المتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب على ضوء الاتفاقية الدولية ودستور 2011 كانت قضايا الإعاقة و مازالت سواء ببلادنا أو بلدانا أخرى، من القضايا التي تخضع لمنطق الإحسان و الشفقة و سيادة التمييز و الصور النمطية السلبية، و من أجل الخروج من هذا المنظور، فإن بلادنا تعرف و منذ أكثر من عقدين من الزمن حراك يقوده المجتمع المدني ممثلا في العديد من الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة من أجل إحداث تحول في التوجه و المنظور في التعاطي مع قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة. و قد تولد عن هذه الديناميكية تبلور ثقافة جديدة نحو الإعاقة، و لم يقتصر هذا التطور على بلادنا، بل أن المنتظم الدولي عرف تحولا كبيرا في هذا المجال و تعتبر الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و بروتوكولها الاختياري و التي تم اعتمادها في 13 دجنبر 2006، و دخلت حيز التنفيذ سنة 2008، وقعت عليه لحد الآن 154 دولة و صادقت عليها 125 دولة من بينها المغرب الذي وقع على الإتفاقية بتاريخ 30 ماري 2007، و صادق عليها يوم 18 أبريل 2009، و كذلك الشأن بالنسبة للبروتوكول الإختياري . و قد أطلقت هذه الاتفاقية إشارة إلى تحول نموذجي و قطع مع التعاطي الكلاسيكي و التقليدي و المبني على المقاربة الخيرية و القائمة على أساس طبي إلى نهج قائم على حقوق الإنسان. إن هذه الاتفاقية جاءت من أجل توفير معايير كافة لحماية الحقوق المدنية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة على أساس الإدماج و المساواة و عدم التمييز. و توضح الاتفاقية أن الأشخاص ذوي الإعاقة يحق لهم العيش المستقل في مجتمعاتهم المحلية و تحديد خياراتهم و أداء دور فعال في المجتمع. و قد كانت استجابة المغرب سريعة في التوقيع و المصادقة على هذه الاتفاقية و نشرها في الجريدة الرسمية، الشيء الذي يعكس و لو من الناحية النظرية إرادة سياسية للمضي في ركب التحول و التغيير الذي جاءت به الاتفاقية في مبادئها العامة و أحكامها، و قد جاء دستور 2011، منصفا للأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب سواء من حيث تجريمه للتمييز على أساس الإعاقة الوارد في ديباجة الدستور، أو من خلال الفصل 34 الذي يقر بتصريح العبارة أن على السلطات العمومية أن تقوم بوضع و تفعيل سياسات عمومية موجهة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة. و استجابة لما جاء به دستور 2011، و التزامات المغرب الدولية، و من أجل الخروج من الإطار النظري و النوايا الحسنة، فإنه أصبح لزاما على الدولة المغربية، الخروج بقانون، يلبي حاجيات الأشخاص في وضعية إعاقة. و هكذا قامت الحكومة المغربية بإعداد مشروع قانون إطار 13/97 المتعلق بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة و النهوض بحقوقهم. و إذا قمنا بقراءة لهذا القانون الإطار بكل تجرد و مسؤولية، فإننا نسجل الملاحظات التالية : إن هذا القانون لا يشير من قريب أو من بعيد إلى الموارد المالية المتاحة لضمان و تفعيل الاستفادة من الحقوق الواردة فيه، و لا إلى الميزانيات سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي "المادة 24"، في حين أن هذه المبادئ واردة في الاتفاقية الدولية "المادة 4.2" يشمل هذا القانون مصطلحات فضفاضة تؤدي إلى عدم وجود إلزامية في هذا النص من قبل "في حدود الإمكانات و الموارد المتاحة" المادة (6 و 18) في حين أنه يجب لزاما على الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة لتفعيل إلتزاماتها. طريقة إعداد هذا القانون لم تحترم مبادئ الدستور من حيث الإعداد، حيث نجد أن الفقرة الأخيرة من الفصل 12 من دستور 2011 تنص على دور المنظمات غير الحكومية في تفعيل الديمقراطية التشاركية . يركز مشروع قانون الإطار على الفصل 34 من الدستور، في حين أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي جزء لا يتجزأ عن حقوق المواطنين المغاربة معاقين و غير معاقين. لقد جاء الفصل 34 فقط للتذكير و التأكيد على أهمية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. نجد فقرة غريبة في المادة الأخيرة من هذا القانون تقول أن تحقيق أهدافه هي مسؤولية الدولة و المجتمع و المواطن، و جمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة، و هذا نوع من الهروب إلى الأمام و التحايل و التهرب من المسؤولية في حين أن الدستور أقر صراحة مسؤولية الدولة عن إعمال الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المواطن المغربي. أورد مشروع قانون الإطار في أكثر من مادة مبدأ الشراكة، سواء مع الجمعيات أو القطاع الخاص، و هذا أيضا فيه تهرب من المسؤولية، و ترك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لإرادة الشركاء. إذا كان قانون الإطار يتكون من 26 مادة فإن أكثر من 11 مادة مرتبطة بصدور نصوص تشريعية و تنظيمية أي أكثر من 44% من مشروع قانون الإطار هو في علم الغيب خاصة و أن الحكومة لم تلزم نفسها بآجال محددة و معقولة لإخراج هذه النصوص إلى حيز الوجود . تنص المادة 25 من هذا القانون عن إحداث هيئة وطنية يعمد لها بتنفيذ مختلف الاستراتيجيات و البرامج، دون تقديم أية معلومة إضافية، حول شكل هذه اللجنة . بعد كل هذه الملاحظات نود المشاركة بمجموعة من المقترحات التي نتمنى أن تجد طريقها من أجل تعديل هذا القانون الإطار : التركيز على محاربة كل أشكال التمييز على الإعاقة و تجريمها . احترام الفوارق و قبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري. تطبيق أحكام الدستور لاسيما المادة 31. تفادي مصطلحات غير دقيقة و فضفاضة . عدم رهن التمتع بالحقوق، بوجود "بطاقة إعاقة". تحديد واجبات القطاع الخاص و عدم ربط ذلك بصيغة الشراكة. التنصيص على إجراءات زجرية و على أسس متعلقة بمسطرة الطعن و التقاضي . إدماج بعد الإعاقة أثناء إعداد قوانين المالية . - مهتم بقضايا الإعاقة و حقوق الإنسان