قراءة في مشروع قانون الإطار 13/97المتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب على ضوء الاتفاقية الدولية ودستور 2011 كانت قضايا الإعاقة و مازالت سواء ببلادنا أو بلدانا أخرى، من القضايا التي تخضع لمنطق الإحسان و الشفقة و سيادة التمييز و الصور النمطية السلبية، و من أجل الخروج من هذا المنظور، فإن بلادنا تعرف و منذ أكثر من عقدين من الزمن حراكا يقوده المجتمع المدني ممثلا في العديد من الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة من أجل إحداث تحول في التوجه و المنظور في التعاطي مع قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة. و قد تولد عن هذه الديناميكية تبلور ثقافة جديدة نحو الإعاقة، و لم يقتصر هذا التطور على بلادنا، بل أن المنتظم الدولي عرف تحولا كبيرا في هذا المجال و تعتبر الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و بروتوكولها الاختياري و التي تم اعتمادها في 13 دجنبر 2006، و دخلت حيز التنفيذ سنة 2008، و وقعت عليها لحد الآن 154 دولة و صادقت عليها 125 دولة من بينها المغرب الذي وقع على الإتفاقية بتاريخ 30 ماي 2007، و صادق عليها يوم 18 أبريل 2009، و كذلك الشأن بالنسبة للبروتوكول الإختياري . و قد كانت هذه الاتفاقية إشارة إلى تحول نموذجي و قطع مع التعاطي الكلاسيكي و التقليدي و المبني على المقاربة الخيرية و القائمة على أساس طبي إلى نهج قائم على حقوق الإنسان. إن هذه الاتفاقية جاءت من أجل توفير معايير كافية لحماية الحقوق المدنية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة على أساس الإدماج و المساواة و عدم التمييز. و توضح الاتفاقية أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحق لهم العيش المستقل في مجتمعاتهم المحلية و تحديد خياراتهم و أداء دور فعال في المجتمع. و قد كانت استجابة المغرب سريعة في التوقيع و المصادقة على هذه الاتفاقية و نشرها في الجريدة الرسمية، الشيء الذي يعكس و لو من الناحية النظرية إرادة سياسية للمضي في ركب التحول و التغيير الذي جاءت به الاتفاقية في مبادئها العامة و أحكامها، و قد جاء دستور 2011، منصفا للأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب سواء من حيث تجريمه للتمييز على أساس الإعاقة الوارد في ديباجة الدستور، أو من خلال الفصل 34 الذي يقر بتصريح العبارة أن على السلطات العمومية أن تقوم بوضع و تفعيل سياسات عمومية موجهة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة. و استجابة لما جاء به دستور 2011، و التزامات المغرب الدولية، و من أجل الخروج من الإطار النظري و النوايا الحسنة، فإنه أصبح لزاما على الدولة المغربية، الخروج بقانون، يلبي حاجيات الأشخاص في وضعية إعاقة. و هكذا قامت الحكومة المغربية بإعداد مشروع قانون إطار 13/97 المتعلق بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة و النهوض بحقوقهم. و إذا قمنا بقراءة لهذا القانون الإطار بكل تجرد و مسؤولية، فإننا نسجل الملاحظات التالية : 1 إن هذا القانون لا يشير من قريب أو من بعيد إلى الموارد المالية المتاحة لضمان و تفعيل الاستفادة من الحقوق الواردة فيه، و لا إلى الميزانيات سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي "المادة 24"، في حين أن هذه المبادئ واردة في الاتفاقية الدولية "المادة 4.2" 2 يشمل هذا القانون مصطلحات فضفاضة تؤدي إلى عدم وجود إلزامية في هذا النص من قبل "في حدود الإمكانات و الموارد المتاحة" المادة (6 و 18) في حين أنه يجب لزاما على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لتفعيل إلتزاماتها. 3 طريقة إعداد هذا القانون لم تحترم مبادئ الدستور من حيث الإعداد، حيث نجد أن الفقرة الأخيرة من الفصل 12 من دستور 2011 تنص على دور المنظمات غير الحكومية في تفعيل الديمقراطية التشاركية . 