أندونيسيا، البلد الآسيوي الذي نال استقلاله عام 1945 بعد حروب طاحنة للتحرر من الاستعمار الهولندي ثم الياباني، يحتفظ طيلة العشرية الأخيرة بتجربة توصف ب"الناجحة"، وتهم منح جاكرتا لحكم ذاتي إلى إحدى الجزر المهمة، وهي إقليم "آتشيه" الذي يقع شمال جزيرة "سومطرة"، غرب البلاد. وتشير معطيات توصلت إليها هسبريس إلى أن الدبلوماسية الأندونيسية المعتمدة في الرباط قد وضعت بين يدي المسؤولين المغاربة تجربة الحكم الذاتي ل"آتشيه"، الذي منح لساكنة الإقليم الإندونيسي عام 2002، بعد جلسات حوار ومشاورات نظمت تحت وساطة الأممالمتحدة في العاصمة الفينلندية هلسنكي، وهي التي كللت بالنجاح. المعطيات ذاتها تورد أن التجربة الأندونيسية، المتوصل بها من لدن المغرب قبل أشهر، في فترة تواجد السفير الأسبق سوتاري ويدجاجا بالرباط، قد نالت إعجاب المسؤولين بالمملكة، وهم الذين عبروا عن "قبول شكلي" للعرض الإندونيسي، في حين ترى جاكرتا أن تجربتها مع "الحكم الذاتي" تعد "ناجحة ورائدة". يعد "آتشيه" من أغنى الأقاليم في إندونيسيا، لما يتوفر عليه من مخزون معدني ونفطي، لكن ساكنته، ومنذ عقود سابقة، بقيت الأقل استفادة من العوائد المادية لتلك الثروات، ما ولد لديها شعورا بالظلم وغياب العدالة في اقتسام خيرات البلاد؛ ما شكل شرارة لانطلاق احتجاجات ضد الحكومات السابقة، بالموازاة مع مطالب ب"تطبيق الشريعة"، لأن غالبية الساكنة في "آتشيه" مسلمة. توالي الاحتجاجات وظهور مطالب بالانفصال عن أندونيسيا، وكذا إقامة "دولة إسلامية" تبنتها حركة "جام" المتمردة، خاصة عقب سقوط حكم سوهارتو، هي مظاهر رأت فيها حكومة جاكارتا المركزية رسالة قوية من الساكنة، المتجاوز عددها 3 ملايين نسمة، فاستجابت لها عام 2002 بمنح حكم ذاتي للمنطقة. بعد هذا التاريخ أصبح ل"آتشيه" اسم جديد هو "آتشيه دار الإسلام"، أو Nanggroe Aceh Darussalam، وتعرف اختصارا ب"NAD"، حيث تتوفر حكومة مستقلة عن حكومة جاكرتا، يرأسها عبد الله زيني الذي انتخب عام 2012 لولاية تمتد على خمس سنوات؛ فيما يتمتع الإقليم بقضاء مستقل عن السلطة المركزية، أما الميزانية فهي بدورها بعيدة عن سلطة جاكرتا، مع اتفاق على اقتسام الثروات وفق نسبة محددة.