تنص المادة 78 من النظام الداخلي الموحد لجمعية هيئات المحامين بالمغرب على أن على المرشح لمهنة المحاماة أن يرفق طلبه بوصل يثبت أداء الرسوم المحددة من قبل الهيئة مقابل الانخراط من جهة ومقابل الاشتراك السنوي من جهة ثانية. ويختلف رسم الانخراط من مبلغ إلى آخر إن كان المرشح قد جاء مباشرة من الجامعة أو إذا سبق له الممارسة في القطاع العام أو شبه العام أو الخاص. كما يختلف مبلغ الانخراط من هيئة لأخرى إلى درجة مطالبة بعض الهيئات بمبالغ جد مرتفعة كانت سببا في لجوء البعض إلى القضاء لإلغاء رسوم الانخراط باعتبار أن القانون المنظم للمهنة لم يكن يتكلم في السابق إلا على رسم الاشتراك السنوي بالمادة 85 من ظهير 10 شتنبر 1993 التي أصبحت هي المادة 91 الفقرة الرابعة من القانون المنظم لمهنة المحاماة المؤرخ في 20 أكتوبر 2008. كما يؤدي المحامي المتمرن إلى جانب رسم الانخراط اشتراكا سنويا كما تمت الإشارة إلى ذلك. وكان من الأعراف والتقاليد أن يتحمل صاحب مكتب التمرين أي الممرن مبلغ “الانخراط” ومبلغ الاشتراك السنوي وكذا جميع نفقات المتمرن أثناء مدة التمرين، سواء فيما يتعلق بالندوات أو المؤتمرات أو غيرها. ويظهر أن هذا العرف قد تم التخلي عنه باعتبار أن النفقات كانت رمزية في الماضي على عكس ما هو عليه الأمر الآن إذ أصبح مبلغ الانخراط جد مرتفع بالنسبة للمتمرن ويوازي أحيانا قيمة شراء عقار بالنسبة للمعفى من التمرين. ويمكن القول بأن هذا الأمر أصبح غير موضوعي، إذ من شأنه لا محالة إثقال كاهل من يلج المهنة بديون هو في غنى عنها. ومن المحتمل أن تجد من سيحاول استرجاع هذه المبالغ بطرق غير مشروعة وهو ما يشكل خطرا عليه بصفة خاصة و على مهنة المحاماة بصفة عامة. وقد تضاربت الاجتهادات بهذا الخصوص إذ اعتبرت محكمة الاستئناف بالرباط- بناء على المادة 85 من الظهير الشريف الصادر في 1993- بأن “تقدير رسوم التقييد هو من اختصاص مجلس الهيئة وأن القاضي ليس له أي حق في مراقبة التعاريف التي يحددها المجلس” . كما قضت محكمة الاستئناف بالرباط في نازلة أخرى بأن “طلب الإعفاء من واجب الانخراط أو تخفيضه لم ينص عليه قانون المهنة ولم ينظم شكل الطعن فيه، وأن النظام الداخلي هو الذي اشترط أداء الواجب المذكور عند طلب التقييد في الجدول، وما دامت المادة 85 من قانون المهنة (ظهير 1993 ) أعطت لهيئات المحامين الحق في وضع قوانينه الداخلية، فإن الشرط المذكور يعتبر مرتكزا على أساس قانوني يبقى النظر فيه من اختصاص مجلس الهيئة ويبقى تقدير واجب الانخراط متروك لسلطة هذا المجلس وحجة ولا رقابة عليه في ذلك”. وسارت في نفس الاتجاه محكمة الاستئناف بوجدة التي اعتمدت النظام الداخلي الذي ينص في الفصل 89 على أنه يتعين على كل محام سجل في الهيئة أن يؤدي لصندوق هذه الأخيرة واجب الانخراط وواجب الاشتراط. ومعلوم يقول القرار بأن “واجب الانخراط يؤدي عند التقييد بينما الاشتراك يؤدى عند الشروع في المهنة أو قبله وأن تحديد واجب الانخراط يعود لسلطة مجلس الهيئة” واعتبرت محكمة الاستئناف بالقنيطرة من جهتها بأن النظام الداخلي لإحدى الهيئات “لا يمكن أن يرفع إلى مستوى قانون وهو بالتالي يمكن أن يكون محلا للنقاش”. كما أثار أداء واجب الانخراط للهيئات مؤخرا مناقشات بين الهيئات وبعض الأساتذة الجامعيين والمحامين وكذا مع بعض المرشحين إلى درجة لجوء هؤلاء أحيانا إلى القضاء الذي أصدر أحكاما في غير صالح الهيئات. وهكذا قضت