قالَ عبد الرحيم منار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس الرباط، إنّ الدبلوماسية المغربية ضيّعت فرصا كبيرة في ملفّ الصحراء خلال السنوات الأربع الأخيرة، ولمْ تستغلّ عددا من القرارات التي كانتْ في صالح المغرب، مثل تقرير مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء فان فالسوم سنة 2008، الذي قال فيه باستحالة خلق دولة سادسة في المنطقة المغاربية. اسليمي، الذي كانَ يتحدث في ندوة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعي أكدال بالرباط، مساء أمس الجمعة، حول موضوع "قراءات متقاطعة في الخطاب الملكي.. مقاربات وتحديات "، قالَ إنّ الأحزابَ السياسية المغربية عليها أن تبتعدَ عن ملفّ الصحراء، وإسناده إلى وزارة الخارجية، "لأنّ الأحزاب اليوم تفتقر إلى الأطر، ويومَ كانتْ قوية وكانتْ لديها نخبة لم يكنْ لها دور في هذا الملف". واستطرد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أنَّه، على المستوى الدبلوماسي، يجب الإصغاءُ جيدا إلى الخطاب الأخير الذي ألقاه الملك محمد السادس في الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، وتغيير طرق المرافعة، وذلك بعدم الاكتفاء فقط بالدفاع عن قضيّة الوحدة الترابية، بل الدفاع عن النموذج المغربي، لافتا إلى أنَّ الدولة القادرة على توفير الأمن والتنمية في آن، مهمّة بالنسبة للقوى الكبرى، واعتبر المتحدث أنّ المغرب هو الدولة الوحيدة في العالم العربي القادرة على تأمين هذين العنصرين. وفي الوقت الذي أعطى المغربُ زخما جديدا لمساعيه لحسم نزاع الصحراء لصالحه، قالَ اسليمي إنَّ الخناقَ باتَ يشتدُّ على "البوليزاريو" ومن ورائها الجزائر، بسبب التحوّلات التي تعرفها المنطقة، وارتفاع درجة الخطر نحو توسّع دائرة اللااستقرار في المنطقة، مُوضحا أنَّ أطروحة "البوليزاريو" والمناورات الجزائرية "تعيش لحظاتها الأخيرة". وأضاف اسليمي أنّ مهندسي الاستراتيجيات والخطط في عواصم القرار الدولي يستشعرون أنَّ درجة الخطر باتتْ مرتفعة، ولن يسمحوا بالمضيّ نحو خلق بؤر توتر جديدة في المنطقة، خاصّة وأنَّ المنطقة توجد في شريط يضمّ 21 دولة، من كازاخستان إلى الزويرات، تضمُّ مراكزَ تدريب التنظيمات الدينية المتطرفة، "وهذا الوضع لن يسمح لأحد للاستماع إلى أطروحة البوليزاريو"، يقول اسليمي. وما يُعزّزُ خطرَ خلْق بؤرة توتّر جديدة في المنطقة –يردف اسليمي- هو أنَّ الجزائر تعيش فراغا على مستوى السلطة، وينزلقُ جنوبها نحوَ اللااستقرار، وتوجد على وشك الانهيار، ممّا يشكّل تهديدا للسّلم في المنطقة، خاصّة وأنَّ عدد قطع الأسلحة التي تضمّها يُضاعف ثلاث مرات عدد قطع الأسلحة الموجودة بليبيا، مما يجعلُ المغربَ آخر بوابة للاستقرار في المنطقة، وفي إفريقيا ككلّ، وأضاف "إذا وقع خلل واهتزت الصحراء فإنّ المنطقة كلها ستهتزّ".