واصلت الصحف العربية ،الصادرة اليوم الإثنين، تسليط الضوء على تداعيات الإعتداءات الإرهابية التي ضربت باريس يوم الجمعة الماضي وردود الفعل الدولية إزاءها،فضلا عن الأزمة السورية والجهود المبذولة للوصول لحل سياسي لها. ففي مصر كتبت صحيفة (الأهرام) في افتتاحيتها بعنوان ( دروس مجزرة باريس ) أن الإرهاب ضرب هذه المرة بقسوة في باريس مما يعيد إلى الأذهان أن "الحرب العالمية" ضد الارهاب لإزالته طويلة وقاسية بل ومريرة. وانتقدت في هذا السياق مواقف دول غربية من مصر عقب تحطم الطائرة الروسية في سيناء وقرار إجلاء سياحها من شرم الشيخ ووقف رحلات بعض الشركات لمصر. واستطردت " هل يمكن لعاقل أن يدعو لتجنب فرنسا، وتركها لتواجه مصيرها بنفسها (..) إن اللحظة هى لحظة التضامن مع فرنسا ومساعدتها بالمعلومات الاستخباراتية " قبل أن تتساءل في الأخير "هل ستظل العواصم الغربية تمارس هذه السياسة الأنانية المفرطة فى حجب "المعلومات الاستخباراتية" عن بقية الدول التى فى الخطوط الأولى فى الحرب ضد داعش والارهاب" في غشارة بالخصوص إلى مصر. أما صحيفة (الجمهورية) فقالت في فاتتاحيتها بالخصوص إن الغرب وربيبته اسرائيل يتحمل مسؤولية تخليص العالم من جرائم الإرهاب المهددة للعالم عن طريق العمل الجاد والصادق لإنهاء الحروب الأهلية التي أسهم في اشعالها وتصفية النزاعات التي يغذيها بالمال والسلاح وإيجاد حلول سلمية للمشكلات الإقليمية والدولية المستعصية . بدورها كتبت صحيفة (الأخبار) في مقال لها أن الرئيس فرانسوا هولاند قال ،عقب التفجيرات الإرهابية، إن فرنسا في حالة حرب مع الإرهاب،و"هو ذات التعبير الذي استخدمه الرئيس السيسي لوصف الحالة المصرية، فور تعرضنا للعمليات الإرهابية الدموية والجبانة، من جانب جماعات الإفك والضلال والقتل والتخريب والتكفير". وأكدت أن مصر وهي تتصدي بكل القوة والصلابة للإرهاب الأسود تدعو العالم كله للوقوف صفا واحدا وجبهة موحدة لمقاومته ومحاصرته وتجفيف منابعه. وبالإمارات، أكدت صحيفة (الاتحاد) في مقال لرئيس تحريرها، تعليقا على اعتداءات باريس، أن دولة الإمارات التي حذرت من الإرهاب، منذ سنوات طويلة، وواجهته في مهده، لا تزال تدعو دول العالم للحذر من كل فكر عنيف يرفض الآخر، ويقبل استخدام السلاح بدل الكلام والحوار. وبحسب كاتب المقال فقد أصبح مطلوبا من دول العالم اليوم، كشف الدول التي تدعم الإرهابيين، ومطلوب العمل بجدية أكبر لمكافحة الإرهاب ومواجهته والقضاء عليه ، وهذه المواجهة لا تتطلب أسلحة العالم وطائراته ودباباته وصواريخه وجنوده فقط، فالإرهاب أصبح بحاجة إلى مواجهته فكريا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا أيضا. وارتباطا بالموضوع ذاته، أكدت صحيفة (البيان)، في افتتاحيتها، أن "مصاب فرنسا هو مصاب البشرية جمعاء، وكل العالم، بلا استثناء، معرض لما تعرض له الفرنسيون، ونحن في الإمارات، مثل الجميع، لا نستثنى من هذا الخطر، بل شهدناه عندنا ". وعبرت عن يقينها "من أن فرنسا بشعبها العظيم ستصمد وتنهض وتجتاز محنتها بسرعة، لكن الإرهاب لن ينتهي من العالم، وسينتقل من بلد لبلد، الأمر الذي بات يستوجب، وبشكل عاجل، جهودا دولية موحدة وحاسمة". ومن جهتها، أبرزت