محكمة النقض بتاريخ 6 أكتوبر 2010 قرار يحمل رقم 1499 في الملف المني عدد 2008/6/1/55 جاء فيه : “المقصود بواجبات الاشتراك الواردة في المادة 85 من القانون المنظم لمهنة المحاماة والتي يتولى تحديدها مجلس الهيئة هو المبلغ المالي أو الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحمل أعباء تسييرها، وهي تنحصر في العضو المنتمي للهيئة فقط، لا الوافد عليها كالمحامين الرسميين المنتقلين من هيئات أخرى والمعفيين من شهادة الأهلية والتمرين، والمحامين الأجانب وغيرهم.” وقد علق النقيب عبدالله درميش على قرار المجلس الأعلى ( محكمة النقض ) بالقول بأن هذا الأخير قرار مبدئي وذو أهمية وصادر عن هرم القضاء المغربي. كما قام النقيب الطيب بلمقدم بتعليق على القرار قائلا بأن هذا الأخير تجاهل العرف الذي يعد أحد مصادر القانون وقام بتحليل مستفيض للعرف في القانون المغربي والمقارن كما أثار مقتضيات الأنظمة الداخلية للهيئات التي تفرض منذ القدم أداء واجب الانخراط وكذا صفة الأشخاص الذين من حقهم الطعن في الأنظمة الداخلية. وإذا كان تعليق النقيب بلمقدم يرجع إلى سنة صدور القرار أي إلى سنة 2010 فإن التعليق أعيد نشره بتاريخ 17 غشت 2015 بموقع رقمي ( Marocdroit ) من قبل أحد الأساتذة الجامعيين الذي نشر بعد ذلك بنفس الموقع وبنفس التاريخ تعليقا على التعليق هو عبارة عن دراسة بعنوان : “رفقا بالقانون، يا أهل القانون – العرف والأنظمة الداخلية لا يمكنها مخالفة القانون” مع العلم بأن القرار صدر في ظل ظهير 1993 لان الطعن تم سنة 2006 بينما التعليق على التعليق يثير مقتضيات جديدة أتى بها قانون 2008 ولا سيما المادة 20. وقد ركز الرد أساسا على الفصل 475 ق.ل.ع الذي ينص على أنه :” لايسوغ للعرف والعادة أن يخالفا القانون، إن كان صريحا”. كما تم التركيز من قبل صاحب الرد على أنه “يتعين الإشارة إلى أن دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، بما تعنيه من وجوب مطابقة التشريع الأدنى للتشريع الأعلى درجة منه هي مبادئ ملزمة، وتبعا لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخالف الأنظمة الداخلية الموضوعة من طرف مجالس الهيئات القانون المنظم لمهنة المحاماة باعتباره تشريع أعلى درجة”. وقد أصاب صاحب التعليق حينما ركز على أنه لا يمكن للعرف أن يخالف القانون ولا يجوز للأنظمة الداخلية أن تخالف القانون. وقد استفضنا في شرح كنه النظام الداخلي ومدى تراتبيته مع القانون المنظم لمهنة المحاماة بمناسبة تعديلات أقدم عليها مجلس هيئة المحامين بالرباط بتاريخ 10 يونيو 2008 من بينها أنه “لا يقبل ناخبا أو مرشحا في الانتخابات المهنية للهيئة إلا المحامون الذين أدوا مبالغ الاشتراكات السنوية بالهيئة لغاية آخر السنة التي تجري فيها الانتخابات”.وللتاريخ فإن محكمة الاستئناف بالرباط أصدرت بناء على هذه الدراسة يوم 9 أكتوبر 2008 القرار رقم 35 في الملف عدد 35/2008/3 قضى بإلغاء المقرر المطعون فيه بعدما أقر بأن “حق الانتخاب حق دستوري ويعتبر من الحقوق المهنية الأساسية للمحامي، لا يمكن المساس بها إلا بمقتضى قرار قضائي يمنع من ممارسته لأسباب محددة بمقتضى القانون”. وبالرجوع إلى قرار المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) الصادر سنة 2010 فإن بعض محاكم الاستئناف استلهمت منه قراراتها حيث أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط مثلا بتاريخ 29 مايو 2014 