بعد الاكتساح الذي حققه في الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، خاصة في المدن الكبرى، يبدو أن حزب العدالة والتنمية أخذ على عاتقه الانفتاح على العالم القروي الذي يعتبر من بين نقاط الضعف التي طالما عانى منها خلال الانتخابات التشريعية والجماعية. في مقابل ذلك تبرز عدد من الأحزاب المنافسة ل"البيجيدي"، والتي فرضت هيمنتها على عدد من البوادي، واستطاعت أن تجعل منها المناطق التي تعتمد عليها للفوز بأغلبية مقاعد البرلمان، مما ساهم في تبوئها صدارة المشهد السياسي المغربي لسنوات، وهو ما حتم على الحزب الإسلامي البحث عن حلول من أجل اختراق العالم القروي. ويبدو أن الزيارة الأخيرة إلى مراكش التي قام بها الأمين العام ل"البيجيدي"، عبد الإله بنكيران، تدخل في هذا الإطار، إذ كان له أول لقاء مع شباب المجال القروي بجماعة ستي فاظمة بإقليم الحوز، والذي استغله للحديث عن رهانات حزبه قبيل الانتخابات التشريعية الثانية بعد دستور 2011، وعدد من القضايا المرتبطة بتدبير دفة الحكومة. "يمكن القول إن الزيارة المذكورة تأتي في سياق تقييم العدالة والتنمية للنتائج المحصلة في الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة"، يقول محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، مؤكدا أن "هذا التقييم أظهر أن الحزب لديه عجز كلي في العالم القروي، مما حتم عليه القيام بعدد من الخطوات من أجل تدارك هذه الوضعية". وأكد الغالي، في تصريح لهسبريس، أنه "بالرغم من تحقيق العدالة والتنمية لمكاسب عدة بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، إلا أن هذه المكاسب لم تشمل العالم القروي الذي لازال حضوره فيه ضعيفا بالمقارنة مع الأحزاب الأخرى"، مشددا على أن "زيارة بنكيران إلى منطقة قروية فيها استثمار لرصيده كرئيس حكومة، نظرا لأن عقلية العالم القروي تتأثر بمكانة الوزراء، بالإضافة إلى لفت الانتباه إلى أن الحزب يولي أهمية كبرى لهذا المجال". "الانتخابات التشريعية تفرض التعامل مع مختلف المتغيرات"، يضيف الغالي، موضحا أن "العدالة والتنمية يبحث عن تجنب المفاجآت التي لا تصب في صالحه؛ في حين أن المؤشرات لا تزال تؤكد أنه سيحظى بمكانة متقدمة في الانتخابات". ويعلل الغالي ذلك بأن "مجموعة من الأحزاب المنافسة تعيش مشاكل تنظيمية كبيرة، بخلاف العدالة والتنمية الذي لازال يظهر قوة تنظيمية مهمة". ورغم ذلك شدد أستاذ العلوم السياسية ذاته على أنه، بالنظر إلى نتائج الانتخابات الجماعية في الرابع من شتنبر الماضي، "يصعب على البيجيدي تحقيق اختراق مهم في العالم القروي، بالرغم من أنه يحاول تحقيق ذلك"، مضيفا أن "بنكيران يريد أن يوجه رسالة مفادها أن العالم القروي يدخل ضمن رهانات حزبه في المستقبل القريب، بعد الجدل الذي أثير حول صندوق التنمية القروية".