نقابات "الإضراب العام" تتوعد الحكومة بالإعلان عن احتجاجات إضافية    المغرب يدعو إلى إرساء آليات تعاون ناجعة بين "الدول الإفريقية الأطلسية"    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    "ستيلانتيس القنيطرة" يطور الإنتاج    اعتقال امرأة في مراكش كانت تدير شبكة للاتجار بالأطفال    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    برامج رمضان على "الأولى".. القناة تعد المشاهدين بعرض "استثنائي" من "الإبداع" و"التشويق" و"الترفيه"    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    المغرب يحدث ثورة في البنية التحتية الرياضية استعدادًا لاحتضان كبريات التظاهرات    قاضي التحقيق يفرج عن بدر هاري بشروط    البطولة الاحترافية للقسم الثاني .. برنامج مباريات الدورة ال 16    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    تفاصيل المصادقة على اتفاقية لتهيئة حديقة عين السبع    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    عضو في الكونغريس الأمريكي يضغط على قيس سعيّد ويقترح قانونًا لمعاقبة نظامه    ألباريس: إسبانيا ترفض استقبال فلسطينيين في حال تهجيرهم من غزة    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية يومي 7 و8 فبراير الجاري    بهدف قاتل".. ريال مدريد يهزم ليغانيس وتأهل إلى نصف نهائي الكأس    توسعة الطريق التكميلية بين الداخلة والكركرات: مراحل هامة نحو تحسين التنقل أقصى جنوب المملكة    إنتاج التمور في الدول العربية.. ما مدى تقدم المغرب في الإنتاج والجودة؟    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    كيوسك الخميس | إسبانيا تمنح تصاريح إقامة لأزيد من 11.500 عاملة مغربية    المغرب يحقق رقماً قياسياً في توافد السياح خلال يناير 2025    معرض للفن الإفريقي المعاصر يحول مراكش إلى وجهة فنية    محاكمة مقاول بتارودانت يشتبه تورطه في عملية نصب على 24 شخصا من متضرري الزلزال    الاتحاد الأوروبي: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية"    بنعلي من طنجة: الترابط بين الماء والطاقة والغذاء مجال حيوي للتحول نحو الاستدامة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    تعبئة أكثر من 40 مليون درهم لبناء وتهيئة الرّئة الخضراء المستقبلية لأكادير    رئيس أولمبيك مارسيليا يشيد بمهدي بنعطية    مطالب برلمانية بفتح تحقيق في اختلالات تدبير مديرية التّعليم بتيزنيت    معرض "أليوتيس" بأكادير : الدريوش تعقد سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من الوزراء ومسؤولي قطاع الصيد البحري    أربع نقابات تطالب وزير التربية الوطنية والتعليم بتنزيل اتفاقي 10و26 دجنبر 2023    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    كأس انجلترا: نيوكاسل يؤكد تفوقه على أرسنال ويتأهل للمباراة النهائية    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    طنجة وبرشلونة.. شراكة متجددة وآفاق واعدة استعداداً لكأس العالم 2030    اجتماع موسع بعمالة إقليم الجديدة لتتبع تموين الأسواق والأسعار (بلاغ)    عقبات تواجه "مشروع ترامب" بشأن غزة.. التمسك بالأرض ومعارضة العرب    التاريخ والذاكرة.. عنف التحول ومخاضات التشكل    غياب اللقاح بمركز باستور بطنجة يُثير استياء المعتمرين    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أُنْبُوشَاتٌ فِي المَفَاهِيمِ الْقُرْآنِيَّةِ / الْفَتْحُ
نشر في هسبريس يوم 11 - 01 - 2016

الْفَتْحُ انكشاف الحقيقة وظهورها، وزوال الحُجُبِ عن حضرة الله، ومن الصعب الفصل بين حقل التجربة وحقل التعبير عن الفتح الذي يقع لأهل الله في علاقتهم بالله. يقول محيى الدين بن عربي في الفتوحات المكية: "فَإِذَا فُتِحَتْ الأَبْوَابُ وَتَجَلَّى لَكَ مَا وَرَاءَهَا أَحَطْتَ بِالنَّظْرَةِ الْوَاحِدَةِ عِلْماً بِهَا، كَمَا يَفْتَحُ الإِنْسَانُ عَيْنَهُ فِي الَّلمْحَةِ الْوَاحِدَةِ، فَيُدْرِكُ مِنَ الأرْضِ إِلَى فَلَكِ الْبُرُوجِ" .
