بعد أن غير بنكيران لهجته تجاه القيادة الحالية لحزب الاستقلال، خلال كلمته أمام المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، واصل رئيس الحكومة على ذات المنوال، وقام بمصافحة الأمين العام لحزب الإستقلال ب"حرارة بالغة"، وقال له إن "يده ممدودة نحوه"، وهذا ما قام به أيضا الأمين العمين العام للPJD مع إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. تلاقي بنكيران وشباط ولشكر تم خلال لقاء نظمته السفارة الفلسطينية المعتمدة بالمغرب، تخليدا للذكرى 51 للثورة الفلسطينية، بفضاء المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، وتأتى مباشرة بعد ولوج بنكيران لقاعة العروض المسرحية، وتقدم للسلام عليه عدد من القادة الحزبيين، سواء من المعارضة أو الأغلبية، بينما همس رئيس الحكومة في أذن شباط ب: "حميد لاباس عليك.. الله يخرج العاقبة بسلام". شباط لم يكن "المعارض" الوحيد الذي استقبل بنكيران، بل حضر إلى جواره عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، عبد القادر الكيحل، بالإضافة إلى الكاتب الأول للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، و الحبيب المالكي، عضو المكتب السياسي لحزب "الوردة". حرارة العناق الذي جمع بين الزعماء الثلاثة: بنكيران وشباط ولشكر، لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت إلى منصة مسرح محمد الخامس، حيث رقص الثلاثة على أنغام "الدبكة الفلسطينية"، إلى جانب كل من الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، ومصطفى باكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بالاضافة إلى عدد من الفاعلين السياسيّين، حيث اختار كل من بنكيران وشباط،الإصطفاف إلى جانب بعضهما، والرقص بشكل يؤكد على إن صفحة الخلاف بينهما قد أصبحت من الماضي. بنكيران،وجه عددا من الرسائل خلال تناوله للكلمة على رُكح المسرح الوطني، وهي التي تخص دعم المغرب لفلسطين ضدّ الإحتلال الإسرائيلي، حيث أكد على أن الشعب المغربي لا يعتبر الفلسطينيين ك"شعب آخر"، بل "أمة واحدة"، يقول بنكيران، مخاطبا الفلسطينيين بالقول: "لو بقيتم لوحدكم لضعتهم، وأنتم تنتمون إلى أمة من المحيط إلى الخليج". بنكيران لم تتوقف عند هذا الحد، بل عمل على دعوة الفلسطينيين إلى الوحدة الوطنية، وتجاوز الخلافات الداخلية، حيث شدد على أن ياسر عرفات مات شهيدا، كما هو الحال بالنسبة لأحمد ياسين، وأضاف: "هل نستطيع أن تفرق بين هؤلاء"، مردفا: "مستعدون لأن نموت معكم شهداء في سبيل الله"، ومُذكّرا بأنه يبقى إلى جانب كل الفلسطينيين، وكل من يريد أن يرجع الأمور إلى نصابها، وقال أيضا:"كل هذا رغم أننا لسنا ضد اليهود". وعند تناوله للكلمة، قال الأمين العام لحزب الإستقلال، عبد الحميد شباط، إن القضية الفلسطينية كانت لدى المغاربة في مرتبة القضية الوطنية، حيث لا يميز المغاربة، على مدى عقود من الزمن، بين تحرير المملكة من الإحتلال الفرنسي والإسباني، من جهة، وتحرير فلسطين من الإنتداب البريطاني ومن بعده المشروع الصهيوني القائم على خلق وطن على أرض فلسطين، من جهة أخرى. واستحضر شباط، تاريخ العلاقات المغربية الفلسطينية، بالتأكيد أن حزب الاستقلال تبنى المواقف النبيلة الداعمة للكفاح الفلسطيني، مضيفا بأن السلطان يعقوب منصور الموحدي مدّ صلاح الدين الأيوبي بكثافة أشكال الدعم المتاحة، من أجل مواجهة الحملة الصليبية على فلسطين، وجاء ذلك بطلب من صلاح الدين، ليؤكد شباط على أن "العلاقات المغربية الفلسطينية ضاربة جذورها في التاريخ". أما كلمة الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية، نبيل بن عبد الله، فلم تختلف كثيرا عن ما قاله شباط، حيث أكد بأن الموقف المغربي من القضية الفلسطينية سيبقى راسخا، من خلال دعم الفلسطينيين واعتبار قضيتهم بمثابة "قضية وطنية"، وذلك منذ انطلاق العمليات الفدائية، وكفاح الشعب الفلسطيني الذي يعود إلى عقود، على حد تعبير بن عبد الله؛ مذكرا بزيارته لفلسطين، في غشت من سنة 2014، ووقوفه خلالها على "الإهانة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في مختلف أراضيه المحتلة ،أو التي تعتبر تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية". وتبعا لذلك، يقول بن عبد الله، فإن فلسطين تعيش الإحتلال في أبشع صوره، و"لابد من الاعتراف بأن ما كنّا نقوم به، قبل سنوات، ليس هو ما نقوم به اليوم، وكمغاربة لابد أن نكون في الموعد"، داعيا إلى ضرورة إعطاء الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني نفسا جديدا من أجل أن تظل القضية الفلسطينية كقضية الدفاع عن الوحدة الترابية المغربية. بدوره، أكد الكاتب الأول لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، بأنه ملتزم بالمبادرات التي أعلن عنها القادة الذين سبقوه في "الإتحاد" حيال القضية الفلسطينية، مردفا قوله: "تركنا الشعب الفلسطيني شعبا أعزلَ، في حين يبقى شعاع الضوء الوحيد في العالم العربي للمقاومة الشعبية الفلسطينية، وسط إختلال كبير لموازين القوى في المنطقة، بعد أن انهارت دول عربية"، بتعبيره. وفي ما شدد، مصطفى باكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، على دعم المغاربة للقضية الفلسطينية، وأن السلم في المنطقة لن يتحقق دون تحرر الفلسطينيين، دعا السياسي نفسه إلى "تجريد اليهود المغاربة الذين يثبت بأنهم يقيمون في المستوطنات من الجنسية المغربية".