أعلن صندوق النقد الدولي عن تعديل توقعاته لنسبة النمو بالمغرب، فبعد أن كانت أرقام المؤسسة الدولية تفيد بتحقيق المملكة لنسبة نمو تعادل أو تفوق 5 بالمائة، عادت المؤسسة المالية نفسها لتقول، خلال الفصل الأخير من العام الحالي، إن نسبة النمو بالمغرب لن تتجاوز 4.9 بالمائة، وهو رقم يفوق الرقم المعلن عنه من طرف البنك المركزي الذي توقف في توقعاته عند 4.6 بالمائة كنسبة للنمو. وإذا كان اختلاف توقعات نسبة النمو أصبح أمرا طبيعيا بين "واقعية" المؤسسات المالية المغربية، و"تفاؤل" نظيرتها الدولية، فإن الطرفين معا اتفقا على أن العام المقبل سيسجل تراجع نسبة النمو مقارنة مع العام الحالي، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن نسبة النمو لن تتجاوز 3.7 بالمائة، بينما تفيد توقعات المؤسسات المالية الوطنية بأن هذه النسبة لن تتجاوز 3 بالمائة، بل إن مركز الظرفية الاقتصادية توقع نسبة نمو في حدود 2.6 بالمائة. وإن كان المغرب قد بصم على أعلى نسبة نمو خلال العام الحالي في منطقة شمال إفريقيا، فإن الوضع سيكون مغايرا خلال السنة المقبلة، ذلك أن مصر ستكون صاحبة النمو الاقتصادي الأعلى خلال عام 2016، متبوعة بالجارة الشرقية الجزائر، وذلك على الرغم من تراجع أسعار النفط وما كبده من خسائر لخزينة الجزائر، وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن الجزائر ستحقق نسبة نمو في حدود 3.9 بالمائة، يليها المغرب ب 3.7 بالمائة. صندوق النقد الدولي راجع توقعاته لنسب النمو في منطقة شمال إفريقيا، فبعد أن سبق له وضع أرقام جد مرتفعة لنسب النمو بالمنطقة، مبررا الأمر بالظرفية الاقتصادية العالمية غير المناسبة، حيث سيتراجع النمو العالمي خلال العام الحالي من 3.7 بالمائة إلى 3.1 بالمائة. محمد كريم، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، علق على نسبة النمو المتوقع تحقيقها خلال العام الحالي بكونها "نسبة مرضية"، مضيفا أن تراجع نسبة النمو خلال العام المقبل أمر طبيعي "لأنه كلما حققنا نسبة نمو مرتفعة خلال سنة فالأكيد ستكون السنة التي تليها أقل". ووصف كريم نسبة النمو بالمغرب ب "متذبذبة وغير مستقرة"، مفسرا هذا الوضع بكون الاقتصاد المغربي لم يدخل بعد إلى سيرورة نمو مستدام، وبأن النمو لا يأتي من الصناعة والقطاعات المستقلة عن التغيرات المناخية، بل هو مرتبط أساسا بالفلاحة والأمطار، "ولهذا فالاقتصاد المغربي هش ولا يعرف حركة تصاعدية". كريم ميز بين الأرقام التي تقدمها المؤسسات الدولية، "وهي أرقام متفائلة وأحيانا تكون مسيسة"، وأرقام المؤسسات المالية الوطنية، كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، و"هي أرقام واقعية، وهذا أمر مفيد لصورة المغرب وتمتعه بالثقة لدى المستثمرين الأجانب".