والْفَتْحُ عند أهل اللغة: نقيض الإغلاق؛ فَتَحَهُ يَفْتَحُهُ فَتْحاً، وَافْتَتَحَهُ وَفَتَّحَهُ فَانْفَتَحَ وَتَفَتَّحَ . قال تعالى: (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ) الأعراف/7 شددت التاء للكثرة، وَقُرِءَ كذلك بالتخفيف أي لا تصعد إليها الأرواح والأعمال والدعاء، وكذلك في قوله تعالى:(جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ) ص/50. وَفَاتِحَةُ الشيء أَوَّلُهُ، ومنه فَاتِحَةُ الكتاب، وفَوَاتِحُ السور ما تُفْتَتَحُ به، وهي أولها. والفَتْحُ : أن تَفْتَحَ على من يستقرئك. والْفَتْحُ أول المطر، ويجمع على فُتوُحٍ. قال الشاعر:
كَأَنَّ تَحْتِي مُخَلِّفاً قُرُوحاً * رَعَى غُيُوثَ الْعَهْدِ وَالْفُتُوحَا
ويطلق كذلك الْفَتْحُ على الماء الجاري في الأنهار. وفَاتَحَ الرجل: ساومه ولم يعطه شيئا. وافْتِتَاحُ الصلاة: التكبيرة الأولى. وتَفَاتَحَ الرجلان: إذا أسرا كلاما فيما بينهما. والْمِفَتَحُ، بكسر الميم، والْمِفْتَاحُ: مِفْتَاحُ الباب، وكل ما فُتِحَ به الشيء يسمى مِفْتَاحاً. ويجمع على مَفَاتِيحَ ومَفَاتِحَ.
ويأتي مفهوم الفتح في القرآن الكريم بمعاني عدة منها المطر، والرزق. يقول تعالى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) فاطر/25، وعلم الغيب. قال تعالى: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) الأنعام/59، والسؤال، والدعاء، والنصر. والظفر. قال تعالى: (إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ۖ) الأنفال/19، والحكم والقضاء. قال تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا )الفتح/1، وفتح مكة. قال تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) النصر/1، ويوم القيامة. قال عز وجل: (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ،قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ) السجدة/28-29، وهي دلالات لغوية وقف عندها اللغويون والمفسرون، ولم ينفذوا إلى معانيها الاشراقية. فقوله تعالى: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ) فاطر/25، فيه إطلاق معنى الرحمة بالمطر، والأمن، والعافية، والرزق، والعلم، والمعرفة، والنبوة، وقد استعير الفتح للإطلاق، وتنكير الرحمة للإشاعة والإبهام. والمعنى الاشراقي للآية يتناول كذلك ما يفتح الله لعباده من إلهامات، وواردات، ومعارف. يقول ابن عجيبة في البحر المديد: " بل الله يفتح على من يشاء، ويسد الباب في وجه من شاء. وسد الباب في وجه العبد عن معرفته الخاصة، علامته: عدم إيصاله إلى أوليائه. فكل من وصله إليهم، وصحبهم، وعظمهم، وخدمهم، فقد فتح الله له الباب في وصوله إليه، وكل من نَكَّبَهُ عنهم، ولم يصحبهم، كما ذُكِرَ، فقد سد الباب في وجهه عن معرفته ".
وقد تكرر مفهوم الفتح في سور القرآن( 38 مرة) منها (24مرة) في السور المكية، و( 14مرة) في السور المدنية، وإن عدد المرات التي ذكر فيها المفهوم في السور المكية الدالة على العقيدة ومكونات الايمان الأساسية، يشير إلى أهمية الفتح الذي يقع في هذا المجال، وما يتأسس عليه من معرفة. فأهل إنكار هذه المعرفة الاشراقية التي تَحْياَ بها القلوب الميتة بالجهل والغفلة يقولون: (مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) السجدة/28. لأن هذه المعرفة هي التي تمشي بين الناس في المجتمع فتحقق لهم رغباتهم وطموحاتهم، وتُقِيمُ العدل وتُؤَدَّى بها الحقوق لما تعطيه للإنسان المتلبس بها من تقوية على العمل بدخوله مقام الفتح. قال تعالى: (أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) البقرة/76. فالْمُحَاجَجَةُ بما فتح الله على عباده من المعرفة والايمان مع أهل التشكيك، والصد والعناد، ضرب من الجنون، وعدم المعقولية، لأن مثل هؤلاء لا يُرْجَى بهم فلاح، ولا يَسْعَدُ بهم أحد. (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)سبأ/26 وهذا الفتح هو الحكم بالحق بلا ميل ولا جور. ولذلك ورد وَصْفٌ كُلِّيٌّ (الْفَتَّاحُ) للدلالة على أن حكمه سبحانه عَدْلٌ. وفي قوله تعالى: (يَجْمَعُ بَيْنَنَا) بيان لأهمية الجماعة والاجتماع في الشريعة، وللصلاة في الجماعة - كما يقول الامام القشيري- أثر مخصوص، كما لشيوخ التربية في الاجتماع زوائد، يَسْتَرْوِحُونَ بهذه الآية: (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ...)." فتنكشف لهم الفتوحات الثلاث التي وردت في القرآن: الفتح القريب. في قوله تعالى: (نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ ) الصف/13، والفتح المبين. في قول الله عز وجل: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) الفتح/1. والفتح المطلق في قوله سبحانه: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) النصر/1، وهذا الفتح أعلى الفتوحات وأكملها، التي يتشوق إليها أرباب القلوب لما فيها من الرقي إلى محل الدنو، وكمال المعرفة، وفيه يقول أبو الفتوح شهاب الدين السُّهْرَوَرْدِي:
وَاللهِ مَا طَلَبُوا الْوُقُوفَ بِبابِهِ * حَتَّى دُعُوا فَأَتَاهُمُ الْمِفْتَاحُ
لاَ يَطْرَبُونَ بِغَيْرِ ذِكْرِ حَبِيبِهِمْ * أَبَداَ فَكُلُّ زَمَانِهِمْ أَفْرَاحُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.