دق "الائتلاف ضد الاعتداء الجنسي على الأطفال" ناقوس الخطر بعد تزايد الاعتداءات خلال هذه السنة بالمقارنة مع السنوات الماضية، إذ كشف في تقريره السنوي، الذي عرضه صباح اليوم بالرباط، أنه تم تسجيل أكثر من ثلاث حالات اعتداء جنسي على الأطفال في اليوم. وفي مقابل "هتك العرض"، توجد أنواع أخرى من الاعتداءات، يورد التقرير، لكنها لا تدخل في هذه النسبة، مثل التحرش الجنسي، خصوصا في حق البنات القاصرات، والزواج بهن دون رضاهن، بالإضافة إلى مضايقتهن في بعض المؤسسات التعليمية أو الاجتماعية أو الخيرية، وكذا محاولة استدراجهن ثم الاعتداء عليهن جنسيا. وكشف الائتلاف أن مجموع حالات الاعتداء على الأطفال بلغ 935 خلال العام الحالي، وفق ما توصل به من شكايات وما تطرقت إليه الصحافة، في الوقت الذي تبقى حالات أخرى غير مسجلة لديه لعدم حصوله على المعلومة بشأنها. كما تم تسجيل 75 في المائة من حالات العنف والاستغلال الجنسي، يكون فيها الجاني أحد الأقارب، أو يمتلك سلطة مادية أو معنوية على الأطفال. وبالرجوع إلى عدد الحالات التي تم استقبالها من قبل الائتلاف ما بين سنة 2012 و2015، كشف التقرير استقبال 3266 حالة اعتداء جنسي على الأطفال، ما يبين أن هذه الظاهرة تتزايد سنة بعد أخرى. وتتراوح أعمار الضحايا ما بين 5 و14 سنة، في الوقت الذي يتابع الائتلاف حالة طفلة بمدينة الدارالبيضاء، لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات، تعرضت لاعتداء جنسي من قبل رجل يبلغ من العمر 55 سنة، والذي يتابع في حالة اعتقال، ولم يصدر في حقه الحكم بعد. وتفيد الإحصائيات بأن الأطفال الذكور هم الأكثر عرضة للاعتداء الجنسي من الإناث، في حين أن حالات الاعتداء الجنسي تتوزع حسب طبيعة المعتدي، إذ يحتل الأقارب والجيران صدارة لائحة المعتدين، يليهم المعتدون الغرباء والأجانب، ثم الآباء وأطر المؤسسات التعليمية والخيرية والاجتماعية. وقالت لطيفة فياض، عضو المكتب التنفيذي للائتلاف، إن "هذه الإحصائيات تبقى غير حقيقية، نظرا لعدم توصل الائتلاف بجميع الحالات"، مشددة على "وجود عدد كبير من هذه الاعتداءات في العالم القروي، والذي يصعب الوصول إليه، بسبب صعوبة التضاريس الجغرافية"، كما أشارت إلى أن "عددا من أطفال الجالية المغربية المقيمة بالخارج يتعرضون للاعتداء الجنسي خلال زيارتهم للمغرب". نقص في التشريع وأكد الائتلاف أن القانون الجنائي المغربي لم ينص صراحة على عبارة "الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال"، أو "الاستغلال الجنسي"، ولكنه في مقابل ذلك يعاقب على أفعال "هتك عرض أو محاولة هتكه، في حق كل طفل أو طفلة يقل سنه عن 18 سنة، بعقوبة حسبية من 10 إلى 20 سنة"، وفقا للفصل 486 من القانون الجنائي. وفي مقابل ذلك، "إذا كان الفاعل، حسب الفصل 487 من القانون الجنائي، من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها، وكذلك إذا استعان الجاني بشخص أو عدة أشخاص، فإن العقوبة قد تصل من 20 إلى 30 سنة"، يذكر الائتلاف. ولاحظت الجمعية الحقوقية أن جل الأحكام التي صدرت في ملفات تتعلق باعتداءات جنسية على الأطفال لم تحترم بشكل دقيق مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي، إذ تراوحت الأحكام ببن سنة وأربع سنوات، وأحيان تمت تبرئة المتهمين لعدم وجود الأدلة والحجج. أي دور للسياحة الجنسية؟ واعتبر التقرير أن تزايد عدد السياح الوافدين على المغرب من الدول الغربية ساهم إلى حد كبير في تزايد حالات استغلال الأطفال جنسيا، سواء عن طريق اغتصابهم، أو ترويج أفلام وصور لهم في أوضاع جنسية مختلفة. كما أن حالات اغتصاب "البيدوفيليين" الأجانب للأطفال المغاربة جعلت الائتلاف يعبر عن قلقه من هذا الوضع، "خاصة أن هناك تساهلا للقضاء المغربي في معاقبة الجناة في كثير من الحالات، إذ تكون العقوبات جد مخففة"، يضيف التقرير. وشدد الائتلاف على أن تساهل القضاء مع اغتصاب الأطفال من طرف "البيدوفيليين" الأجانب يعود إلى هيمنة الدولة الأجنبية، بالإضافة إلى ما اعتبره "عدم استقلالية القضاء"، مضيفا أنهم "يلجؤون إلى المغرب من أجل استغلال الأطفال جنسيا، لأنهم يعرفون أن هناك هشاشة في ما يخص حماية الأطفال، ويعرفون أن الجهل منتشر، خصوصا في نواحي مدينة مراكش". حلول مختلفة وقدم خالد الشرقاوي السموني، رئيس الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، عددا من التوصيات من أجل وضع حد لهذه الظاهرة، إذ شدد على ضرورة وضع قانون خاص يتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال، يتم فيه التنصيص على كل الأفعال التي تدخل في مجال الاعتداء الجنسي، دون الاقتصار فقط على جريمة هتك العرض. ودعا السموني إلى إحداث شرطة مختصة للتحقيق في جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، تكون لها خبرة في علم النفس ومهارات استنطاق الأطفال الضحايا، بالإضافة إلى ضرورة تعاون السلطات الأمنية مع الجمعيات غير الحكومية والحكومية، والهيئات الدولية لمحاربة السياحة الجنسية، وإيقاف المجرمين على المستوى الوطني والدولي، وإحالتهم على القضاء. ودعا المتحدث ذاته إلى ضرورة تكوين جبهة وطنية للتحسيس، تقوم بالبث السمعي البصري لفائدة الأوساط الأكثر عرضة للخطر، وتكون التوعية بلهجة مفهومة، مردفا بالتأكيد على ضرورة تكوين جبهة وطنية لمكافحة جريمة الاستغلال الجنسي على الأطفال، تتكون من أسر وضحايا جرائم الاستغلال الجنسي، ومن الجمعيات المهتمة بشؤون الأسرة، والجمعيات النسائية والحقوقية، وجميع الفاعلين والمهتمين بحقوق الطفل والأسرة. وانتقد السموني وزير السياحة، لحسن حداد، مؤكدا أنه "لم يتجاوب مع تقرير الائتلاف، خاصة في ما يرتبط بمقترحات تشديد الرقابة على الفنادق، من أجل وضع حد لهذه الظاهرة". وشدد السموني على تمسك الائتلاف بعقوبة الإعدام في ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية المرتبطة بالقتل، بالرغم من مطالبة عدد من الجمعيات بإلغاء هذه العقوبة من القانون الجنائي.