واصلت الصحف التونسية في أعدادها لنهار اليوم السبت رصد تداعيات الصراع الداخلي لحزب (نداء تونس)، فيما ركزت الصحف الجزائرية على الرسالة التي وجهتها عدة شخصيات إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حول الوضع الراهن للبلاد. ففي تونس، أوردت صحيفة (المغرب) أن الأزمة داخل (نداء تونس) الحاكم عطلت عمل لجنة التنسيق والتشاور بين أحزاب الائتلاف الحكومي (أربعة أحزاب)، حيث كان من المقرر استئناف عقد اجتماعاتها منذ أسبوعين، لكن الأزمة المتواصلة ل(النداء) كانت أحد أسباب تأجيل الاجتماع في كل مرة إلى موعد لاحق. صحيفة (الضمير) نقلت تصريحا لنائب عن كتلة (نداء تونس) أكد فيه أن هناك من يرغب في "الزج بحركة النهضة (ائتلاف حكومي) في الخلاف الداخلي لحركة نداء تونس"، مضيفا أن مختلف الأطراف والحساسيات السياسية لا يمكن أن يكون لها أي دور في ذلك. وصرح عضو بالمكتب التنفيذي ل(نداء تونس) لصحيفة (الصباح) أن الصراع داخل الحزب هو "صراع حول المستقبل، نحن نريد مشروعا وطنيا عصريا يعمل على بناء دولة المواطنة والحوكمة ويقاوم المافيا والفساد ويضمن دولة الكفاءة والجدارة"، مشيرا إلى أن مسألة أزمة الحزب "أعمق من اختزالها في يسار وأجنحة وشقوق.. هذه عملية سطحية لا تغوص في عمق القضية". جريدة (الشروق) خصصت مساحة واسعة للحديث عن هذه الأزمة. وتساءلت "أي موقف لقواعد نداء تونس فيما يستعر الصراع في القيادة¿". وقالت "هي خلافات شخصية حول الزعامة والمناصب والكراسي والغنائم.. هكذا يبدو الصراع داخل نداء تونس. من المفترض أن يكون الصراع شاملا لكل مكوناته لكن ما نلاحظه أن الخلاف يتركز بين قطبين في أعلى هرم الحزب"، موضحة أن نائب رئيس الحزب حافظ قايد السبسي يوجد في مواجهة الأمين العام محسن مرزوق. وتابعت أن حافظ السبسي لا يستمد قوته من منصبه الحزبي ولا من مهمته الحزبية كمنسق عام للهياكل ولا ممن يجدون مصالحهم في مصلحته، بل أيضا "من هويته الشخصية بما أنه نجل رئيس الجمهورية، مؤسس الحزب وزعيمه"، أما خصمه محسن مرزوق فيعتمد على قوة المنصب (الأمين العام) والتقاء مصلحته مع مصالح مجموعة من القياديين المؤثرين. وفي الجزائر، تناولت الصحف موضوع الرسالة التي وجهتها عدة شخصيات لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وتم الكشف عنها في ندوة صحفية أمس. وأفادت صحيفة (الخبر) بأن 19 شخصية أطلقت مسعى للقاء الرئيس بوتفليقة، في رسالة إليه أودعتها بالرئاسة، الاثنين الماضي، قال فيها موقعوها مخاطبين الرئيس "وجدنا أنفسنا مجبرين ومرغمين على الإعلان عن مسعانا، إن لجوءنا للإعلام لتبليغكم بطلب ملاقاتكم تمليه خشيتنا المشروعة بأن لا يصلكم أبدا عبر القنوات المؤسساتية الرسمية". وشددت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي أسندت لها صفة الناطق باسم الموقعين، على أن هناك عشرات الشخصيات من مسؤولين سابقين ومؤرخين وثوريين وغيرهم يدعمون المسعى، لكنهم لم يتمكنوا من التوقيع، كما أننا حددنا عدد التوقيعات حتى " لا تتحول الرسالة إلى عريضة وحتى يسهل للرئيس الموافقة على استقبالنا". وتناقلت صحف تصريحات حنون خلال الندوة الصحفية جاء فيها "نريد لقاء الرئيس لمعرفة مواقفه إزاء قضايا عديدة مطروحة، لأنه المسؤول عن أمن الدولة، ولسنا مدعوين لوضع برنامج وطرح حلول، الوضع يستدعي، فعلا، تصحيح قرارات اتخذت على مختلف الأصعدة". وكتبت صحيفة (الشروق) أن هذه الرسالة خلفت قراءات سياسية متباينة، فبينما يعتبرها أصحابها "طريقا ثالثا"، يسعى إلى كسر حالة "الستاتيكو" التي كرستها ممارسات أحزاب الموالاة والمعارضة، تؤكد قراءة أخرى من خارج المبادرة، أن أصحاب الرسالة يبحثون عن "الريع المفقود بعدما غرفوا منه طويلا". وشرح أحد الموقعين على الرسالة بوجمعة غشير، الرئيس السابق للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، للصحيفة بعض خلفيات المبادرة، أوضح فيها أن الجزائر "أصبحت رهينة بين الموالاة المطلقة والمعارضة المطلقة، ونحن من خلال هذه المبادرة نسعى إلى التأسيس لطرف ثالث لعله يخرج البلد من حال الاحتقان التي يعيشها"، نافيا طابع الحسابات السياسية عن الرسالة ومؤكدا أن الهدف هو "انتشال البلد من الأزمة التي يعيشها". وحسب (الشروق)، فإن الموقعين عن الرسالة إن كانوا ينفون الطابع الإيديولوجي والتوظيف السياسي للمبادرة، فإن توفر العديد من المؤشرات ذات العلاقة دفعت سياسيين للتشكيك في نزاهتها، ضمنهم رئيس (الجبهة الوطنية) موسى تواتي الذي لم يتوان في وصف المبادرة ب"الابتزاز"، قائلا "أظن أن الكثير من الموقعين على الرسالة كانوا يغرفون من الريع، ثم نجدهم فجأة يرفعون شعار المعارضة، لمجرد أنهم لم يعودوا من المقربين من النظام مثلما كانوا في الماضي القريب". ومن ضمن ما نقلته صحيفة (الفجر) من مضامين الرسالة الشق الاقتصادي، حيث رصدت "تدهورا خطيرا يمس أكثرية الشعب الجزائري"، معتبرة أن الحلول التي تقدمها السلطات تنذر بالمزيد من الهشاشة، ومحذøرة من "تسليم البلد بثرواته وإمكانياته للمفترسين وللمصالح الأجنبية".