خلافاً لما كان رائجا في السابق، نفى زعماء سلفيون من المفرج عنهم في نونبر الماضي بموجب عفو ملكي استثنائي، تأسيسهم لحزب سياسي ذي مرجعية سلفية، حيث تأكد التوجه صوب تأسيس "جمعية وطنية" تجمع ما أسماه المعنيون "التيار السلفي الإصلاحي"؛ الذي تم الإعلان عنه بشكل رسمي من داخل السجون في سياق "المراجعة والمصالحة". وتأتي المبادرة السلفية، التي سبقتها تحضيرات امتدت لأشهر داخل السجون، في وقت أعلن فيه معتقلون سلفيون سابقون؛ أبرزهم عبد الكريم الشاذلي الذي يوصف ب"أحد رموز السلفية الجهادية"، عن تأسيس "الحركة السلفية للإصلاح السياسي"، والتي ستكون بمثابة الجناح الدعوي لحزب "الحركة الديمقراطية والاجتماعية"، الذي يقوده محمود عرشان، وينسق الشاذلي شؤونه وطنيا. إلا أن عبد الرزاق سُماح، الناطق باسم اللجنة التحضيرية ل"الهيئة الوطنية" التي لم تُجمع بعد على اسمها الرسمي، نفى أن تكون المبادرة التي أطلقها رفقة حسن الخطاب، زعيم خلية "أنصار المهدي" والمفرج عنه أيضا بعد سابق إدانة بالسجن ل30 سنة، "فكرة حديثة (...) فالتيار السلفي الإصلاحي تأسس منذ أشهر داخل السجون وهو الأول من نوعه"، مضيفا: "لا شأن لنا بمن يريد أن يركب على هذه المبادرة لأن جميع السجناء واعون بخطوتنا". سُماح، المدان سابقاً ب20 سنة لتزعمه "حركة المجاهدين بالمغرب"، قال لهسبريس إن فكرة "التيار السلفي الإصلاحي" لن تفرز حزبا سياسيا خلافا للمتداول إعلاميا"، موضحا: "لن ننتمي لأي حزب كما أننا لن نؤسس أي حزب سياسي، نحن نعمل حاليا على تأسيس جمعية وطنية لها أربعة أجنحة كمجالات للاشتغال"، كاشفا أن تلك المجالات "تحددت في الدعوي والحقوقي والجمعوي وأيضا السياسي"، وفق تعبيره. وفيما يستمر كل من سُماح والخطاب في جولة وطنية، انطلقت أسبوعين بعد الإفراج عنهما إثر عفو ملكي ليلة 06 نونبر 2015، للتعريف بالمبادرة وحشد مزيد من الأتباع والأعضاء، علمت هسبريس أن جمعا عاما سيعقد نهاية الشهر الحالي في فاس، يهم التحضير لإعلان تأسيس "الهيئة الوطنية"، حيث أوضح سماح أن اختيار المدينة مردُّه إلى "رمزيتها التاريخية والحضارية وما تمثله من إشعاع روحي للمغرب". وإذا كانت الهيئة الجديدة ستلم فقط السلفيّين والمعتقلين السابقين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، فإن عبد الرزاق سماح أوضح أن "الجمعية" ستضم تلك الفئة "لأن الفكرة تهمها بالدرجة الأولى لتحقيق غاية الاندماج والمصالحة"، مضيفا: "لكن أبوابها في الوقت ذاته مفتوحة في وجه كل المواطنين المغاربة"، فيما أكد أن طرح المبادرة من خلال لقاءات وطنية "لقي صدى إيجابيا من قبل مختلف الفعاليات الثقافية والسياسية والمدنية". وكان حسن الخطاب، قبل الإفراج عنه بأشهر، قد دعا من داخل زنزانته، بصفته "المنسق العام"، إلى عقد لقاء خارجي بمدينة فاس يهم تأسيس "التيار السلفي الإصلاحي"، وهي الخطوة التي كانت تُعدّ لاحقة لإصداره ومجموعة من معتقلي "السلفية الجهادية" وثائق مراجعات، مؤسسة ل"المراجعة والمصالحة"، وهو اللقاء الذي اختاره له وقتها عنوان "سؤال الهوية بين الثوابت وتحديات المرحلة.. السلفية والخلفية، المصالحة والهوية".