يبدو أن المغرب، عدا الحملات الأمنية الاستباقية التي دأبت الأجهزة المختصة على القيام بها، من خلال تفكيك الخلايا الإرهابية داخل البلاد، يسير في تعزيز محاربته للتطرف الديني، عبر آليات ومسالك أخرى مكملة للعامل الأمني، ومن ذلك التحصين الفكري من مداخل التشدد. وفي سياق التفجيرات الإرهابية التي طالت فرنسا، أمس الجمعة، وتبنتها تنظيم "داعش" بدعوى القيام بواجب "الجهاد في بلاد الكفر"، أوصى الملك محمد السادس، عبر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الأئمة والخطباء والوعاظ والقيمين الدينيين، بشرح حقيقة الجهاد للمغاربة. وأوردت وزارة الأوقاف، ضمن بلاغ لها اليوم، أنه بتوجيهات من الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، تهيب بالقيمين الدينيين من خطباء ووعاظ وأئمة، بمواصلة التعبئة والإرشاد، وذلك على إثر الأفعال الإجرامية التي ارتكبتها أياد أثيمة في باريس وتسببت في عدد من القتلى والجرحى". ودعت الوزارة القيمين الدينيين إلى "استعمال الحجج الشرعية والعقلية لتذكير الناس وتبصيرهم بمجموعة من التوجيهات"، مشيرة إلى أن "مرتكبي هذه الاعتداءات الشنيعة يدعون الانتساب إلى دين الإسلام..ويبررون جرائمهم بالاستناد إليه، ويبالغون في الباطل إلى حد الزعم بأنهم يرتكبونها لنصرة الدين". وأوصت الوزارة القيمين الدينيين من خطباء ووعاظ وأئمة، بتذكير الناس ب"الرجوع في تعريف حقيقة الجهاد إلى قول علماء الأمة"، وتبيين أن "كل أنواع العنف والإكراه ليست من منهج الدين والدعوة في شيء". وشددت على أن "صورة الإسلام لا يجوز أن يترك تشويهها للذين يسيئون إليها، لأنها تهم جميع المسلمين أمام الله وأمام الأمم الأخرى"، مضيفة "أنه يجب على الأفراد والجماعات أن يحولوا دون كل ما من شأنه احتكار الفهم الخاطئ للدين من طرف عصابة من الضالين المضلين". وأوصت بتبيان "أن الواضح من قراءة ما يجري في العالم حاليا أن المستفيد من أعمال هؤلاء الإرهابيين ليس هو الإسلام وليسوا هم المسلمين وليست هي الإنسانية التي يرتبط خيرها بالسلم والتفاوض والتراحم"، و"أن جرائم المتطرفين تشوش على تبليغ هذه الرسالة إلى العالم". وأكدت الوزارة على أن "النموذج الديني القائم بالمملكة المغربية، فكرا وممارسة، وفي توافق مع العمل من أجل نهضة شاملة، هو النموذج الذي يمكن أن يصحح صورة الدين ويقنع الآخرين، الأمر الذي يقتضي صيانة هذا النموذج من كل الشوائب". وبالإضافة إلى التوعية بالدين الصحيح، تؤكد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أنه "لابد من الوعي بأن خطة الإرهاب مبنية على الرعب والتشكيك، وأن إفشالها أمر سيتحقق مع الأيام بثبات الأمة ويقين المؤمنين وإرشاد العلماء التقاة".