أثار قرار المحكمة المحلية لمدينة سبتة، القاضي بإغلاق ملف المهاجرين 15 من جنوب الصحراء الذين قضوا بمعبر "ترخال" في السادس من شهر فبراير من السنة الماضية، الكثير من الجدل والسخط داخل منظمات غير حكومية اعتبرت الحكم "إجحافا في حق الضحايا وأسرهم، وانتهاكا صارخا لما تنص عليه بنود القانون الإسباني والمواثيق الدولية التي صادقت عليها المملكة الأيبيرية بشأن موضوع الهجرة". إدانة حقوقية وعبرت منظمة "Andalucía Acoge"، التي تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين، في بيان لها نقلته وسائل إعلام إسبانية، عن "أسفها وامتعاضها" من الحكم الصادر عن الهيئة القضائية للثغر السليب، الذي قضى ببراءة المعتدين على مرشحين للهجرة غير القانونية حاولوا عبور السياج الشائك عبر المياه، ما تسبب في وفاة العديد منهم نتيجة استخدام القوة. وأضاف نص البلاغ أن "عناصر من الحرس المدني الإسباني كانوا قد استعملوا القوة لمواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين، كما استُخدم الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، وخُلِق جو من الهلع في صفوف الراغبين في دخول التراب الإسباني، هذا بالإضافة إلى أن عقيد الفرقة أعطى أوامر للقوات الأمنية المرابطة بالحدود للتعامل بقوة، عوض الدعوة إلى نهج أساليب أكثر حذرا". رئيسة منظمة "أندلوسيا أكوخي"، سيلبيا كونييكي، قالت، في تصريح لوكالة الأنباء "أوروبا بريس"، إن ما وقع انتهاك مباشر للقانون الإسباني ونصوص المعاهدات الدولية التي تحث على ضرورة ضمان الحق في الحياة، وتجرم عمليات إرجاع المهاجرين أو طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصلية، مخافة أن يكونوا عرضة لأعمال اضطهاد أو للمعاملات المهينة للكرامة الإنسانية"، وفق تعبيرها. وفي منحى متصل، قالت الناشطة الحقوقية ورئيسة المنظمة غير الحكومية "Caminando Fronteras"، ومعناها بالعربية "نعبر الحدود"، إلينا ملينيو، إن "منظمتنا عاينت عن قرب الحادث المأساوي الذي شهده معبر (ترخال) وشاهدت كيف كانت جثت المهاجرين تطفو فوق مياه البحر في يوم أليم، والمحكمة تصدر قرارها بأرشفة الدعوى، ما يعني أننا نعيش يوم حداد على حقوق الإنسان". وطالبت "اللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين" بتعميق البحث للكشف عن ملابسات الحادث ومعاقبة المسؤولين عن هذه المأساة الإنسانية، حتى تأخذ العدالة مجراها الصحيح، خاصة أن عناصر من الحرس المدني الإسباني استعملوا آليات لمكافحة الشغب ضد أناس سالمين وفي حالة عدم القدرة على الدفاع، وهو ما تسبب في وفاة البعض منهم بفعل تقصير السلطات في أداء مهامها. سعادة داخلية إسبانيا وزير الداخلية الإسبانية، فرنانديث دياث، وفي تعليقه على قرار محكمة سبتة، عبر عن سعادته بأرشفة ملف قضية أثارت الكثير من الجدل واتخذت أبعادا دولية، كما استدعت مثول عقيد فرقة الحرس المدني الإسباني و16 عنصرا من المجموعة أمام أنظار النيابة العامة، بقوله: "في إطار الاحترام المطلق لاستقلالية القضاء، لا يمكن لي إلا أن أعبر عن فرحتي لما جاء في منطوق الحكم". وصرح مندوب حكومة سبتة، نيكولاس فرنانديث كوكورول، بأن الحكم النهائي للهيئة القضائية يدعو إلى الفرح، وهو "قرار سيزيد من مصداقية مؤسسات العدالة الإسبانية، حيث إن عناصر الحرس المدني المتهمين بالاعتداء أبرياء من جميع التهم المنسوبة إليهم، وهو إفتاء قضائي على الأقل سيجبر الضرر النفسي الذي لحق الأفراد المعنيين وأسرهم"، وفق تعبيره.