تأخرت التساقطات المطرية بشكل يدعو إلى القلق في المغرب، وهو ما جعل الترقب يطبع يوميات الفلاحين، الذين يعتمدون على الزراعة البورية في أنشطتهم الفلاحية بمختلف مناطق المملكة. ويُعوِّل الفلاحون الصغار على أمطار شهر مارس بشكل كبير لتدارك العجز المسجل خلال شهري فبراير ويناير الماضيين، لكن لحد الساعة لم تجُدِ السماء بما ينقذ محاصيل القمح والشعير، وصار المزارعون يترقبون الغيوم يومياً. وقالت حكومة سعد الدين العثماني، خلال الأسبوع الجاري، إنها تتابع الوضع المتعلق بالموسم الفلاحي عبر منظومة وطنية تابعة لوزارة الفلاحة، وأشارت على لسان ناطقها الرسمي إلى أنها ستتخذ إجراءات مضاعفة إذا اقتضى الأمر ذلك. ويؤكد فلاحون أن أمطار شهر مارس مُهمة وحاسمة فيما يخص مردودية الزراعات البورية. ويقول المُهندس الزراعي حسن السرغيني، في حديث لهسبريس، إن تأخر الأمطار في الفترة الحالية يعتبر مشكلاً كبيراً بالنسبة إلى القمح والشعير. وأضاف المهندس الزراعي أن الوضع غير جيد بالنسبة إلى الأراضي الفلاحية في الجنوب، أي الشاوية والحوز ودكالة عبدة، أما في الشمال فيقول إن الوضعية ستصبح حرجة جداً في حال لم تتساقط الأمطار في الأسابيع المقبلة، ومعها سيصبح الموسم الفلاحي ضعيفاً في البلاد. كما أشار الباحث الزراعي السرغيني إلى أن الضرر في هذه الوضعية سيكون أكبر بالنسبة إلى الفلاحين الصغار، الذين يعتمدون على زراعاتهم كمصدر للرزق. ويتفق مع هذا التحليل عبد المومن كنوني، وهو باحث زراعي أيضاً، إذ يُشير هو الآخر إلى أن المناطق الفلاحية الجنوبية متضررة في الوقت الحالي، خصوصاً الأراضي المزروعة بالشعير. وأوضح الباحث ذاته، في حديثه لهسبريس، أن الأراضي الفلاحية القريبة من الساحل لم تتضرر بعد نظراً إلى استفادتها من رطوبة البحر، فيما المناطق الأخرى، مثل الغرب وشمال الشاوية وسايس، استفادت نسبياً من الأمطار أكثر من المناطق الأخرى، وهو ما يؤهلها للصمود أكثر. وحسب الباحث الزراعي ذاته، فإن الحبوب تحتاج إلى تساقطات مطرية بمتوسط يصل إلى 500 مليمتر في السنة، في حين لم يسجل المغرب لحد الساعة حتى نصف هذا المعدل، وهو عجز كبير في مستوى التساقطات المطرية. وقد أدى تأخر الأمطار إلى منع فئة هامة من الفلاحين من مباشرة استخدام الأسمدة لمحاصيلهم الزراعية التي تتطلب تساقط الأمطار، حسب عبد المومن كنوني. كما يؤكد المتحدث نفسه أن زراعة الحبوب تتطلب تساقط الأمطار مرة واحدة على الأقل في الشهر لكي تكون المردودية جيدة والعائد مرتفعاً، وهو ما يؤثر إيجاباً على الاقتصاد الوطني والفلاحين الصغار وأسرهم وبهائمهم. وضُعف تساقطات الأمطار مؤشر سلبي بالنسبة إلى المغرب، خصوصاً أن الاقتصاد الوطني يعتمد على الفلاحة بشكل كبير، كما أن هذه الأخيرة تُشكل مصدر عيش لفئات واسعة من الفلاحين الصغار في المناطق القروية. ولا تحمل نشرات الطقس اليومية والمواقع المتخصصة في الأرصاد الجوية العالمية أي مؤشرات إيجابية بخصوص تساقط الأمطار في الأيام المقبلة، وهو ما يزيد من مخاوف شبح الجفاف أو تسجيل موسم فلاحي أقل من المتوقع.