انتقل خصوم المغرب على الصعيد الإفريقي من مستوى دعم جبهة البوليساريو الانفصالية، إلى الدعوة لغلق السفارات المغربية في البلدان الإفريقية، ومقاطعة منتجات الشركات المغربية. وجاءت هذه الدعوة من نواب بالبرلمان الإفريقي في جوهانسبورغ، مطالبة الحكومات الإفريقية بمقاطعة السلع وكافة المعاملات التجارية المغربية، وحتى التمثيل الدبلوماسي للمملكة في القارة الإفريقية، بالإضافة إلى تجنب دعوتها إلى مختلف المناسبة الثقافية والرياضية. يأتي ذلك بعيد ما قامت به دول إفريقية داعمة لما يسمى ب"الجمهورية الصحراوية"، خلال انعقاد الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة بنيويورك، إذ وجهت، على الخصوص دول جنوب إفريقيا وزيمبابوي ونيجيريا خطابات داعمة لجبهة البوليساريو، مطالبة بما أسمته "تصفية الاستعمار في آخر مستعمرة في الصحراء". ويبقى المثير في دعوة البرلمان الإفريقي، الذي انسحب منه المغرب بعد اعترافه ب"الجمهورية الوهمية"، أنها مست الشق الاقتصادي، وخصوصا التجارة المغربية الخارجية، من خلال الدعوة إلى مقاطعة الشركات المغربية، والحد من وجودها في القارة السمراء. الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وصف هذه الدعوة بأنها "مسألة بديهية"، بالرغم من تأكيده أنه "ليست البرلمانات هي التي تحدد وتضع السياسات العامة في إفريقيا"، وأنه حتى الاتحاد الإفريقي بنفسه ليست له إمكانية فرض قرارات على الدول، لأنه على حد تعبيره "ليس دولة فوق الدول". وأكد بوقنطار، في تصريح لهسبريس، أن دعوة البرلمان الإفريقي تدخل في إطار المناورات التي يقوم بها خصوم الوحدة الإفريقية، من خلال استغلال المجتمع المدني والدبلوماسية الموازية، في الوقت الذي سحبت عدد من الدول الإفريقية اعترافها بما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وتبنت المقاربة المغربية. سحب هذا الاعتراف، بحسب أستاذ العلاقات الدولية، يوضح أن هذه الدعوات لا تأثير لها على الساحة الإفريقية، وتبقى مجرد مناورات سياسية؛ لأن "منظمة الاتحاد الإفريقي لا ثقل لها، ودورها محدود في القارة"، يضيف المتحدث ذاته. وفي ما يخص عودة المملكة إلى المنظمة التي كانت تدعى في البداية "منظمة الوحدة الإفريقية"، شدد الحسن بوقنطار على أن ذلك يصطدم بإشكالين أساسيين، أولهما مرتبط بالجهود التي يقوم بها خصوص الوحدة الترابية للمغرب من أجل تنبي الاتحاد مواقف مناهضة له، أما الإشكال الثاني فيتعلق بميثاق منظمة الاتحاد الإفريقي؛ فهل سيكون المغرب مطالبا بالمصادقة على الميثاق من جديد، أم سيعود بشكل تلقائي؛ نظرا لأنه كان من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية قبل أن تتحول إلى التسمية الجديدة؟. وذكر بوقنطار أن موقف المغرب يبقى واضحا من مسألة العودة، وذلك باستحالة أن يتم ذلك إذا لم يتم تجميد عضوية "الجمهورية الصحراوية". انتقال خصوم الوحدة الترابية للمملكة من المستوى السياسي إلى الاقتصادي اعتبره أستاذ العلاقات الدولية ترجمة لانعدام البدائل السياسية، بعد تقديم المغرب لمبادرة الحكم الذاتي، واستحالة تنظيم الاستفتاء في الأقاليم الجنوبية، مضيفا أن عددا من المساندين لجبهة البوليساريو يفتعلون عددا من القضايا المرتبطة باستغلال الثروات، والتلويح بورقة حقوق الإنسان، من أجل ضرب الوحدة الترابية للمملكة.