تتزايد المخاوف لدى الجاليات المسلمة في البلدان الاسكندنافية وشمال أوروبا، بسبب تأثيرات الأحداث الإرهابية الأخيرة، على أوضاعها، أفرادا وجماعات، بفعل الخلط القائم بين الإسلام والإرهاب، ما يجعلها تحث الخطى لتأسيس أرضية للتواصل والتعبئة من أجل الدفاع عن العيش المشترك. وسواء تعلق الأمر بالمهاجرين القاطنين في أحياء "نوريبرو" بكوبنهاغن الدنماركيّة، أو "فيرينكيبي" بضواحي ستوكهولم السويديّة، أو غيرهما من مناطق التواجد المكثف للجاليات المسلمة في اسكندنافيا وشمال أوروبا، فإن القلق يسود في أوساطها من ربط الإسلام بالتطرف والإرهاب وهو ما يستغله اليمين المتطرف. وقد غذّت هذه المشاعر الهجمات الإرهابية، التي ارتكبت يوم 13 نونبر الجاري في العاصمة الفرنسية باريس، بشكل أفضى إلى رفع منسوب التخوف لدى الجاليات المسلمة في المنطقة. بينما يرى جمعويون مغاربة، في هذه المنطقة الأوروبية، أنه قد حان الوقت للتعبئة والتكتل، في إطار جبهة مشتركة للدفاع عن قيم العيش المشترك ومواجهة التطرف، وتشييد جسر حقيقي للتواصل بين البلدان الأصلية والمستقبلة. وفي هذا الصدد، أسس أفراد من الجالية المغربية المقيمة في البلدان الاسكندنافية وشمال أوروبا، بكل من النرويج والدنمارك والسويد وفنلندا وإيسلندا، إطارا مدنيا باسم "تنسيقية مغاربة اسكندنافيا وشمال أوروبا". وقال كريم عسكري، عن مؤسسة الحوار والتواصل المغربي بآيسلندا، إن تأسيس هذه التنسيقية يأتي في إطار "تقوية البعد الديني المعتدل للمغاربة، مع العزم على تثبيت الهوية الوطنية لدى أفراد الجالية المغربية المقيمة بالمنطقة وحمايتهم من الأفكار الدخيلة". وأكد عسكري، في تصريح صحفي، على ضرورة حماية الشباب من التطرف والأفكار الدخيلة من خلال التكوين الديني الرصين، مشيرا إلى أن من مهام هذه التنسيقية المساعدة على تكوين صورة إيجابية عن الإسلام الوسطي، وعلى الخصوص، في صفوف الشباب الذين يستهدفون بشكل كبير من قبل أصحاب الأفكار المتطرفة والمتشددة. ومن جهته، اعتبر خالد وهام، رئيس جمعية "العمال المغاربة بالنرويج"، والعضو بالتنسيقية، في تصريح مماثل، أن إحداث هذه التنسيقية يأتي استجابة للرغبة في توحيد جهود المغاربة في المنطقة والتصدي للأفكار الدخيلة. وأكد وهام، العضو بحزب العمال النرويجي، على أهمية إظهار الدين الإسلامي على حقيقته والجانب المشرق من تاريخ المسلمين، معتبرا أن للمغاربة دورهم الكبير في محاربة الإرهاب وتقوية الجانب المعتدل في الفكر الإسلامي. وشدد على أن تعزيز الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان في المغرب اعتمد أيضا على تبني المملكة للإسلام المعتدل، وهو ما جعل العديد من الدول تنظر إليها كنموذج فعال للتدبير الديني. ومن جهته، قال أنور التويمي، رئيس "المجلس الاستشاري الدنماركي المغربي" بالدنمارك، أنه من خلال هذه التنسيقية، سيعمل مغاربة المنطقة على نشر الوعي الثقافي بين الجالية المغربية، وذلك عبر أنشطة وفعاليات ثقافية وفنية. وأضاف، في تصريح صحفي، أن من بين أهداف هذا التكتل الجمعوي تقوية الروابط الثقافية والاجتماعية مع الوطن الأم، وتحقيق تقارب فعال بين الأجيال المتعاقبة داخل الجالية المغربية بالمنطقة، والتعريف بكل المجالات الثقافية والدينية في صفوف الجيلين الثاني والثالث من أجل تحقيق انسجام ثقافي وهوياتي رصين. يذكر أن هذه التنسيقية تروم تعزيز أواصر الصداقة بين المغرب والبلدان الاسكندنافية وشمال أوروبا، والتوعية والتحسيس بالقضايا الراهنة، والتعريف بالقضية الوطنية والدفاع عنها من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة. * و.م.ع