صحيفة (الخليج)، في افتتاحيتها أن ستين منظمة دولية من البلدان الكبرى، طالبت عشية انعقاد قمة العشرين في تركيا، البلدان الكبرى المشاركة فيها الكف عن تغذية المشاكل التي تناقشها، مؤكدة أن الازدواجية في المواقف أصبحت سمة بارزة في سياسة هذه البلدان. وشددت الافتتاحية على أن القمم التي تعقدها البلدان الكبرى لا تواجه المشاكل التي يعاني منها العالم، ومن بينها الإرهاب وقضايا المناخ واللاجئين، وإنما في أحسن الأحوال تحاول تخفيف نتائجها على بلدانها. وفي قطر كتبت صحيفة ( الوطن) عن تداعيات الاعتداءات الإرهابية الاخيرة على باريس وقالت في مقال لها انه "بعد أن ضرب (داعش) بوحشية وقصف قلب باريس، سيتحرك العالم، وسنرى في الأيام المقبلة حربا كونية تتشكل، سيقرها الأمريكيون والأوروبيون، ومعهم الروس ". وأكدت الصحيفة أنه بعد أن نزفت فرنسا "دما أزرق" فإن الحرب على الإرهاب"، ستأخذ شكلا آخر يتسم بالجدية والحزم وطول النفس والإرادة الحديدية (..)، وسنستفيد نحن العرب من كل ذلك، لأننا سنحتمي بغضبة الدم حين يكون أزرقا". وعن التعاطي الدولي مع ظاهرة الارهاب ، يرى الاعلامي والمحلل السياسي اللبناني عبد الوهاب بدرخان في مقال بصحيفة (العرب) أن الدول الكبرى بلا استثناء "لا تزال تعتبر محاربة الإرهاب فرصة لتحقيق مصالح أكثر مما تهتم بالقضاء على هذا الوباء الذي اجتاح المجتمعات العربية وفرض عليها أجندة لا تفضي إلا إلى مزيد من التفكك ". واستطرد قائلا "لعل هناك مبررات جدية للشكوى الدولية من عدم وجود قوات برية قادرة على مواكبة الضربات الجوية، إلا أن مرور 18 شهرا على انتشار (داعش) كانت كافية لسد هذه الثغرة الخطيرة"، مبرزا من هذا المنطلق " أن الانقسام السياسي الداخلي المرتبط باستقطابات إقليمية يشكل الوجه الآخر للانتهازيات الدولية،(..) فلا غرابة بالتالي إذا كان (داعش) استفاد من الصراعات والتنافسات القائمة." وفي الأردن، توقفت صحيفة (الرأي) في افتتاحيتها عند خطاب العرش الذي ألقاه العاهل الأردني في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة، فأبرزت بالخصوص حديثه عن أن المحطة الجديدة التي يعبرها الأردن تستند إلى خطوات عملية لتعزيز حقوق الإنسان، ما يتطلب إقرار مشروع قانون النزاهة ومكافحة الفساد، لتعزيز مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والمساءلة. وكتبت صحيفة (الغد)، تحت عنوان "أجراس (11 سبتمبر) تقرع في أوروبا"، أنه لن يكون مستبعدا أن تشكل الجريمة الإرهابية البشعة في باريس "نقطة تحول رئيسية" للسياسة الأوروبية، تماما كما شكلت جريمة القاعدة في برجي نيويورك في 11 شتنبر 2011، نقطة تحول استراتيجية للسياسة الأمريكية. واعتبر كاتب المقال أن أمام أوروبا "أكثر من خيار"، أولها "السير على خطى بوش الابن ومحافظيه، وإطلاق روح الانتقام واعتماد ذات السلاح الذي يستخدمه الإرهاب (...)"