انتقادات كثيرة تلك التي وجهتها جمعية "أطاك المغرب" لاتفاقيات التبادل الحر التي وقعها المغرب مع عدد من البلدان، خاصة في الاتحاد الأوروبي، داعية إلى إيقافها. "أطاك" اعتبرت، في دراسة جديدة لها عنونتها ب"اتفاقيات التبادل الحر.. اتفاقيات استعمارية ضد الشعوب"، أن هذه الاتفاقيات تعد تهديدا للمغاربة وللاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أنها قامت بدراسة نتائج سياسة الانفتاح التجاري هاته ورصدت أن "المسؤولين المغاربة يرفضون الجهر بها". وبعد أن قدمت الدراسة لمحة عامة عن الأسس الإيديولوجية التي تدعم طفرة التبادل الحر، رسمت الخطوط العريضة لتأثير اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها المغرب، وتحليل تأثيرها على القضايا الزراعية وقطاع الخدمات انطلاقا من قطاعي الصحة والملكية الفكرية، وكذا استدانة البلاد وتنقل الأشخاص، بالإضافة إلى قضية الهجرة. الدراسة تضمنت نصوصا لعدد من الخبراء في مجال التبادل الحر، كنجيب أقصبي، الذي قدم تحليله حول اتفاقيات التبادل الحر، وعثمان ملوك، منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "الائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج"، الذي نبه لنتائج هذه الاتفاقيات على صحة المواطنين، خاصة الاتفاق الذي يجري التفاوض حوله. وتهدف "أطاك المغرب"، من خلال هذه الدراسة، إلى إطلاق حملة وطنية تحت شعار "أوقفوا اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق"، وكل اتفاقيات التبادل الحر التي تشكل خطرا على النسيج الإنتاجي بالمغرب، و"تساهم في الأزمة البنيوية للتشغيل، وتعمق العجز التجاري والمديونية، وترهن الاقتصاد المغربي لفائدة الشركات متعددة الجنسيات". الكاتب العام للجمعية، عمر أزيكي، اعتبر أن توقيع اتفاقيات التبادل الحر ينطوي على "انفتاح ليبرالي مفروض"، حيث رصد كيف يعتمد المغرب على الدول الصناعية الكبرى والمؤسسات الاقتصادية الدولية مما يعوق نموه الاقتصادي، وأدى في فترة من الفترات إلى فرض برنامج إصلاح هيكلي وعملية انفتاح ليبرالي على نطاق واسع. وبعد أن تطرق لعدد من الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع دول كثيرة عبر العالم، أوضح أزيكي، أن الأزمة العالمية سنة 2008 لم تكبح سياسة الانفتاح، حيث مر معدل انفتاح الاقتصاد المغربي من متوسط قدره 52 في المائة بين عامي 2000 و2007 إلى أكثر من 63 في المائة للفترة 2008-2013؛ أي بمعدل أعلى مما هو عليه في مصر، 39.5 في المائة، والهند 36.6 في المائة، وغيرها من الدول. وشدد الكاتب العام لجمعية "أطاك"، في تصريح لهسبريس، على أن الجمعية تعتبر اتفاقيات التبادل الحر بمثابة "موضوع رئيسي" في سلم أولوياتها، وذلك بعد أن "فتح المغرب حدوده بشكل كبير وغير متناسب للشركات متعددة الجنسيات التي دخلت إليه بقوة". المتحدث ذاته أوضح أن هذه الشركات تستفيد من عدد من الامتيازات على حساب النسيج الاقتصادي المغربي، مما يزيد من نسب البطالة، ويساهم في ارتفاع المديونية، مشدد على وجود علاقة مباشرة بين هذه الاتفاقيات وتضخم المديونية. وذكر عمر أزيكي أن المغرب يفاوض من موقع ضعف، مما جعله لا يفرض شروطه، بل تفرضها عليه الدول والشركات الكبرى، حيث ضرب أمثلة لاتفاقيات وقعها المغرب مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية.