في ثاني أيام "فيزا فور ميوزيك"، الذي تنظمه وزارة الثقافة بشراكة مع مؤسسة هبة، أحيت مجموعات موسيقية سهرة بمسرح محمد الخامس بالرباط. المجموعات الموسيقية اختلفت جنسياتها، وتوحًّدت في حب الموسيقى والطرب، حيث تشكل الدورة الثانية من "موسيقى بدون تأشيرة" فرصة لالتقاء عدد من هذه المجموعات التي جاءت من أربع قارات: إفريقيا، وأوروبا، وأمريكا، وآسيا. مجموعة "وولد كورا تريو" أبدعت في عزف عدد من المقطوعات الموسيقية التي تمزج بين مختلف الأصناف، وحاولت أن تنوع في مقطوعاتها بين الإفريقي والأوروبي والأمريكي، من أجل أن تخلق لنفسها رونقا خاصا، يجمع بين التأكيد على انفتاحها على العالم وطابعها الخاص، ليسافر بِالجمهور كل من إريك لونكسوورث، ودافيد ميروندون، وشريف سومانو، بين القارات من خلال موسيقى "بدون حدود"، حيث جاءت مشاركة "وورلد كورا تريو" بالمغرب بعد أن حظيت باهتمام كبير خلال مشاركاتها في عدد من مهرجانات الجاز في المكسيك وكندا وبعض الدول الأوروبية. وعن آخر مقطع موسيقي، والذي تفاعل معه جمهور مسرح محمد الخامس بشكل كبير، يقول إيريك لونكسوورث، أحد أبرز عازفي الفرقة، إن هذا المقطع الموسيقي يحكي قصة رجل أوروبي جاء إلى إحدى البلدان الإفريقية من أجل مساعدة أطفالها وتوعيتهم بضرورة العمل الذاتي، حيث قام بجمعهم في سباق واحد للجري السريع، ولاحظ تفاعلهم، ما جعلهم يحبون الفكرة ويتماهون معها. وبعد أن أبدعت مجموعة "وورلد كورا تريو" في عزفها لعدد من المقاطع الغنائية، اختارت كل من المغنية الإسبانية كارمن باريس والمغربية نبيلة معان أن تشنِّفا أسماع الحاضرين بعدد من الأغاني الاسبانية، تارة، وأغان تمزج ببن لغات جنوب وشمال المتوسط، تارة أخرى. وشارك إلى جانب كارمن ونبيلة كل من عازف القيثارة طارق هلال، ومحمود شوقي، بالإضافة إلى بيتر أوطاوي، ومارتن بابلو، حيث اختلفت الأصوات وأصولها، لكنها نجحت في الجمع بين الحاضر والماضي، والعصرنة والتقليد. الأغاني التي طرب لها جمهور مسرح محمد الخامس، حملت عددا من الرسائل، التي تبرز التقارب المغربي الإسباني، وتعايش الثقافات بينهما، وكذا تشاركهما في عدد من التقاليد والعادات. وفاجأت المغنية الاسبانية، كارمن باريس، الحضور بتأديتها لعدد من الأغاني العربية. ومن أكثر الأغاني التي تفاعل معها الجمهور، أغنية "إلكاراميلو"، بألحانها العذبة وكلماتها الرنانة الحماسية، حيث ارتبطت هذه الأغنية، كما تقول كارمن باريس، بذكريات لها في الكاريبي، وتحديدا في كوبا، بالإضافة إلى أغنية الملحون "أَرَحْلي"، والتي صفق لها الجمهور طويلا. وبعد هذا المزيج من الأغاني الشرقية والغربية، أبت المغنية الأمريكية من أصل مغربي، مليكة زارا، إلا أن تطرب الحاضرين بعدد من أغاني الجاز، التي استلهمتها من ملك هذا اللون الغنائي، المغني الأمريكي الراحل لويس ارمسترونغ، الذي أسس للجاز الحديث من أجل المزج بين الثقافات المختلفة. ولم تكتف مليكة بتأدية أغانٍ باللغة الإنجليزية، بل تجاوزت ذلك إلى غناء عدد من المقاطع بالأمازيغية، التي استوحتها من أصلها السوسي، حيث رأت النور في مدينة أولاد تايمة، قبل أن تختار الهجرة إلى فرنسا ومن ثم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبعد هذا الثلاثي، أشعلت المغنية أليدا ألميدا، القادمة من الرأس الأخضر، مسرح محمد الخامس، بعد أن تفاعل معها الجمهور بحماس كبير دفع عددا منهم إلى الوقوف والرقص على أنغام الأغاني الإفريقية التي أبدعت في تأديتها، والتي تحكي معاناة الشعوب في القارة السمراء، وتدعو للتعايش فيما بينها. واختارت ألميدا، هي الأخرى، على غرار ما فعلته زارا، تأدية أغاني الجاز، المستلهمة من مؤسسي هذا اللون الغنائي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأهدتها لكل المعجبين بها، الحاضرين والغائبين، خاصة وأنها قد حققت شهرة كبيرة بين عشاق الجاز في عدد من دول العالم، ما جعلها تشارك في مهرجانات عالمية عدة.