يطل المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء مرة أخرى على المهتمين بقضايا النشر والتأليف وعلى القراء والمثقفين من أجل الالتقاء وعرض آخر مستجدات عالم التأليف والإبداعات المتنوعة على المستوى الوطني والدولي. وتتميز الدورة الحالية، التي بلغت سنتها ال17 (من 11 إلى 20 فبراير الجاري)،باختيار بلد متوسطي (إيطاليا) كضيف شرف من أجل أن يتعرف الجمهور على جوانب من إبداع هذا البلد في مختلف الميادين الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. ويأتي هذا الاختيار اعتبارا لتاريخ إيطاليا العريق وإرثها الكبير من الحضارة اليونانية، وكذا لترسيخ تقليد محمود في إتاحة الفرصة للزوار لاكتشاف ثقافات أخرى ووضع معرفي وثقافي لبلد آخر من أجل إغناء الثقافة المحلية والوطنية، خاصة أن إيطاليا تخلد هذه السنة الذكرى ال 150 لإنشائها كدولة موحدة. ومن المنتظر أن يعرض الضيف الإيطالي في جناحه وثائق وتحف فنية، فضلا عن عقد ندوات تسلط الضوء على المجتمع والسياسة بإيطاليا، وتعليم اللغة الإيطالية. وأعدت لهذا اللقاء الثقافي الهام، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، برمجة متنوعة تأخذ بعين الاعتبار التنوع الذي يعرفه الحقل الثقافي المغربي حيث ستخصص أنشطة وفقرات للثقافة الأمازيغية ولثقافة الصحراء الحسانية، وتنظيم الدورة الثانية لمباراة الاستظهار والإلقاء بمشاركة أكاديمية الرباط التابعة لوزارة التربية الوطنية. وستتميز هذه الدورة التي ستنطلق بعد غد الجمعة بحضور أسماء فكرية وإبداعية مغربية وعربية ودولية منها على سبيل المثال فريديريك ميتيران وزير الثقافة الفرنسي، وإدغار موران، وآلان غريش، وميشال مافيزولي، ومحمد سلماوي، وصلاح فضل،وواسيني الأعرج، وكاظم جهاد، ورشيد بوجدرة، ومحمد بنطلحة. ومن بين المواضيع التي ستتم مناقشتها خلال هذه الدورة "الثقافة، الاقتصاد، والتكنولوجيات الحديثة"، و"العالم الحديث والحاجة إلى الفلسفة"، و"من أجل ثقافة محدثة لفرص الشغل"، و"العلاقات الإسبانية المغربية : تاريخ وآفاق"، و"الاتحاد من أجل المتوسط وإشكالاته"، و"الاقتصاد والتكنولوجيات الحديثة"، و"قراءة وصناعة الكتاب بالمغرب"، و"السياحة والثقافة"، و"الجهوية الموسعة : أي مشروع وأية آفاق؟"، علاوة على مواضيع تناقش اتحاد المغرب العربي، والعولمة وعوائقها. وبرمج المنظمون كذلك لقاءات مهداة إلى ذاكرة محمد عابد الجابري ومحمد أركون وإدمون عمران المالح، إضافة إلى ندوات تناقش جوانب متعلقة بالتصوف واللغة الأمازيغية ومستقبل الثقافة العربية ومجتمع المعرفة، والأدب السعودي فضلا عن لقاءات مع الكتاب وأخرى مخصصة لقراءة بعض المؤلفات والكتب. وتعد أيام المعرض بتخصيص أجنحة وفضاءات موجهة لفئة الأطفال والتلاميذ، من خلال ورشات وبرامج حكائية، منها تقنيات سبك الحكاية وفن السرد، مع تدوين الحكاية وطبعها، وكذلك ورشات الخط المغربي والقصة المصورة والفنون التشكيلية وصناعة الأقنعة. ويشارك في هذه الدورة، حسب المنظمين، 724 ناشرا وعارضا، من 42 بلدا، على مساحة 23 ألف و800 متر مربع. وكتب وزير الثقافة بنسالم حميش، في ورقة تقديمية لفقرات هذا المعرض، أن الوزارة توخت عند إعدادها للبرنامج الثقافي العام للمعرض تسطير العديد من الفقرات الرامية إلى ربط صلة مباشرة بين الجمهور العريض وكثير من الأسماء الفكرية الإبداعية، المغربية والعربية والدولية التي يستمد منها المعرض مصداقيته المعنوية وإشعاعه. ومع أن المعرض يعتبر موعدا سنويا هاما بالنسبة لعموم الجمهور والمهتمين بالمجال الثقافي، فإنه ينعقد في ظرفية تعرف انحسارا لمجال القراءة وعدم الإقبال خاصة من قبل الشباب على الكتاب والمؤلفات الجديدة. واعتبر الوزير أن ظاهرة تردي أحوال القراءة والعزوف عنها لا يختلف على واقعها المتتبعون والمهتمون من مؤلفين وطابعين وموزعين وباعة. ظاهرة تعبر عن فداحتها بلاغة الأرقام في سوق الكتاب من كل الأصناف وفي مختلف الحقول والمواد. وأضاف أن هذه الظاهرة باتت معطى بنيويا متناميا ينخر المشهد التعليمي والثقافي ويستدعي دراسات ميدانية وتحليلية، مضيفا "نطلع على بعضها بين الفينة والأخرى في منابر صحافية، أو في تقارير مخصوصة، فنأسف لكشوفها وتوصيفاتها أويقابلها البعض بموقف الاستخفاف واللامبالاة. وذريعة من يتبنى هذا الموقف الثاني هي أننا دخلنا زمن ما بعد المكتوب والكتاب، أي زمن الوسائطيات المتعددة من السمعي البصري والرقمي وتكنولوجيات التواصل المتطورة الأخرى". يذكر أن الدورة 17 من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء تشهد مقاطعة مجموعة من الكتاب المغاربة المنتسبين لاتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون. وأكدت هذه الهيآت الثقافية الثلاث في بيان لها أن قرار مقاطعة المعرض "يعني الإحجام عن المشاركة أو المساهمة أو الحضور أو التدخل في جميع فقرات معرض الكتاب"، مضيفة أن القرار يأتي بعد أن "لاحظت إحجام الوزارة عن إشراكها في الندوة الصحفية التي نظمت يوم الجمعة الماضي، لتقديم برنامج دورة هذه السنة.".