أطلقت مؤسسة الفكر العربي، من العاصمة المصريّة القاهرة، وثيقة "التقرير الثامن للتنمية الثقافية" التي ركزت على "التكامل العربي وإشكاليات الهوية العربية وتحدياتها". ودعا التقرير إلى "إعادة التفكير بالعلاقة بين العروبة، كانتماء ثقافي ولغوي من جهة، والقومية العربية كإديولوجية تأثرت بالأفكار القومية التي عرفتها أوروبا، من جهة ثانية". وتناول الباب الأول من التقرير "إشكاليات الهوية العربية وتحدياتها"، داعيا إلى "التصدي لخطابات الإقصاء والتهميش وممارساتها"، وإلى "العمل الدؤوب على إصدار التشريعات والأخذ بالسياسات التكاملية في شتى أرجاء الوطن العربي". أما الباب الثاني وهو حول "التكامل العربي ومشروع الدولة الوطنية" فتطرق للمهمة الرئيسية والعاجلة التي تكمن في مواجهة مشروعات "تفكيك الدولة الوطنية العربية، ووقف التشكيك فيها، والعمل على تحصينها ثقافيا وسياسيا ومجتمعيا، وتعزيز الولاء لها والانتماء إليها وإعادة الاعتبار لمؤسساتها". وتطرق الباب الثالث من الوثيقة إلى " الثقافة العربية في واقع وإقليم مضطرب"، مقاربا "الإمكانات المتاحة للتكامل الثقافي وأنماطه المتعددة وأشكاله، في ظل قراءة للواقع الموضوعي، ولحالة التفاعلات الثقافية العربية المختلفة والمتعددة". بينما ركز الباب الرابع على "التكامل العربي : التعاون الأمني والعسكري في الوطن العربي"، مستحضرا "أهمية التكامل العربي، في المجالين العسكري والأمني، كضرورة تفرضها المتغيرات التي تشهدها المنطقة، وانطلاقا من أهمية التوازن العسكري المنشود في ظل التحولات التي طرأت على التوازن الإقليمي". وكرس الباب الخامس من التقرير "التكامل العربي .. الأبعاد الاقتصادية" حيزا واسعا للبعد الاقتصادي ، انطلاقا من أن مبررات الدعوة إلى التكامل تكمن في ضرورات توسيع أسواق المنتجات والخدمات، والعمل ورأس المال اللازم للتصنيع، باعتبار أن هذا التوسع هو نتيجة حتمية لأي تكامل اقتصادي حقيقي بين الدول العربية وغيرها من الدول النامية. أما الباب السادس والأخير من التقرير فقد خصص ل"جامعة الدول العربية .. الواقع والمرتجى"، فركز على المضامين الجديدة لعملية الإصلاح ، حيث أثار مسألة " تعديل ميثاق جامعة الدول العربية وتحديث علاقاتها مع الشعوب العربية من خلال تأهيل المجتمع المدني، وتطوير البرلمان العربي وإدخال مفاهيم التدخل الإنساني والمسؤولية الإنسانية والعدالة الانتقالية والمصالحة الحقيقية، وذلك في إطار عصرنة القيم ذات الصلة، بما يستدعيه النظام العربي من تجديد للمفاهيم ومن استحداث لها كمحفز لعملية الإصلاح". الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي، في كلمة بالمناسبة ، قال إن "هذه المرة الأولى التي يكون موضوع مؤتمر مؤسسة الفكر والتقرير حول التكامل العربي، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها إعداد التقرير من خلال ست ورشات عمل ،عقدت في الجامعة العربية على مدى أسبوعين، وحضرها 120 خبيرا ومفكرا وباحثا". وقال الفيصل إن "التقرير يعد الأول في سلسلة من الأبحاث والتقارير التي تعتزم مؤسسة الفكر العربي إصدارها، في السنوات القادمة، وهو ثمرة تعاون بين المؤسسة والجامعة العربية"، بينما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، حرص الجامعة على تعزيز التعاون مع مؤسسة الفكر العربي، كونها مؤسسة عربية تعنى بقضايا الفكر العربي، واستطاعت أن تفتح آفاقا جديدة للحوار البناء والتفاعل الخلاق بين مختلف التيارات والمدارس الفكرية العربية، المنفتحة على الثقافة الإنسانية المعاصرة. وأضاف العربي أن مؤتمر "فكر 14" سوف يشكل محطة بارزة في مسيرة التعاون بين جامعة الدول العربية ومؤسسة الفكر العربي، والتي تتطلع إلى وضع لبناتها التأسيسية في هذا المؤتمر، لتشكل أجندة العمل المشترك للتكامل العربي لعام 2016، وتتوج بعقد قمة ثقافية عربية تعنى بقضايا الفكر والهوية والتحديث والتجديد من أجل صحوة عربية ونهضة شاملة. أما مدير مؤسسة الفكر العربي ، هنري العويط ، فأكد أن هذه المؤسسة خاضت، هذه السنة، تجربة جديدة وهي تتطلع إلى أن تصبح تقليدا راسخا في أسلوب عملها. وقال إنه "تم اختيار موضوع التكامل العربي موضوعا محوريا للمؤتمر، بالنظر لما تعانيه الأمة العربية من انقسامات وصراعات وتحديات مصيرية تهدد بقاءها، وإدراكا لأن المسيرة تتطلب الكثير من المراحل، فمعظم التجارب تشير إلى المعوقات الموجودة بطريق التكامل، وينغي العمل على حلها". تجدر الاشارة إلى أن "مؤسسة الفكر العربي"، التي تتخذ من بيروت مقرا لها، هي مؤسسة دولية أهلية مستقلة، أطلقها الأمير السعودي خالد الفيصل سنة 2000 ، وتعنى بمختلف سبل المعرفة من علوم وطب واقتصاد وإدارة وإعلام وآداب في سبيل توحيد الجهود الفكرية والثقافية.