بعد أزيد من شهرين على تنفيذ "الإضراب الوطني" الشامل والمستمر داخل المراكز الجهوية للتربية والتكوين، مقابل انسداد أفق الحوار بين "الطلبة المتدربين" الغاضبين والحكومة، دخلت فرق برلمانية على خط الأزمة التي تهدد بسنة بيضاء، مطالبة بالجلوس إلى طاولة الحوار، فيما أخذت لجنة التعليم بمجلس المستشارين مبادرة الوساطة. وعلمت هسبريس أن رئيس اللجنة في الغرفة الثانية، عبد العالي حامي الدين، يخوض، بمعية مقررة اللجنة خديجة الزومي، مبادرة مد جسور الحوار المنقطع بين الطلبة المحتجين، في شخص لجنة حوار وطنية، وبين الحكومة، في شخص رئيسها، عبد الإله بنكيران، ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، بغرض النظر في مواقف الأطراف والخروج بحل للمشكل العالق. تدخل اللجنة ذاتها جاء بالموازاة مع حالة من "شبه الإجماع" الذي حظي به ملف الطلبة المتدربين في المراكز الجهوية للتربية والتكوين من طرف النقابات وكذا الفرق البرلمانية، إذ تعرّض الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، خالد برجاوي، إلى ما يشبه المحاكمة البرلمانية، أمس الثلاثاء، من طرف نواب الأغلبية والمعارضة، الذين طالبوا بإيجاد حل عاجل وبفتح أبواب الحوار. يأتي هذا التحرك في وقت لا تزال فيه الحكومة متشبثة بتطبيق مقتضيات المرسومين الوزاريين القاضيين بفصل التكوين عن التدريب، وتقليص المنحة بما يقارب النصف، رافضة أي سبيل آخر من المقترحات أو التعديلات، مقابل استمرار "الطلبة المتدربين" في تنفيذ إضرابهم الوطني والاستعداد للدخول في أشكال احتجاجية تصعيدية، رافضين دعوة الحكومة لهم للعودة إلى أقسام التكوين. محمد قنجاع، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين في المغرب، عبّر عن أسفه من "استمرار الحكومة في إغلاق باب الحوار، لأنها تعتبرنا طلبة لا يمكن الحوار معهم"، فيما ثمن دخول فرق برلمانية ولجنة التعليم في "المستشارين" على خط الملف، "تواصلنا مع الفرق البرلمانية ولجنة التعليم التي عبّرت عن رفضها لعدم فتح باب الحوار، فيما تلقينا وعودا بإيصال ملفنا للوزير ورئيس الحكومة". وأعرب قنجاع، ضمن تصريح لهسبريس، عن استعداد "الطلبة المتدربين" للجلوس إلى طاولة الحوار مع الحكومة، "للأسف هي تقفل هذا الباب"، فيما اعتبر تفاعل النقابات والفرق البرلمانية إيجابا مع ملفهم "خطوة لصالحنا تثبت مصداقية ومشروعية مطالبنا في إلغاء المرسومين، وتظهر بالملموس عبثية وارتجالية قرارات الوزارة والحكومة، فهم الآن مجبرون على الاستجابة لمطالب الحركة الاحتجاجية". خديجة الزومي، المستشارة البرلمانية عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، عبّرت بدورها عن أسفها لكون "الحكومة مصممة على ألا تفتح موضوع الأساتذة المتدربين للنقاش"، مشددة على أن "قضيتهم (المحتجين) ودفوعاتهم قانونية وجدية"، مبرزة أن لجنة التعليم في مجلس المستشارين استقبلت عددا منهم "للإنصات إليهم، لأنه يجب إعادة الثقة بين الناخب والمنتخب وليس القطيعة". الزومي أوضحت، في تصريح لهسبريس، أن وساطة تجري الآن بين "أستاذة الغد" والحكومة، بمبادرة من لجنة التعليم، مضيفة: "رغم أن من يحتجون ليسوا دائما على حق، لكن ملف المتدربين هو كذلك، لأنهم يملكون معطيات ووثائق لصالحهم"، مشيرة إلى أن "المرسوم الأول المتعلق بفصل التدريب عن التوظيف صدر في أكتوبر؛ أي بعد اجتيازهم للمباراة، ولا يمكن بالتالي تطبيق القوانين بأثر رجعي". وتوقفت القيادية الاستقلالية عند ما وصفته ب"الخصاص المهول" في قطاع التعليم بالمغرب، "الذي يصل إلى 15 ألف منصب"، مضيفة: "لا للدولة التي تحتاج فقط 7 آلاف أن تعلن عن مباراة لتكوين 10 آلاف طالب"، فيما اعتبرت أن هذا الإجراء يدل على "غياب الحكامة الجيدة في قطاع التعليم"، قبل أن تشدد على ضرورة تفعيل الحوار بين أطراف الملف، لأن "الطريقة الحكومية غير عادلة وضد آليات الحوار الذي ينص عليه دستور 2011"، بتعبير الزومي.