4 يركز مشروع قانون الإطار على الفصل 34 من الدستور، في حين أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي جزء لا يتجزأ عن حقوق المواطنين المغاربة معاقين و غير معاقين. لقد جاء الفصل 34 فقط للتذكير و التأكيد على أهمية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. 5 نجد فقرة غريبة في المادة الأخيرة من هذا القانون تقول أن تحقيق أهدافه هي مسؤولية الدولة و المجتمع و المواطن، و جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة، و هذا نوع من الهروب إلى الأمام و التحايل و التهرب من المسؤولية في حين أن الدستور أقر صراحة مسؤولية الدولة عن إعمال الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المواطن المغربي. 6 أورد مشروع قانون الإطار في أكثر من مادة مبدأ الشراكة، سواء مع الجمعيات أو القطاع الخاص، و هذا أيضا فيه تهرب من المسؤولية، و ترك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لإرادة الشركاء. 7إذا كان قانون الإطار يتكون من 26 مادة فإن أكثر من 11 مادة مرتبطة بصدور نصوص تشريعية و تنظيمية أي أكثر من 44% من مشروع قانون الإطار هو في علم الغيب خاصة و أن الحكومة لم تلزم نفسها بآجال محددة و معقولة لإخراج هذه النصوص إلى حيز الوجود . 8 تنص المادة 25 من هذا القانون عن إحداث هيئة وطنية يعمد لها بتنفيذ مختلف الاستراتيجيات و البرامج، دون تقديم أية معلومة إضافية، حول شكل هذه اللجنة . و مما يؤكد ما تذهب إليه قرائتنا، هو ما جاء في الرسالة التي وجهتها منظمة هيومن رايتش ووتش إلى البرلمان المغربي حول هذا القانون الإطار المطروح حاليا للمناقضة بالبرلمان. حيث قال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يتم التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب وكأنهم محتاجين إلى عمل خيري، وليس كمواطنين متساويين، وهو ما جعلهم عرضة للاحتقار والتمييز. مشروع القانون الحالي يمنح الحكومة فرصة للشروع في تغيير هذا الانطباع وجعل المغرب رائدا في المنطقة في ما يتعلق بحقوق ذوي الإعاقة، ولكن يجب أن يكون ذلك مستندا إلى معايير حقوق الإنسان بشكل كامل". من أجل كل ما سبق فإنه في نظرنا يجب على البرلمان المغربي أن يضمن تناسب مشروع القانون الإطار مع التزاماته بموجب اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك ب :: -ضمان احترام وحماية وتطبيق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كامل، وهو الهدف الأول للقانون، بدل التركيز على الوقاية من الإعاقة أو تشخيصها؛ -إلغاء الأحكام التي تحرم الأشخاص ذوي الإعاقة من أهليتهم القانونية، وعوض ذلك ضمان مساعدتهم على اتخاذ قرارات هامة في حياتهم، وممارسة حقوقهم على قدم المساواة مع الآخرين؛ -ضمان التعليم المندمج لجميع الأطفال ذوي الإعاقة في مدارس التعليم العام العادية، مع توفير ترتيبات تيسيرية معقولة مثل مساعدتهم في الفصول الدراسية وتسهيل حصولهم على المعدات التي يحتاجون إليها؛ -ضمان إدراج الأشخاص ذوي الإعاقة في صياغة وتنفيذ ومراقبة القوانين والسياسات التي تؤثر عليهمالتركيز على محاربة كل أشكال التمييز على الإعاقة و تجريمها . -احترام الفوارق و قبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري. -تطبيق أحكام الدستور لاسيما المادة 31. -تفادي مصطلحات غير دقيقة و فضفاضة . -عدم رهن التمتع بالحقوق، بوجود "بطاقة إعاقة". -تحديد واجبات القطاع الخاص و عدم ربط ذلك بصيغة الشراكة. -التنصيص على إجراءات زجرية و على أسس متعلقة بمسطرة الطعن و التقاضي . -إدماج بعد الإعاقة أثناء إعداد قوانين المالية . *مهتم بقضايا الإعاقة و حقوق الإنسان