بعد مُقام طال قرابة ثلاث عقود بإحدى الدول الإسكندنافية، أضحى لدي انطباع أن الإدارة المغربية تعاني تأخرا لما رأيته من توار بعدة مكاتب. لكن، زيارتي للمكان تجعلني أمعن النظر من جديد أملا في تغيير نظرتي بأن مغربي في مناطق مازال الخير في إدارته حديثي عن ثورة نماء بإحدى أهم جهات المملكة، منطقة تسلطانت، واحدة من بين أحد مستقطبي الاستثمار العالمي في مجال السياحة. إنما ذاك حقيقة حديث عن إدارة رئيس جماعة المنطقة، السيد عبد العزيز درويش. سألت الرجل أن يحدثنا عن الذي حصل بالمنطقة من ازدهار بعدما كانت شبه قاحلة منذ عقد من الزمن، فرد قائلا "صبي مكافح عشت هنا بين أهلي بدوار سيدي موسى. كنت وبقية الرفقاء نمشي أميالا إلى الإعدادية والثانوية.. لطالما حلمت بدوار كهذا الذي تراه أمامك اليوم..الماء والكهرباء كانتا إحدى خصاص دواوير تسلطانت.. وتابع درويش "في عهد قائد ثورة النماء سيدي محمد السادس ملكنا أطال الله لنا في عمره، كان الكهرباء من أولى اهتماماته، فسعيت في أن أكون بدوري سببا في إسعاد ساكنة الدواوير التي وصلت نسمتها اليوم إلى واحد وسبعين ألف نسمة. بفضل الله مع مجموعة من الإخوة من أبناء المنطقة سعينا في إحداث شبكة طرق تعد اليوم من أهم طرق المملكة. واستطرد درويش "صحيح، أن هناك إكراهات عدة في هذا الشأن كمشكل حوادث السير، إلا أننا بجدية نحاول إيجاد حلول علها تنقص من حدة هذه المعضلة، كإنشاء مدارات متعددة بالطريق الواحد لتكسر تلك السرعات المهولة، فضلا عن الدورات التكوينية لتلامذة المدارس في موضوع التعامل مع الطرقات. الماء الشروب والواد الحار كانتا من بين أولويات عملنا الجاد، إذ ساهمنا في هيكلة مجموعة من الدواوير والباقي ضمن إعادة التأهيل. المؤسسات التعليمية كانت كذلك أمرا مهما في جدولنا، فكلما تذكرت تلك الأميال التي مشيتها من دواري إلى المدينة أسرعت الخطى في عملي هذا..ففي ظل سياسة مولوية تسعى إلى مغرب أبناؤه يرتدون المدارس من كلا الجنسين، حاولنا بدورنا في جماعة تسلطانت محاربة الهدر المدرسي رغم حدود الإمكانيات آنذاك. اليوم بترابنا لدينا أحسن دار على مستوى المملكة في مثال مؤسسة دار الطالبة، كما توجد المدارس الابتدائية و الإعدادية و الثانوية على أمل ان نسارع في رفع عدد المؤسسات التعليمية بجهتنا. مازلنا مهتمين بإنشاء مراكز صحية تغطي خصاص الساكنة من المرضى الذين يعانون صحيا، فدائماً نتحدث عن نسمة تفوق السبعين ألف في ظل معيقات يعيشها مغرب اليوم على مستوى الصحة، إلا أننا جادين في المساهمة في تخفيف وطأة المشكلة. ففي هذه السنة 2015 تم بناء مركز صحي جديد بدوار الشريفية، وأملنا في إنشاء مراكز أخرى. نحاول كذلك تطوير أساليبنا في الوصول الى الساكنة النائية قراها؛ و كوسيلة ناجعة تم إحداث شراكة مع مندوبية الصحة من مدة قريبة، أقحمنا في هذه الشراكة بعض الجمعيات بتراب الجماعة لما لهذه الأخيرة من دور هام على مستوى الشأن ذاته و كذا على مستوى المجتمع المدني. كجماعة نشيطة تم توفير سيارتين للإسعاف وتوظيف ثلاثة سائقين، كما سيتم كذلك تسهيل إمكانية التنقل للأطباء والممرضين من المركز الصحي إلى باقي الدواوير البعيدة. مازلنا نسعى في إيجاد مصادر للاستثمار بالمنطقة لما لهذا الركن من أهمية في نماء وازدهار المنطقة اقتصاديا. لهذا فموضوع الأمن ضرورة مؤكدة ونسعى إلى انتشاره بالمنطقة رغم إكراهات هي موجودة على المستوى العام كالبطالة وأسباب أخرى لا تغيب على المتتبع للوضع العام بأرجاء عالمنا. مازال ينظر إلي هذا الرجل المصر على تحديه وهو يبتسم أخيراً كما لو كان يريد القول: "نقطة بنقطة يحمل الوادي"* وفي لقاء بدار الطالبة، يحدثنا مديرها عبد الغني الزنجالي بخصوصها، إذ قال: الهدر المدرسي بقرى المغرب أضحى كارثة عظمى. ففي ظل ما تعرفه القرى المجاورة من هدر مدرسي، كان لزاما على جمعيتنا تسلطانت للتنمية والرياضة والثقافة الأخذ بالخطوة الأولى وخلق فضاء اسمه دار الطالبة. فأسلوب تعامل المؤسسة مع المتمدرسات وبرنامج الإقامة من الأولويات التي وضعت ضمن برامج المؤسسة، من أجل هذا عيَّنا أطرا و مربيات أكفاء لتحقيق مبتغى جيد. نحن نؤمن أن المؤطر يلعب دورا مهما في تطوير قدرات التلميذ. موازاة مع ذلك خلقت المؤسسة إمكانية المبيت في شكل إقامة جيدة للمستفيدات والتي تتلاءم مع الشروط الصحية والتربوية، نفس الشيء بخصوص التغذية المتوازية هنا بالدار. لقد ركزت المؤسسة كذلك على جانب البيئة التي أضحت موضوع الساعة. إن تكوين الطفل يتم عبر مراحل مهمة، أهمها الأسرة. فمن بين المقيمات هنا اليتيمات و الفقيرات، بل وحتى ممن لا مدرسة و لا مأوى لهن بمحل اقامتهن، لهذا حاولت المؤسسة أن تكون أحسن بديل لهؤلاء التلميذات اللاتي منهن من تزوجن و كنا الكفيل لها بدار الطالبة. الرعاية الصحية تتم بصالة بداخل المؤسسة، حيث الطبيبة و الممرضة تزورنا بانتظام للكشف على التلميذات. لهذا الأمر أعددنا معدات صحية بعين المكان. تعامل المربيات هنا مع المقيمات من المتمدرسات تشعرك ان هناك استراتيجية في الأسلوب التربوي بالمؤسسة فضلا عن رحمة بقلوب المغاربة من أبناء أهالي تسلطانت. أما المصلى هناك فيجعل الزائر ينمو فيه إحساس الاطمئنان.