تجمع نحو عشرة آلاف شخص مساء الثلاثاء وعلى راسهم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في قلب برلين بدعوة من منظمات اسلامية المانية للتنديد بالاسلاموفوبيا اثر الاعتداءات التي استهدفت فرنسا الاسبوع الماضي. وقال الرئيس الالماني يواكيم غوك في كلمة القاها من على منصة نصبت امام بوابة براندبورغ المنارة بالوان العلم الفرنسي «نحن جميعا المانيا، نحن الديموقراطيون بخلفياتنا السياسية والثقافية والدينية المختلفة، نحترم ونحتاج بعضنا البعض». وتابع: نحن من يؤمن بقدرتنا على العيش بالطريقة التي نرغب فيها جميعا: في اطار الوحدة والقانون والحرية، وهو شعار المانيا الفدرالية. وتابع الرئيس الالماني أن «المانيا باتت اكثر تنوعا على المستويين الديني والثقافي بفضل الهجرة». وكانت ميركل أعلنت الاثنين الماضي ان الاسلام جزء من المانيا معربة عن الامل بان يوجه هذا التجمع «اشارة قوية جدا دفاعا عن التعايش الهادىء بين مختلف الاديان». وقام المسؤولون في المنظمات الاسلامية بوضع باقة من الزهور البيضاء امام مقر السفارة الفرنسية قرب بوابة براندبورغ كتب عليها «الارهاب: لا يحدث باسمنا». وقال رئيس المجلس المركزي لمسلمي المانيا ايمن مازياك في كلمة قصيرة «ان الارهابيين لم يربحوا ولن يربحوا» قبل ان يطلب الوقوف دقيقة صمت تكريما لذكرى الضحايا ال17 للاعتداءات التي وقعت في فرنسا الاسبوع الماضي. واضاف «هل كان الارهابيون يريدون الانتقام للنبي؟ لا ! بعملهم هذا ارتكبوا اكبر معصية». والقى نائب رئيس المجلس المركزي ليهود المانيا ابراهام ليهرير كلمة قال فيها انه «يدين بشدة اعمال الانتقام خصوصا الاعتداءات التي استهدفت المساجد» كما اعرب عن القلق ازاء «التطرف الذي يزداد قوة في الاسلام» وازاء «تزايد اعداد اليهود الفرنسيين» الذين يغادرون الى اسرائيل. وعلى غرار ما فعل مازياك قبله اعرب المسؤول اليهودي عن «عميق احترامه» للشاب لاسانا باتيلي الموظف المسلم المالي في المتجر الخاص بالاطعمة اليهودية في باريس الذي تعرض الجمعة الماضي الى اعتداء. فقد قام هذا الشاب بمساعدة عدد من زبائن المتجر على الاختباء في غرفة طيلة فترة احتجاز الرهائن. وقال ابراهام ليهرير أنه بالنسبة اليه الامر لم تكن له علاقة بالديانة بل ببشر. ومن جهته اعتبر المسؤول الاول عن يهود المانيا الثلاثاء ان اليهود الاوروبيين لن يكونوا اكثر امنا في اسرائيل منهم في اوروبا في حال هجرتهم، وذلك ردا على كلام رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي شدد على ان اسرائيل هي «وطن» يهود فرنسا. وقال جوزف شوستر ردا على سؤال لاذاعة محلية «ان الناس في اسرائيل مهددون بهجمات ارهابية» مضيفا «انا لا اعتبر ان العيش في اسرائيل اكثر امنا منه في اوروبا خصوصا في المانيا». وبعد ان اعتبر نتانياهو ان اسرائيل هي «وطن» يهود فرنسا اثر الاعتداء على متجر للاطعمة اليهودية في باريس الجمعة الماضي ما ادى الى مقتل اربعة اشخاص، رد عليه رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس قائلا ان فرنسا من دون يهود لن تكون فرنسا. ورفع الحشد الذي قدر بعشرة الاف لافتات مثل «انا مسلم اريد ان اعيش لا ان اقتل» و«مسلمو المانيا متضامنون مع ضحايا التطرف الاسلامي في باريس ونيجيريا والعالم اجمع. نحن ضد معاداة السامية والحقد». وقالت المعارضة الايرانية باروين هايداريان (61 عاما) وهي تشارك في التظاهرة «ما حدث في باريس لا علاقة له بالاسلام. نحن نناضل دفاعا عن حرية الراي وحرية الصحافة ومن اجل الغاء فتوى قتل سلمان رشدي». كما عبرت المؤرخة الالمانية من اصل تركي ديليك غوفين (45 عاما) عن سرورها لنجاح تظاهرة باريس الاحد الا انها قالت انها تشعر «بالحزن كلما تم التشديد على كونها مسلمة» مضيفة «افضل ان يقال بكل بساطة انني المانية». ومنذ وقوع الاعتداءات في فرنسا والسلطات الالمانية تتخوف من ارتفاع حدة التوتر في المانيا التي يبلغ عدد سكانها 81 مليون نسمة وتضم حوالى اربعة ملايين مسلم يشكل الاتراك القسم الاكبر منهم. ولبى الاثنين الماضي أكثر من 25 الف متظاهر في دريسدن -رقم قياسي جديد- دعوة حركة بيغيدا (وطنيون اوروبيون ضد اسلمة الغرب) التي تنظم منذ تشرين الاول/اكتوبر تظاهرات معادية للاسلام في هذه المدينة الواقعة في شرق البلاد. وكان قادة بيغيدا الذين شعروا ان الاعتداءات الجهادية في فرنسا تمنح تحركهم شرعية، دعوا الى تكريم «ضحايا الارهاب في باريس»، طالبين من المتظاهرين رفع شارة سوداء. وفي الوقت نفسه، تظاهر الاثنين اكثر من 100 الف شخص في كبرى مدن البلاد، ولاسيما ميونيخ (جنوب، 20 الفا) وهانوفر (شمال، 17 الفا) وساريبروك (جنوب غرب، 9 آلاف)، ورفعوا في وجه بيغيدا صورة المانيا متضامنة مع ضحايا الارهاب، ومتسامحة ومنفتحة ايضا على العالم. واشارت الهيئات المسلمة المدركة لما تسوقه بيغيدا، في دعوتها الى التظاهر الثلاثاء انها «لن تقبل بأن يمزق مجتمعنا متطرفون لا هدف لهم سوى زرع الكراهية والشقاق بين ابنائه». وأضافت «سواء كنا مسلمين او غير مسلمين، يتعين علينا خصوصا في هذه الفترة ان ننهض معا من اجل الديموقراطية». وافاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه الاسبوع الماضي، ان 57 % من الاشخاص يعتبرون الاسلام تهديدا في مقابل 24 % يرغبون في منع هجرة المسلمين.