في مقابل استجابة خطباء الجمعة لدعوة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من أجل تعريف حقيقة الجهاد للناس من على المنابر، تفاعلا مع الأحداث الإرهابية التي ضربت باريس منذ أيام، خرجت قيادات جماعة العدل والإحسان بمواقف تعارض هذا التوجه الرسمي، واصفة إياه "خضوعا لوزارة الأوقاف"، و"سكوتا أخرس عن نصرة قضايا"، قالت إنها أحق بالتضامن من داخل المساجد. محمد حمداوي، مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة العدل والإحسان، تساءل قائلا: "أين هي هذه المنابر من ضحايا جرائم الصهاينة اليومية في فلسطين، والتي خلفت إلى الآن عشرات الشهداء ومئات الجرحى والبيوت المهدمة والمشردين، منذ انطلاق الانتفاضة المباركة الثالثة..؟ هل الإنسان الفلسطيني من درجة ثانية أو ثالثة..؟". وفيما وصف حمداوي، في تدوين له على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، حديث خطباء الجمعة في المغرب قبل يومين، وبأمر من وزارة الأوقاف، عن الجرائم الأخيرة في باريس، ومعنى الجهاد في الإسلام، ب"الأمر الجيد جدا"، أضاف: "منذ انطلاق الانتفاضة في 01/10/2015 لم نسمع حديثا في المساجد عن القضية..!". وأورد القيادي في "الجماعة" أن "الدعاء مع فلسطين والقدس والأقصى على منابر المساجد ممنوع، خصوصا بعد توقيف أكثر من 200 خطيب وواعظ"، متسائلا : "أين هي الادعاءات الرسمية بنصرة القضية؟ وأين هي اللجنة الأسيرة لجنة القدس؟.. لكن الذي يثلج الصدر هو الحضور القوي لقضية فلسطين (..) في نفوس ومشاعر واهتمامات المغاربة قاطبة وتفاعلهم المستمر معها". أما عضو الأمانة العامة لجماعة العدل والإحسان حسن بناجح فقال، تعليقا على التفاعل الرسمي مع اعتداءات باريس الأخيرة، إن "إصرار الأنظمة العربية، بتواطؤ مع المنتظم الدولي، على احتكار الشأن الديني وصياغته في قوالب جامدة لا تنفذ إلى العمق التربوي الملبي لاحتياجات الشباب الروحية والفكرية من شأنه أن يدفع إلى استمرار مشاتل العنف". وزاد بناجح: "إن أبرز دافع لذلك يبقى أيضا محاربة الحركات الإسلامية المعتدلة، التي تساهم بنجاعة وفعالية في تأطير فئات واسعة من الشباب"، إلى جانب ما وصفه ب"الإمعان في توسيع الفوارق الطبقية وضرب العدالة الاجتماعية، وتوسيع دائرة الفقر في قاعدة الهرم...". وكان التقرير السياسي، الصادر أخيرا عن الدائرة السياسية للجماعة، قد توقف عند ما وصفه ب"استمرار احتكار الشأن الديني وتوظيفه في ترسيخ شرعية الاستبداد"، وفق تعبيره، على أن "الأمر يأتي في سياق إصرار دول الاستكبار العالمي على المضي في الانفراد بمقومات الأمة الإسلامية وثرواتها، وإغراقها في البؤس وعدم الاستقرار، وتمزيق بلدانها وإثارة النعرات وتغذية عواملها واستثمار نتائجها". وكانت مساجد المغرب، أول أمس الجمعة، قد تفاعلت مع الأحداث الإرهابية التي ضربت باريس، إذ تلا الأئمة خطبة الجمعة بشكل شبه موحد، هم إدانة الإرهاب وبيان حقيقة الجهاد، استجابة لبلاغ سابق لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أهاب بالخطباء تعريف حقيقة الجهاد للناس والتحذير مما وصفه ب"عصابة من الضالين المضلين".