، مضيفا أن الخيار "الأجدى لفرنسا ولنا في هذا الشرق" هو الذهاب مباشرة لحل أزمات المنطقة سياسيا، ووقف توظيف الإرهاب من قبل الدول والمحاور الإقليمية والدولية، وتجفيف البيئات الحاضنة له،. وفي مقال بعنوان "خطوة في مسيرة الألف ميل"، قالت (الدستور) إن من يتأمل مفاصل خريطة الطريق الجديدة لحل الأزمة السورية، يجد أنها تكاد تتطابق مع "الورقة الروسية" التي قيل إن موسكو عرضتها على "الشركاء" في الأممالمتحدة.. ورأت الصحيفة أن تشكيل قوائم المفاوضين من المعارضات المختلفة، وفرز المعارضة المعتدلة عن الإرهابية، هي "المهمة الأصعب التي يتعين إنجازها" قبل الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال الدولية الخاصة بسوريا في فيينا. وفي البحرين، قالت صحيفة (الوطن) إنه من المتوقع أن تغير الأحداث الدامية التي عاشتها باريس من فهم القارة العجوز لما يجري في الشرق الأوسط الجديد، مشيرة إلى أن "من افتعل الفوضى الخلاقة في المنطقة معروف، ولا يمكننا تجاهل الدور الأمريكي تماما في كل ما حدث ويحدث أو سيحدث، لأن المصالح والسياسات واضحة ومعروفة عربيا وكذلك أوروبيا". وكتب رئيس تحرير الصحيفة في مقال بعنوان "متى تصحو القارة العجوز¿"، أن الضحية في هذا كله هم العرب، وأيضا الأوروبيون الذين اكتووا بنار الإرهاب، "دون أدنى تحرك أو محاسبة لمن افتعل الفوضى الخلاقة ونشر التطرف"، موضحا أن "العرب باتوا يتوجهون نحو الروس لأنهم أكثر جدية ووضوحا في التعامل مع قضايا المنطقة رغم التباينات بعد الإصرار الأمريكي على معالجة الفوضى بالفوضى". وفي مقال بعنوان "باريس تتجرع كأس الإرهاب"، قالت صحيفة (أخبار الخليج) إن ما أقدم عليه تنظيم (داعش) في باريس يعد "جريمة مكتملة الأركان وتعطي لفرنسا وغيرها الحق في التصدي لهذه الجماعات والعمل على اجتثاثها وتخليص الشعوب من شرورها وأعمالها الإجرامية". وأكدت الصحيفة أنه يتعين على الدول التي غضت الطرف عن عمل الجماعات الإرهابية المختلفة في سورية والعراق وليبيا، أن "تعيد النظر في هذه السياسة الخاطئة " مبرزة أن الخطر الحقيقي الذي يتهدد شعوب المنطقة وغيرها من شعوب العالم، وخاصة الأوروبية، "أخذ في التصاعد مما تظهره هذه الجماعات من قوة وتنظيم وقدرة على اختراق مختلف الحدود الجغرافية للدول، وخاصة أن لها أنصارا ومؤيدين في أكثر من دولة". وبلبنان، ما زال العملان الإرهابيان اللذين استهدفا بيروتوباريس يستأثران باهتمام الصحف، إذ اعتبرت صحيفة (المستقبل) أنه "برغم قساوة" العمل الإرهابي الذي استهدف الأبرياء في برج البراجنة، "إلا أن نمط التعاطي الأمني والسياسي مع هذه الجريمة ساهم في احتواء آثارها، وحصر تداعياتها على أكثر من مستوى ". وأبرزت أن لحظة "التضامن الوطني" مع ضحايا التفجير لا تزال "صامدة"، في انتظار تبيان إمكانية إطالة أمدها و"البناء سياسيا عليها"، انطلاقا من مبادرة "السلة الكاملة التي أطلقها حسن نصرالله، ولاقاها سعد الحريري بإيجابية". من جهتها اعتبرت (الجمهورية) أن لبنان "دخل في حرب مفتوحة مع الإرهاب ...بل دخل في مرحلة جديدة، واستطرادا تحديات جديدة، وبالتالي تتطلب مواكبة سياسية مختلفة تعيد الاعتبار للأولوية الأمنية التي تستدعي رص الصفوف الداخلية وإحياء عمل المؤسسات الدستورية". وفي ضوء ارتفاع وتيرة الأحداث الدموية، والتي كانت باريس مسرحها أخيرا ، وقبلها الضاحية الجنوبية لبيروت، تقول الصحيفة "انصب الاهتمام في الخارج والداخل على أولوية مكافحة الإرهاب وتعزيز إجراءات الأمن وبلورة موقف موحد ضد خطره".