دق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال دورته السابعة والثلاثين، المنعقدة أمس الخميس بالرباط، ناقوس الخطر بخصوص غياب التنسيق بين السياسات القطاعية، وعدم استفادة المغرب من اتفاقية التبادل الحر البالغة 55 اتفاقا وشدد على أن حصيلة هذه الاتفاقيات على التوازنات الخارجية للمغرب تطرح بحدة مسألة تجانس وفاعلية السياسة التجارية الخارجية للمغرب، وتفرض تدعيم تنافسية النسيج الإنتاجي وتنويع العرض القابل للتصدير. وذكر المجلس، في التقرير الذي صادق عليه حول "تجانس السياسات القطاعية واتفاقيات التبادل الحر"، أن التأثيرات المحدودة لهذه الاتفاقات على الاقتصاد المغربي تفسر بعوامل تتعلق بطريقة المفاوضات وحكامتها، داعيا إلى اعتماد العديد من الإجراءات لتجاوز الصعوبات المطروحة على مستوى التبادل الحر، خصوصا في ظل التنافسية الكبيرة على الصعيد الدولي. وأوصى المجلس، ضمن 25 توصية التي تضمنها التقرير، برفع التحديات المرتبطة بالمنافسة، بهدف تحديد الفرص المتاحة من السوق، بالنظر إلى انعكاسات اتفاقيات التبادل الحر على الاقتصاد الوطني، مؤكدا على ضرورة ضمان الانسجام بين مختلف السياسات العمومية والقطاعية. ودعا المجلس إلى إعادة النظر في سياسة الانفتاح في المجال الاقتصادي والتجاري، من أجل الأخذ بعين الاعتبار أن المغرب يتموقع في ملتقى المبادلات، من خلال التوقيع على اتفاقيات إرادية، تعزز انفتاح المغرب على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن المغرب وقع 55 اتفاقية تبادل حر، أفضت إلى الانفتاح على سوق يضم مليار مستهلك، كما أنه بصدد التفاوض حول اتفاقيات للتبادل الحر مع كندا ومع بعض الدول إفريقيا الوسطى والغربية. وشملت التوصيات، التي يرى المجلس أن من شأنها الرفع من القدرة التنافسية لعرض التصدير الوطني، العمل على انسجام الاستراتيجيات القطاعية، والتشاور، وإشراك النسيج الإنتاجي، والذكاء الاقتصاد، موضحا أن اتفاقيات التبادل لم تتضمن قرارات خاصة بالاستثمارات الخارجية، والسياحة، وبعض القاعات الأخرى. وبعد أن سجل غياب التقاطع بين السياسات القطاعية، وغياب الانسجام مع اتفاقيات التبادل الحر، وعدم نجاعة سياسات تأهيل وتطوير تنافسية النسيج الإنتاجي، دعا التقرير إلى إجراء تقييم للسياسات القطاعية لمواجهة التحديات، واستغلال الفرص المتاحة بفضل اتفاقيات التبادل الحر، مبرزا أنه، رغم الجهود المبذولة في إطار السياسات القطاعية٬ فإن عرض التصدير يظل قليل التنوع٬ ويعكس عجزا في تنافسية الصادرات المغربية، ما يعرض المالية العمومية لضغوطات كبيرة. وقال التقرير إن المغرب يفتقد استراتيجيات اقتصادية ضرورية، لإحداث انسجام بين القطاعات للحصول على نتائج أمثل٬ مؤكدا أن العلاقة بين القدرة التنافسية ومستوى التصنيع الاقتصادي قوية. وشدد التقرير على ضرورة التنسيق بين السياسات القطاعية للرفع من القدرات الإنتاجية للبلد، مبرزا أن دراسات المقارنة الدولية، التي أنجزها، تلح على ضرورة التآزر بين مختلف الفاعلين، وتشدد على المهنية في التفاوض على اتفاقيات التبادل الحر وتفعيلها، فضلا عن بلورة الاستراتيجيات المحلية بمشاركة الفاعلين المعنيين، مطالبا بتحديد معايير للدخول للسوق المغربية. كما طالب التقرير بضم العديد من المؤسسات المغربية الموجودة في الخارج، التي "تقوم بالأمر نفسه" في مؤسسة واحدة، تتكلف بالدفاع عن صورة المغرب وإشعاعه، داعيا إلى تبسيط الإجراءات على مستوى الصادرات، ومواصلة تنمية سياسة الانفتاح الاقتصادي، والدبلوماسية الاقتصادية. وشدد التقرير على تبني مقاربة مندمجة، تشمل إفريقيا الوسطى، مقترحا تنظيم صالون دولي للأعمال في المغرب، على غرار الصالون الدولي للفلاحة، الذي شهد نجاحا مهما، كما طالب بإحداث هيئة وطنية للذكاء الاقتصادي. وأبرز التقرير أنه، باستثناءات قليلة، ظل عجز الميزان التجاري بنيويا مع كل الاتفاقيات، وأن كل المؤشرات تؤكد على استمرار تفاقم عجز الميزان التجاري، وعلى عدم تحسن حصة المغرب في السوق الدولية، التي تبلغ 0،11 في المائة كمعدل سنوي بين 2000 و2012، رغم اختيار المغرب استراتيجية الانفتاح الاقتصادي، والتي مرت من 51 في المائة، خلال 2000، إلى 64 في المائة سنة 2012.