الإحباط، الإنتكاس، المخاض العسير، كلها عبارات تكررت في "نداء من أجل بناء الاتحاد الاشتراكي". النداء أصدرته وتبنته فعاليات معروفة من داخل الحزب بعضها محسوب على تيار اليازغي، الكاتب الأول للحزب وبعضها الآخر محسوب على معارضيه ممن يطلق عليهم بتيار "الإشتراكيون الجدد". "" تحدث النداء من جهة أخرى على ضرورة إعادة بناء الحزب وتجديده وبعث الثقة فيه. وانتقد القيادة متهما إياها بالإشتغال بعيدا عن المنطق الجماعي. وقال إن نتائج حزب الاتحاد الاشتراكي في انتخالبات 7 شتنبر باهتة، مرجعا ذلك إلى زوال التفرد التاريخي للحزب طيلة عقود معارضته، وتماهيه المطلق مع التجربة الحكومية بالرغم من أنه هو طرف فقط فيها. في السياق ذاته، اعتبر موقعو النداء بأن هذه الوثيقة هي مبادرة جماعية لبلورة قطيعة حاسمة مع طريقة التدبير الداخلي لشؤون الحزب. كما اعتبرت مبادرة مفتوحة. وختم الموقعون نداءهم بالدعوة إلى عقد دورة عاجلة للمجلس الوطني للحزب للتحضير لمؤتمر وطني مهمته هي مراجعة الذات وإعادة بناء الاتحاد. ولمواجهة غضب هذه الفعاليات، أصدر اليازغي، الكاتب الأول للحزب تعليماته لنشر الوثيقة على أعمدة جريدة الإتحاد الاشتراكي، الناطقة رسميا باسم هذه الهيئة التي كانت في وقت من الأوقات هي رهان المغاربة على التغيير والإصلاح. كما عمد اليازغي إلى دعوة هؤلاء لعقد اجتماع معهم. ويرى بعض المتتبعين بأن النداء مجرد محاولة من أنصار اليازغي نفسه لامتصاص غضب أغلب أعضاء الاتحاد المتذمرين من نتائج الانتخابات، وذلك حتى يتمكن زعيم الحزب من اجتياز مرحلة التفاوض للمشاركة "المشروطة" في الحكومة المقبلة. فيما يرى آخرون بأن النداء لا علاقة له بترتيبات اليازغي أو المقربين منه نظرا لأنه يحمل نقدا لاذعا لليازغي ذاته ولمحيطه وخصوصا منه ادريس لشكر، والذي يقدم على أنه الآلة التنظيمية للحزب. لكن التساؤل الذي يطرحه جل المراقبين هو: ماذا سيلي نشر النداء والإجتماع بمحمد اليازغي؟ هل سيتم عقد دورة للمجلس الوطني للحزب للتحضير للمؤتمر؟ أم أن الأمور ستعود إلى مجراها العادي بمجرد الإعلان عن الحكومة في الأيام القليلة القادمة. وهل سيعمد هؤلاء المحتجين على تراجع الحزب من أنصار اليازغي إلى التنسيق مع تيار الوزير الشاب محمد الكحص، الملقب بزعيم "الإشتراكيين الجدد"؟ ثم هل سيشمل التنسيق تيار "الأحداث المغربية" المنشق عن تيار اليازغي بعد نكسة الانتخابات؟ وهل سيكون مصير اليازغي و"رفاقه" المقربين هو الإبعاد من مهام المسؤولية وفتح المجال أمام الطاقات الشابة لتدبير شؤون الحزب؟ إنها أسئلة تطرح نفسها في انتظار القادم من الأيام. [email protected]