأنظار موجهة لزعماء الأحزاب السياسية الكبرى في المغرب، كما كانت التساؤلات عن تمثيلية حزب العدالة والتنمية "الخصم السياسي" للأصالة والمعاصرة، فوقع اختيار حزب "المصباح" على وزير التعليم العالي لحسن الداودي الذي قوبل بالعناق من مصطفى الباكوري، وبنفس حرارة الاستقبال، تم توديع الداودي من طرف إلياس العماري رئيس جهة طنجة تطون الحسيمة. الداودي الذي وجد نفسه محاصرا بالأسئلة عن حضوره لمؤتمر "البام"، أكد أن الأمر يتعلق بتلبية للدعوة التي تلقاها الحزب "وبالتالي يجب أن نلبي الدعوة، وهذا حزب يشتغل في الساحة السياسية وبالتالي فحضورنا طبيعي"، مشددا في الوقت ذاته على أن الصراع السياسي مازال قائما مع البام "وبأن التحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة هو خط أحمر وليس التعامل معه". من جهته أكد الأمين العام لحزب الاستقلال الذي ما إن صافح الباكوري حتى انطلق في ترديد عبارته الشهيرة "مبروك العيد"، (أكد) أنه "لا يوجد فك ارتباط مع حزب الأصالة والمعاصرة"، مضيفا أن الباب لم يغلق أمام أي تعاون مع "الجرار" في الاستحقاقات المقبلة. علما أن الأمين العام لحزب "الميزان" قد سبق وأعلن عقب انتخابات الرابع من شتنبر الماضي أنه فك الارتباط مع "البام ". ادريس لشكر الضلع الثالث في مثلث المعارضة الذي عصفت به نتائج الانتخابات الأخيرة، حضر مؤتمر حزب "الجرار" رفقة القيادي في حزب الوردة لحبيب المالكي، وقال لشكر إن ما سيفسر عنه المؤتمر الوطني هو الذي سيحدد طبيعة العلاقة مع حزب الأصالة والمعاصرة، مواصلا بأن انتظاراته من المؤتمر أن يخرج بما "يجعل كل ما عرفته الانتخابات السابقة لا يتكرر في الانتخابات المقبلة". حلفاء العدالة والتنمية في الحكومة كانوا حاضرين في المؤتمر، وذلك في شخص الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله الذي اعتبر أن حضوره من باب تلبية الدعوة "وبأن الخلاف لازال قائما مع حزب الأصالة والمعاصرة"، وبالتالي فتواجده في ضيافة حزب "الجرار" لا يعدو كونه مجاملة سياسية وما تقتضيه المعاملات السياسية، كما حضر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند لعنصر. حزب التجمع الوطني للأحرار والذي يعد أقرب أحزاب التحالف الحكومي للأصالة والمعاصرة، نزل بكل ثقله في المؤتمر حتى وإن غاب زعيمه صلاح الدين مزوار الذي غيبته انشغالات وزارة الخارجية، حيث حضر وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش الذي رفض الإدلاء بأي تعليق على حضوره للمؤتمر، كما حضر وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد والوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة أنيس بيرو. قادة المؤسسات الدستورية كانوا أيضا من بين الضيوف، ومن بينهم نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومحمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج. وما إن ألقى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة الباكوري كلمته الافتتاحية، التي تلتها كلمة لعباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، حتى بدأ جل ضيوف المؤتمر في مغادرة القاعة، بينما توالت كلمات الوفود القادمة من مختلف الدول، وكان أكثرها لفتا للانتباه كلمة المتحدث الرسمي باسم الحكومة التونسية خالد شوكت الذي شبه حزب الأصالة والمعاصرة المغربي ب"نداء تونس" الذي يقوده الباجي قايد السبسي الرئيس التونسي الحالي.