تصاعدت بشكل ملحوظ حملات الكراهية ضد المسلمين في أوروبا بعد هجمات باريس الأخيرة، وهذا ما جعل بعض الخبراء يدعون بشكل عاجل إلى التوقف عن تشويه سمعة الجالية المسلمة وتطوير استراتيجيات للمصالحة والتعايش. "الهجمات ضد المسلمين بدأت في نفس الليلة التي نُفِّذت فيها اعتداءاتُ باريس"، يقول ياسر اللواتي المتحدث باسم "جمعية التصدي للخوف من الإسلام" في فرنسا، في حديث مع DW. ويضيف اللواتي إن الجمعية تلقت العديد من الصور لمساجد ومطاعم يملكها مسلمون، تم تخريبها صباح اليوم التالي لهجمات باريس الإرهابية، التي وقعت مساء الجمعة (13 نوفمبر 2015) وقتل فيها 130 شخصا وجرح أكثر من 350 آخرون. ياسر اللواتي لديه عدة أمثلة على جرائم الكراهية، التي ارتكبت ضد المسلمين في الأيام القليلة الماضية. في نانتير، وهي مدينة تقع في الضاحية الغربية لباريس، تعرضت امرأة وطفلها الرضيع لاعتداء من رجل مسن حيث قام بدفعها وشتمها. وفي مارسيليا جنوبفرنسا "تعرضت فتاة للكم على وجهها والضرب على صدرها بشفرة حلاقة"، يقول اللواتي، ويضيف أن معظم الضحايا من النساء كن يرتدين لباسا إسلاميا، يغطي كل الجسم ما جعلهن أهدافا سهلة للمعتدين. ويعرب المتحدث باسم "جمعية التصدي للخوف من الإسلام" في فرنسا عن أسفه لعدم تحرك الحكومة الفرنسية بشكل سريع هذه المرة ضد الاعتداءات بحق المسلمين وإدانتها. منظمات مثل " Tell MAMA"، التي تسجل جرائم الكراهية ضد المسلمين تقول إن هذا النوع من الاعتداءات ارتفع بنسبة 300 بالمائة في المملكة المتحدة منذ اعتداءات باريس. وتم تسجيل 115 حادثا في أول أسبوع بعد تاريخ 13 نوفمبر. الأمور لا تبدو أفضل بكثير في ألمانيا فقد أوضح أيمن مزيك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، كيف أن مسجدا في مدينة ساربروكن غرب ألمانيا تعرض للتخريب بعد وقت وجيز من وقوع هجمات باريس، وكتب المخربون "قتلة وخنازير" على مدخل المسجد، يقول مزيك ل DW. تنامي انعدام الأمن؟ وقطعت المنظمات الإسلامية عملها من أجل التركيز على مكافحة التحيز ضد أبناء دينهم، وتجنب رد فعل عنيف من المجتمع الذي يعيشون فيه. وبعد هجمات كتلك التي في باريس، يصدر ياسر اللواتي سلسلة من البيانات لتوضيح الموقف حتى لا تكون الجالية المسلمة برمتها في مرمى الاتهامات، وللمساعدة في التفريق بينالتطرف والدين. لكن أيمن مزيك يقول إنه ليس من واجب ما يقرب من أربعة ملايين مسلم في ألمانيا إثبات ولائهم (لألمانيا) في كل مرة يرتكب فيها أشخاص محسوبون على الإسلام عملا من أعمال العنف المنبوذة. ويضيف مزيك "توقفوا عن مطالبتنا بأن ننأى بأنفسنا عن هذه الاعتداءات." وتابع رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا: "أتحدث مثلاً عن المسلمين، الذين قتلوا في هجمات باريس: هل هم أيضا بحاجة إلى النأي بأنفسهم عن قاتليهم؟ كمسلم، يشعر المرء بشعور سيء عندما يتم تحميله مسؤولية أي اعتداء يرتكبه "إسلامي". "وخصوصا بالنسبة للشباب، هذا يمكن أن يكون خطيرا، لأنهم إذا أصبحت لديهم أحكام مسبقة سلبية ضد المجتمعات، التي يعيشون فيها يمكن أن يدفعهم ذلك نحو التطرف"، يقول مزيك. لا يوجد خطر "أسلمة" "في الوقت الحالي يتعاطى العديد من الأشخاص بشكل سيء مع الإسلام والمسلمين لأسباب مختلفة" تقول ياسمين المنور وهي مديرة برامج في مؤسسة برتلسمان في ألمانيا. "لدينا حركة بيغيدا التي تتجمع كل يوم اثنين وتتظاهر ضد أسلمة الغرب. وطبعا بعد هجمات إرهابية كهذه، تتصاعد مثل هذه النشاطات. هذه حقيقة. الناس يشعرون بعدم الأمن بشكل كبير ويتساءلون هل سنتعرض لأمر مماثل غدا؟ وهناك أقلية تستغل هذا الأمر لصالحها" تقول المنور في حديث مع DW. إحدى الوسائل الممكنة لتفادي مثل ردود الأفعال هذه، التي تعقب الهجمات الإرهابية، هي عدم ربطها بشكل مباشر مع أزمة اللاجئين أو طرح التساؤلات عما إذا كان المسلمون اندمجوا بشكل جيد في الاتجاه العام السائد هنا في ألمانيا، لأن ذلك كما، تقول المنور، سيعني أن "كل مسلم هنا يشتبه في كونه مشروع إرهابي". فكرة أخرى جيدة بالنسبة للمنور هي تعريف الإرهاب في حد ذاته وليس تصنيفه على أنه إرهاب إسلامي أو إرهاب يميني. "فالتطرف ظاهرة واحدة، ويجب النظر إليها على هذا النحو. ملامح المتطرفين اليمينيين لا تختلف كثيرا عن المتطرفين الإسلاميين" تضيف المنور. ويشاطر أيمن مزيك هذا الرأي، ويدعو إلى المزيد من التواصل مع الفئة الرئيسية في المجتمع الألماني وبين الأديان "فوق كل شيء، ينبغي أن نكون واضحين بخصوص أن الإرهاب لا يمكن التغلب عليه عن طريق الحرب" يقول رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا. * ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية