كل من الطبيب والأستاذ يرتدي وزرة بيضاء للقيام بوظيفته. لون يضفي على مهنة التطبيب والتدريس قدسية ورفعة ونبلا. البياض عنوان سمو ونبل مهنتي التعليم والصحة. الصحة تطهر للأجسام من الأسقام والتعليم تطهير للعقل من الجهل. التعليم والصحة مرآة المجتمع، لذلك تصنف الأممالمتحدة الدول والشعوب وفق مؤشرات، من أهمها مؤشر التنمية البشرية (Human Development Index HDI ) . يرصد برنامج التطوير للأمم المتحدة (UNDP) تقريرا سنويا منذ عام 1990، بغرض تنمية الدول وتحسين أوضاع المواطنين في الدول المختلفة . علما أن مؤشر التنمية البشرية يتراوح بين 0 و 1، تصنف الدول إلى حسب قيمته إلى ثلاث مستويات: • مستوى عالي من التنمية البشرية: 0,84 فأكثر. • مستوى متوسط من التنمية البشرية:بين 0,5 و 0,77. • مستوى ضعيف من التنمية البشرية: أقل من 0,5. مكانة المغرب في العالم: احتل المغرب مرتبة متأخرة على مستوى دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بحصوله على الموقع 129 عالميا من بين 187 دولة، في مؤشر التنمية البشرية لعام 2014 . وتأتي مرتبة المغرب ضمن النصف الثاني من الدول التي تشهد تنمية متوسطة أو ضعيفة، وعادة ما تكون الدول التي تحتل التصنيف ما بعد المائة في الرتبة ذات بنية اجتماعية هشة وفوارق كبيرة وسط ساكنتها. بسبب تدهور مؤشرات التعليم والصحة وغيرهما، المغرب يقبع في ذيل ترتيب التنمية البشرية في العالم. الصحة: يبلغ أمل الحياة في المغرب 70 سنة، في حين تبلغ نسبة وفيات الأطفال 41 %، أما نسبة وفيات الأمهات فتصل الى 330 حالة من كل 100 ألف. ولا توفر الدولة سوى طبيب واحد لكل 1038 مواطن. التعليم: تبلغ نسبة التمدرس 62.2 %، أما بالنسبة للكبار فلا تبلغ سوى 49.8 %، في حين أن نسبة الأمية العامة تبلغ 53%، أما وسط الإناث فتتجاوز 76%. وتصل نسبة الملمين بالقراءة والكتابة 52% فقط. قراءة في الواقع الاجتماعي المغربي: يرى كثير من الملاحظين أن أسباب تردي الواقع الاجتماعي المغربي تعود الى عوامل كثيرة أهمها تردي أوضاع التعليم مناهجا ومضمونا وأوضاع الصحة حيث يعرف المغرب عجزا كبيرا في هذا المجال. وهو مايؤكد أن الدولة المغربية ما زالت تفتقد لمقاربة شمولية لتسريع وتيرة التنمية. وأنها تنهج الأساليب الترقيعة في مواجهة المعضلات الحقيقية التي يعاني منها قطاعي الصحة والتعليم. واقع جعل فئات فتية من العاملين في قطاعي الصحة والتعليم تعبر عن سخطها وتدمرها من مقاربة ظرفية التي تنهجها الدولة من خلال حكومة تبرر عجزها بأطروحات وهمية بعيدة عن رؤية استراتيجية تتغيى حلولا لواقع أزمة خانقة تنذر بفوضى في الأداء وضعف المردودية والانجذاب إلى قعر التخلف... الكل ينبه إلى عمق الأزمة، وقليل من يبحث عن جواب لسؤال إصلاح التعليم والصحة. مخططات الحكومة مظروفة بالزمن الانتخابي والدولة محكومة بإملاءات البنك الدولي والمجتمع يإن من وطأة القهر الاجتماعي. فئات فتية من " طلبة- أطباء" و " طلبة- أساتذة" انتظموا في تنسيقيات وطنية خرجت بالآلاف في مسيرات بيضاء تجوب شوارع عاصمة القرار السياسي تنبه من عمق الأزمة الخانقة وضعف التدابير الحكومية المتخذة لإصلاح قطاعي الصحة والتعليم. مسيرات بيضاء، بياضها يدل على طهرها وسمو قضيتها بعيدة عن كل لون سياسي يشوش عن مقاصدها ذات البعد الاجتماعي، من أجل صحة تطهر الأجسام من الأسقام وتعليم يطهير العقل من الجهل. *باحث تربوي