يعيش الأرخبيل الأندونيسي، المتكون من أزيد من 17 ألف جزيرة، الانتخابات الجهوية التي سيختار فيها الناخب، في اقتراع مباشر، أعضاء 260 مجلسا محليا ورؤساء هذه المجالس وكذا رؤساء 9 محافظات كبرى. ويشكل هذا الاقتراع أول تجربة يخوضها الناخب الأندونيسي من خلال اختياره في عملية انتخابية واحدة، وبشكل متزامن أي في يوم واحد، لمسيري الشأن العام المحلي من محافظين وحكام ورؤساء البلديات. وكانت أحزاب المحافظة، التي تشكل المعارضة في البرلمان الأندونيسي، قد حاولت تغيير قانون الانتخابات وخاصة البند المتعلق بالاقتراع المباشر لرؤساء المجالس، إلا أن حزب النضال الديمقراطي، الذي ينتمي إليه الرئيس جوكو ويدودو، حال دون ذلك، وأصدر مرسوما رئاسيا يصر فيه على تحكيم الشعب في اختيار ممثليه المحليين. واعتبر الملاحظون أن هذا الحدث فريد من نوعه في التجربة الديمقراطية بالبلاد مما دفع بالنخب إلى دعوة الحكومة لتوخي الحذر واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بإنجاح التجربة التي تشرف على تنظيمها وزارة الداخلية. وأكدت الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الأندونيسي على أهمية حرص القوات النظامية، من شرطة وجيش، على ضمان ظروف آمنة لهذه الانتخابات و"جعل الموعد عيدا للديمقراطية بالبلاد". وفي هذا السياق، أكد قائد الشرطة الأندونيسية، الجنرال بدر الدين هايتي، في تصريحات صحفية، أن قوات الأمن على استعداد لتأمين الظروف الجيدة خلال انتخابات 9 دجنبر ، مشددا على أنه تم اتخاذ اجراءات إضافية درء لكل طارئ. ومن جهة ثانية، حذر محللون سياسيون إندونيسيون من وقوع أي تجاوزات قد تؤدي إلى فشل التجربة بأكملها، داعين السلطة المنظمة إلى التزام الحياد وخاصة في المناطق التي تعرف حضورا قويا لأصحاب النفوذ الذين يسعون إلى إعادة انتخابهم. ودعت وسائل الإعلام الأندونيسية إلى تعزيز آليات التعامل مع الشكايات التي يتقدم بها الناخبون أو المرشحون، وتحديد مسار كل شكاية حسب تصنيفات وضعت في السابق، حسب الموضوع، مشيرة إلى أن اللجنة المنظمة عليها أن تتعامل بسرعة مع المخالفات التقنية فيما تعرض المخالفات الأخلاقية على مجلس الأخلاقيات وتعرض المخالفات القانونية على المحكمة الدستورية. وعلى الصعيد الأمني سيشارك الجيش، إلى جانب 192 ألف عنصر من الشرطة، في حماية كل نقط الاقتراع في ستة آلاف جزيرة مأهولة بما يقارب 250 مليون نسمة، منهم من يقطن في مناطق تتميز بتضاريس صعبة، أو غابات جبلية استوائية، مثل كاليمانتان وبابوا وسومطرة. واعتبر المحللون السياسيون أن الانتخابات الجهوية، بصيغتها الأندونيسية الجديدة، ستحتم على الأحزاب الحرص على النجاح في تدبير الشأن المحلي، لضمان شعبية تؤهلها إلى الانتخابات التشريعية التي هي مفتاح الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن الشعبية التي حظي به الرئيس الحالي، حين كان محافظا بإقليم صغير غرب جزيرة جاوة، هي التي أقنعت ساكنة جاكرتا بانتخابه محافظا للعاصمة ثم رئيسا للجمهورية. * و.م.ع