ما إن تلبّدت سماء منطقة دكّالة بالغيوم بداية الأسبوع الجاري، حتى بدت على محيّا السكّان عامة، والفلاحين بشكل خاص، أسارير الفرح والتفاؤل بانتعاش الزراعة، وظهور بوادر "نجاة" السنة الفلاحية الجارية، بعدما قضوا شهرين متتابعين وهم يترقّبون السحب، ويتابعون نشرات الطقس باهتمام وانتظام، متضرّعين إلى العلي القدير أن ينعم على أراضيهم الفلاحية بقطرات غيث تنقذ زراعتهم. وفيما استبشر الفلاحون بدكالة خيراً إثر التساقطات المطرية التي عرفتها المنطقة ليلة الاثنين وطيلة نهار الثلاثاء، أشار فتح الله فنّيش، رئيس مقاطعة التنمية الفلاحية بأولاد افرج، إلى أنه في الوقت الذي دأب فيه فلاحو المنطقة على زرع 120 ألف هكتار من الحبوب بأراضيهم "البورية"، فإنهم اكتفوا هذه السنة بزرع 88 ألف هكتار فقط، مشيرا إلى أن فلاحي "دكالة" ينتظرون "وضوح" الموسم الفلاحي قبل زراعة الحبوب، عكس مزارعي "عبدة" الذين يزرعون في الفترة نفسها من السنة بغض النظر عن حالة الطقس. وأكّد فنّيش، في تصريح لهسبريس، أن تأخر التساقطات المطرية تسبّب، وفق آخر الإحصائيات المنجزة من طرف المصالح المختصة، في ضياع 5 في المائة فقط من المزروعات بصفة نهائية، وتضرر ما يقارب 40 في المائة من زراعة الحبوب، فيما ستنتعش المساحات الأخرى نتيجة الأمطار التي عرفتها المنطقة، رغم أن مردوديتها ستتراوح بين الضعيفة والمتوسّطة، مستدركاً أنه في حالة استمرار التساقطات في الأيام المقبلة سيتمّ إنقاذ أكثر من 50 في المائة من الإنتاج السنوي للحبوب. المسؤول ذاته أوضح أن تضرّر الشّعير راجع إلى زراعته في وقت مبكّر، نتيجة انطلاق الموسم الفلاحي بشكل عادي بفعل الأمطار المتساقطة خلال شهر أكتوبر الماضي، مشيرا، في سياق مرتبط، إلى أن مراحل نموّ النبات تتسارع خلال الفترات غير المطيرة، حيث ينتقل إلى مرحلة موالية دون استكمال سابقتها، ما يفسّر في الغالب ظهور سنابل ذات مردودية ضعيفة، ومحصول ضعيف من التبن. وأورد رئيس مقاطعة التنمية الفلاحية بأولاد افرج، التابعة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدكالة، أن زراعة الخضراوات بدورها تأثّرت بفعل تأخر الأمطار طيلة الشهرين الماضيين، حيث تتّسم في الوقت الراهن بغياب التنوع، نتيجة اهتمام عدد كبير من فلاحي المنطقة بالبصل أكثر من غيره، موضّحا أن التساقطات المطرية الأخيرة ستدفع الفلاحين إلى تدارك المساحات غير المزروعة لاستغلالها في الزراعات الربيعية؛ كالفول والجلبان والذّرة بنوعيها... وعن الزراعات السقوية بأولاد افرج والمناطق المجاورة لها، أوضح المتحدث ذاته أنها لم تتأثّر بالحدّة نفسها التي عاشتها "المناطق البورية"، غير أن تأخّر الأمطار ساهم في ظهور سلوكات غير صحّية من طرف بعض الفلّاحين؛ من بينها تخريب القناة الرئيسية للسقي لتسريب مياهها إلى أراضيهم، أو سرقة المياه من القنوات باستعمال محركات ومضخات، أو الضغط على الفرشة الماشية بإنشاء آبار دون تتبع المساطر القانونية. وبتفاؤل كبير، أبدى عدد من الفلاحين، في تصريحات متطابقة لهسبريس، ارتياحا واضحا لتراجع شبح الجفاف، حيث قال الختير المحمّدي إن الله أنعم عليهم وعلى أراضيهم وبهائمهم بأمطار الخير، بعدما تسلّل التشاؤم إلى قلوبهم، مختصرا الموضوع برمّته في التأكيد على أن "الزراعة ابنة الماء، ومتى تساقطت الأمطار جاءت الخيرات"، خاتما تصريحه بالقول إن "إنتاج الحبوب لا يتطلّب إلا أربعين يوما إذا ما جادت السماء بأمطار إضافية في الأسابيع المقبلة".