الاتحاد الأوروبي يؤكد التزامه بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب رغم حكم محكمة العدل الأوروبية    أزمة كليات الطب تتصاعد: 93 % من الطلبة يقاطعون الامتحانات الاستدراكية    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    قرار محكمة العدل الأوروبية حول اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري.. وزير الخارجية الإسباني يدافع عن الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ويؤكد ارادة الحفاظ عليها    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    أخنوش يمثل جلالة الملك في القمة التاسعة عشرة للفرنكوفونية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو    عشرات الوقفات الاحتجاجية بالمدن المغربية رفضا للتطبيع وتنديدا بالجرائم الصهيونية في فلسطين ولبنان    فون دير لاين وبوريل يجددان التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي لفائدة الحفاظ أكثر على علاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها في كافة المجالات        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    تفاصيل تنظيم مهنة المفوضين القضائيين    إيران: خامنئي يؤكد في خطبة الجمعة أن إسرائيل لن تنتصر قط على حزب الله وحماس    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    وزارة الخارجية: المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الجمع العادي للمنطقة الصناعية بطنجة برئاسة الشماع يصادق بالإجماع على تقريريه الأدبي والمالي.. وإشادة كبيرة بالعمل المنجز    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    محكمة أوروبية تصدم المغرب بقرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع        النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    بعد أيام من لقائه ببوريطة.. دي ميستورا يستأنف مباحثات ملف الصحراء بلقاء مع "البوليساريو" في تندوف    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    محكمة العدل الأوروبية تصدر قرارا نهائيا بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديون بوسعيد الثقيلة..
نشر في هسبريس يوم 03 - 11 - 2015

لا شيء أثقل على كاهل المرء أكثر من الدين وكذلك الأمر بالنسبة للساسة و الدول، فحين تزداد الاستدانة وينفرط عقدها يصعب التحكم فيها، فإن لم تعد جدولتها أو يقع تنازل من الدائنين فإن النتيجة حلقة مفرغة من الاستدانة لأداء الدين وهكذا دواليك في انتظار الانهيار ويحدث أن تعجز حكومات عن أداء ما بذمتها من ديون جراء ثقلها خاصة في ظل الركود الاقتصادي وضعف النمو (الأرجنتين 2001 واليونان 2015).
دافع السيد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد و المالية خلال جوابه على أسئلة السادة النواب بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بعد الانتهاء من المناقشة العامة لمشروع قانون المالية عن ارتفاع الدين العمومي طالبا ربطه بالناتج الداخلي الخام. وحتى إن قبلنا هذا المعيار فالمعدل يتجاوز المقبول دوليا وأوربيا أي 60%، حيث إن تجاوز هذا المعدل يدخل المالية العمومية -نظريا- في منطقة الخطر الحمراء، فالسيد الوزير أولا لم يشر حسب ما تناقلته المواقع الاخبارية إلى حجم المديونية العمومية وإنما اقتصر على دين الخزينة الذي لم يتجاوز 67.6% في 2015 حسب المندوبية السامية للتخطيط ، أما الدين العام الإجمالي فقد ارتفع من %75,5 من الناتج الداخلي سنة 2013 إلى %79,7 سنة 2014 وإلى %81,4 سنة 2015 (1) وهي معدلات قياسية تنذر بالخطر.
معنى هذا أن الدين العمومي ( الإدارة والمؤسسات العمومية) يساوي 81،4% من القيمة المضافة المنتجة سنويا في الاقتصاد الوطني وهي ليست للحكومة، بل سيكون من نصيبها القليل منها لأداء أصل وخدمة الدين وهو ما معناه أن أداء الدين العمومي سيستنزف في الأخير جيب دافعي الضرائب ولسنوات قادمة.
الحقيقة أن هذا المعدل من "أسخف" المعايير التي تبنتها المؤسسات المالية الدولية والاتحاد الأوربي لأنه لا علاقة حقيقية بين الاثنين ( حجم الاستدانة العمومية والناتج الداخلي الخام ) اللهم إن قبلنا أن نمو الاقتصاد الذي يعني الزيادة في ال PIB ينعكس مباشرة عبر مداخيل ضريبية مهمة وهو الغير متوفر دائما، فقد يتحقق معدل نمو كبير بفضل تدخل الدولة عبر الانفاق العمومي والأوراش الكبرى كما جاءت به السياسة الحكومية في السنوات الأخيرة حيث إن الدولة هي المستثمر الأول، كما قد يتحقق النمو لكن مع معدلات ضريبة منخفضة على الشركات والأفراد أو متوسطة كالحالة المغربية لكن مع تهرب ضريبي كبير وضعف في التحصيل والمراقبة، وبالتالي فنجاعة اختيار الاستدانة (المفرطة منها) في هاته الحالة تظهر محدوديتها مع استحضار أن الدولة خوصصت أهم شركاتها ومنها من تحقق أرباحا كبيرة.
