بعد انقضاء ثلاث سنوات على توقيع اتفاقية بين البنك الدولي والحكومة المغربية لجعل مراكش مدينة نموذجية من حيث ولوجيات الأشخاص في وضعية إعاقة، تجد أخيرا بعض الشوارع الرئيسية وبعض المرافق العمومية للمدينة الحمراء، كمقري الولاية والمجلس الجماعي وعدد من الفضاءات المفتوحة، طريقا سالكا نحو إرساء الولوجيات المعمارية والعمرانية. علي لمغاري، رئيس جمعية "الوئام لذوي الاحتياجات الخاصة"، ثمّن هذه الخطوة التي اعتبرها إيجابية وبادرة حسنة تحسب للحكومة الحالية، مؤكدا أن المجتمع المدني المهتم بذوي الإعاقة ينادي بضرورة أن يكون المشروع بعيد المدى وليس مشروعا سياسيا لحكومة أو غيرها، داعيا إلى تبني سياسة مجتمعية واضحة المعالم وقابلة للتنزيل وتلائم وضعية كل ذي إعاقة حسب وضعية ودرجة إعاقته. وتساءل لمغاري، ضمن حديثه لجريدة هسبريس، عن الأسباب وراء تأخر تفعيل المشروع منذ عام 2012، وما إن كانت الأحزاب السياسية المغربية، معارضة وأغلبية، تملك سياسة واضحة المعالم قابلة للتنفيذ لإشراك المعاق في الحياة اليومية وتنزيل السياسات العمومية كما نص عليها الدستور المغربي، خاصة المادة 34 منه التي أدرجت المعاق ضمن سياستها وبنودها. المتحدث يرى أن أهم المرافق التي يستعملها المعاق لا تشمل فقط بعض الشوارع الكبرى وعددا من المقرات الإدارية، بل تهم جميع أنواع وسائل النقل، فضلا عن المستشفيات والمدارس وغيرها من المؤسسات الإدارية، متابعا بالقول: "كيف يستطيع شخص ذو إعاقة غير مُرافَق وبكرسي متحرك أن يلج محطات الطرامواي أو القطار أو الصعود إلى حافلة النقل العمومي، ناهيك عن ولوج المؤسسات الخدماتية؟". وخلص الفاعل الجمعوي إلى أن المعاق المغربي يعيش إعاقته وكأنه كائن غريب رغم كونه جزء لا يتجزأ من التنمية وشريكا في الاستقرار الاقتصادي، ما يجعله مواطنا مندمجا في مجتمعه له حقوق وعليه واجبات، متسائلا عن آفاق صندوق التماسك الاجتماعي، علما أن المستوى الدراسي والتكويني لأغلب الأشخاص ذوي الإعاقة جد متواضع، نتيجة الإقصاء والتهميش الذي طال هذه الفئة منذ أمد بعيد، بحسب رأيه. من جهته، طالب أحمد موهوب، رئيس جمعية "ربيع العمر لذوي الاحتياجات الخاصة"، بتعميم الولوجيات من أجل كرامة ذوي الإعاقة، معتبرا أن اختيار مدينة مراكش كمدينة نموذجية في الولوجيات مسألة تسويقية بحكم أنها تعرف إقبالا سياحيا، مستطردا أنه "بالرغم من أن جمعويي مدينة الرباط يطالبون بالولوجيات منذ زمن، إلا أن التهيئة الحديثة والمشاريع الكبرى التي تشهدها العاصمة، في إطار مدينة الأنوار، تعرف غيابا تاما للولوجيات"، وفق تعبيره. وأفاد موهوب بأن المعاقين يصعب عليهم التنقل وممارسة نشاطاتهم ولا يستطيعون التعبير عن الضرر والمعاناة التي يعيشونها كل يوم، قائلا: "نفكر مرارا قبل الخروج من البيوت، وبتنا نعتبر أن هذا النوع من المعاناة مسألة عادية، حيث أصبحنا نتعايش مع النقص، لكن هناك طلبة وشبابا لهم طموح أكبر ويريدون الخروج والاستمتاع بحياتهم والتواصل مع الآخرين بكل أريحية بالرغم من اعتبارهم ذوي إعاقة". جدير بالذكر أن وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، أعطت الانطلاقة الرسمية لتنفيذ برنامج تقوية القدرات في مجال الولوجيات، يشمل تنظيم سلسلة من الدورات التكوينية لفائدة 300 من المهندسين المعماريين والتقنيين التابعين للجمعيات الترابية والوكالات الحضرية والجمعيات العاملة في مجال الإعاقة