تعيين الصبار واليزمي على رأس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي تغير اسمه، إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بدل، كل من الرئيس السابق للمجلس، أحمد حرزني، وأمينه العام السابق، المحجوب الهيبة صهر المستشار الملكي المعتصم، يطرح تفسيرات متعددة من وجهة نظر مجموعة من المراقبين والفاعلين السياسيين. إما أن اختصاصات المؤسسة السابقة، سيتم توسيعها أو تغييرها، في اتجاه القطع مع الطابع الاستشاري وتتبع تنفيذ التوصيات الذي كانت من صميم مهامها،إلى مجال الإشراف المباشر على تدبير ومعالجة كل الملفات الحقوقية بما في ذلك الملفات التي ظلت عالقة، لإعادة تبييض صورة المؤسسة، ومن خلالها المغرب في مجال حقوق الإنسان. وإما أن التعيين، مجرد خطوة، تروم إدماج جيلين من الحقوقيين، جيل اشتعل على ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من داخل الهيئة، ويعرف تفاصيل ومخاضات الولادة العسيرة لهذا الورش الحقوقي، ممثلا في اليزمي، وجيل آخر، واكب التجربة عن قرب، وتكلف بمراقبة وتتبع تنفيذ ما خرجت به الهيئة من توصيات، طيلة الخمس سنوات الماضية، إلى حد إحراج لدولة، التي راهنت على التسويق الإعلامي للمجهود الحقوقي، ولا سيما، في العلاقة مع واشنطن وأوروبا، دون بحث مجموعة من الملفات العالقة. عملية الدمج هذه، من الممكن أن تكون الدولة راهنت عليها، لإطلاق دينامية حقوقية جديدة، تعيد الاعتبار للمسألة الحقوقية، وتسمح بطرح السؤال الحقوقي من جديد، بعد الاحتقان الذي تولد لدى الحقوقيين المغاربة بسبب تعطيل تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الحكامة الأمنية والإصلاح الدستوري والمؤسساتي والقانوني و إصلاح القضاء وتسوية ما تبقى من ملفات عالقة يعود زمنها إلى سنوات سنوات الجمر والرصاص. إلا أن السؤال الذي يطرح اليوم ،هو لماذا وقع الاختيار على الصبار تحديدا؟ وهو الرئيس الشرفي لمنتدى الإنصاف والمصالحة، الذي رفع في مؤتمره الأخير شعار ممفاكينش؟ هناك احتمالات لاترقى إلى أجوبة شافية ووافية على هذا السؤال الذي سيظل مفتوحا إلى أن تتضح العناصر الكافية للإجابة السليمة عليه؟ هناك من المراقبين من اعتبر، أن تعيين الصبار،فيه إشارة سياسية دالة، من الدولة إلى قوى اليسار الجدري، بتنظيماتها المدنية والسياسية، من أن الدولة لا مشكل لديها في بناء المرحلة المقبلة مع اليسار الجدري. وهناك من فسر التعيين، على أنه مكافئة مستحقة للصبار، على مواقفه بشأن قضية الوحدة الترابية، التي كادت أن تعصف بمؤتمر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الأخير. وهناك رأي ثالث فسر الأمر، على أنه خطوة ذكية من الدولة، لخلق تصدع داخل بيت اليسار الجدري، ولا سيما، الحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، كثالوث مزعج للدولة ومحرك لكل الحركات الاحتجاجية التي تشهده مناطق متفرقة من البلاد. من المعلوم، أن الصبار، من قيادات حزب الطليعة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والرئيس الشرفي للمنتدى، وبالتالي،فان تعيينه أمينا عاما للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لا يمكن له أن يمر،دون حدوث سجال داخل هده التنظيمات، التي تنخرط اليوم بقوة في دعم ومساندة شباب حركة 20 فبراير. لأنها ستعتبر بأن الرسائل الموجهة إليها، معنية باستيعابها لتقدير طبيعة الوسيلة المناسبة في التعامل معها. لكن في جميع الأحوال، أبسط حل، يمكن للصبار اللجوء إليه، لتبرير قبوله المنصب،أو لتبرئة ساحة هذه التنظيمات والحفاظ على ماء وجهها، هو الاستقالة منها، خاصة إذا كان قرار تعيين الصبار، تم الترتيب له من دون علم رفاقه في المنتدى والجمعية والطليعة. إلى حدود الآن، هذه القراءات، تبقى أولية في ظل عدم وضوح الصورة كاملة، عن طبيعة التغييرات التي ستطال هذه المؤسسة، وعن طبيعة الأهداف الغير معلنة التي يمكن أن تكون قد تحكمت في قرار التعيين،في لحظة يعرف فيها المغرب حراكا سياسيا كبيرا، واحتجاجات يومية بالشارع، سقف مطالبها يفوق بكثير مجرد التعيين في مؤسسة، لم تكن صلاحياتها تتجاوز نطاق الاستشارة ومتابعة تنفيذ التوصيات.