الاستدانة العمومية المفرطة غير إيجابية وإن كانت شرا لابد منه في ظل اقتصاديات الاستدانة والاستهلاك وذلك في حدود تمويل العجز العمومي مالم تقدر الحكومة على تحقيق نمو اقتصادي كبير لسنوات يضمن فوائض مالية تخفف أو تقضي على الدين الهيكلي كالنموذج التركي والصيني، مسلك يبقى صعبا ويحتاج لحكامة سياسية واقتصادية من قبيل منهجية إصلاح صندوق المقاصة مزاوجا مع إجراءات هيكلية تسمح بإقلاع غير مسبوق يضمن نموا اقتصاديا حقيقيا لامتصاص العجز الذي يبقى السبب الرئيسي في الاستدانة.
إن الإستدانة العمومية مقبولة نظريا إن كانت موجهة في غالبها للإستثمار بشرط تجاوز أوتساوي عائد الاستثمارات خدمة الدين وإلا تسببت في عجوزات هيكلية على المدى المتوسط والطويل، الايجابي نسبيا في الحالة المغرببة أن الدبن الداخلي يتجاوز بكثير الدين الخارجي، فالأخير كلفته من ناحية الاستقلالية الاقتصادية والسياسية عالية.
ورغم أن حجم الدين العام سيستقر ابتداء من 2016 ليبدأ الانخفاض في 2017، فإن الخفي اليوم في كلام السيد بوسعيد أن حجم المديونية العمومية بلغ مستويات قياسية، ولولا إصلاح صندوق المقاصة والنمو الذي شهده الاقتصاد الوطني في السنتين الأخيرتين مقرونا باستقرار سياسي فريد في المنطقة لاستفحل الأمر أكثر، فأصل الداء عجز الميزانية المترتب عن ضعف الموارد الضريبية وارتفاع نفقات التسيير مع معدلات نمو اقتصادي ضعيفة في المعدل.
إن الجدير بحكامة جيدة للمالية العمومية تقييم موضوعي من أطراف مستقلة كالمجلس الأعلى للحسابات لنجاعة الاستدانة العمومية في السنوات الأخيرة، فبعد إصلاح صندوق المقاصة وتوفير الملايير التي كانت أحيانا ديونا موجهة للصندوق الموجه بدوره للاستهلاك دون أي عوائد اقتصادية حقيقية اللهم سلم اجتماعي على حساب المستفيدين أنفسهم، تقييم يظهر إلى أي مدى تصرف الديون في قنوات الاستثمار العمومي وآثاره على النمو الاقتصادي وبأي عائد خاصة في ظل ضعف نجاعة القطاع العام وانتشار الفساد وذلك حتى لا تنقلب الإستدانة إلى ضد أهدافها(2).
الواقع أن الإستدانة في الدول المتخلفة تحوم حولها التساؤلات، فقد أظهرت بعض الدراسات حول بعض النماذج الافريقية أنها تمويل للفساد الاقتصادي والسياسي، وذلك في ظل غياب معايير المحاسبة والشفافية، لا نعتقد أن المغرب في درك بعض النماذج الإفريقية ولكننا متؤكدون أن ضعف فعالية السياسات العمومية وضعف التنسيق القطاعي والفساد والبيروقراطية عوامل تجعل من الإستدانة المستمرة عبئا ثقيلا على الإقتصاد الوطني وغلا في عنق الاقلاع المنشود.
http://www.hcp.ma/m/Synthese-Budget-Economique-(1) Exploratoire-2015-presente-par-M-Ahmed-Lahlimi_a1419.html
(2) Etudes économiques de l'OCDE : Luxembourg 2008
(3) http://cadtm.org/La-dette-publique-marocaine-est, La dette publique marocaine est insoutenable
*متخصص في المالية والمالية الإسلامية
مستشار جماعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.