قرارا يحمل رقم 23 في الملف رقم 43/1124/2013 جاء فيه بأنه لا يوجد بالقانون المنظم لمهنة المحاماة أي نص يشفع لمجلس الهيئة بتحديد واجب الانخراط وأنه قام بمخالفة القانون حينما حدد وفرض واجب الانخراط مخالفا بذلك مضمون المادة 92 التي تنص على أن : “كل المداولات أو المقررات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العامة، أو مجلس الهيئة خارج نطاق اختصاصهما، أو خلافا للمقتضيات القانونية، أو كان من شأنها، أن تخل بالنظام العام، تعتبر باطلة بحكم القانون. تعاين محكمة الاستئناف هذا البطلان، بناء على ملتمس من الوكيل العام للملك، بعد الاستماع إلى النقيب، أو من يمثله من مجلس الهيئة”. كما أسست محكمة الاستئناف بالرباط قرارها على المادة 91 التي تتحدث عن صلاحية مجلس الهيئة في تحديد واجب الاشتراك ولا تتحدث عن واجب الانخراط. وإذا كانت محكمة النقض قد بثت سنة 2010 في نازلة تخضع لظهير 1993 الذي لم يكن يشير في أي من فصوله إلى واجب الانخراط فإننا نعتقد بأن محكمة الاستئناف التي بثت سنة 2014 لم تنتبه للتعديل الذي طال المادة 20 من هذا الظهير والذي أصبح كالتالي : “يجري مجلس الهيئة، بحثا حول المرشح. يبت مجلس الهيئة في طلبات التسجيل في الجدول بعد استكمال عناصر البحث داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ إيداع الطلب وأداء واجبات الانخراط…” وباعتبار أن صاحب الطعن وهو قاض سابق يطلب تسجيله في جدول المحامين فإنه كان عليه أداء واجب الانخراط وأن محكمة النقض لم تصادف الصواب في ما قضت به وسيذهب الظن بالكثير من المحامين وغيرهم بأن مضمون القرار هم محاباة للطاعن باعتباره قاضيا سابقا. وكيفما كان الحال وبالرجوع إلى قانون 2008 فإن الباحث يلاحظ إذن بأن المشرع ينص صراحة على واجب الانخراط بالنسبة لمن يريد التسجيل في الجدول ولم يشمل أولائك الذين يتقدمون بطلب تسجيلهم في لائحة التمرين الذين يبقوا معفيين من أداء واجب الانخراط. كما أن تدخل المشرع في مادة معينة يضع حدا لعرف أو لعادة لان القانون يسبق على العرف حينما يكون صريحا. وبدراسة متأنية لواقع الأمر فإن مطالبة المرشح للتمرين بأداء واجب الانخراط هو أمر لم يصادف الصواب من أساسه ولو أقره العرف في الماضي لأنه سابق لأوانه باعتبار أن مجلس الهيئة يقوم بتسجيل المتمرن في لائحة التمرين ولا ينخرط هذا الأخير بعد في الهيئة كمحام لأنه يظل متمرنا لمدة ثلاثة سنوات يمكنه على إثرها مغادرة المهنة لأسباب متعددة كما يمكن للمجلس خلالها وضع حد للتمرين والتشطيب على المتمرن من لائحة التمرين. ويزكي ذلك بأن على المتمرن وعند نهاية التمرين أن يتقدم بطلب ثان لتسجيله في الجدول (مرفقا بالوضعية التي سيكون عليها إما مستقلا أو متساكنا أو متشاركا أو في إطار شركة مدنية مهنية…) ويؤدي واجبات أخرى تسمى حسب الوصولات المسلمة بهيئة الرباط مثلا “واجبات التسجيل والتقييد بجدول المحامين الرسميين.” فالمرشح يتقدم بطلب تسجيله بقائمة التمرين لكي يقضي تمرينه بمكتب أحد المحامين المسجلين بالجدول ولا يمكن له المطالبة بتسجيله في الجدول ومن تم بانخراطه في الهيئة إلا إذا أنهى تمرينه وفق الشروط التي يتطلبها القانون. ثم إن قانون 2008 حسم في الأمر حينما فرض صراحة أداء واجب الانخراط على طالب التسجيل في الجدول ( المادة 20 ) وأعفى طالب التسجيل في لائحة المتمرنين من أداء هذا الرسم بينما ألزمه صراحة بأداء واجب الاشتراك. ولا يمكن للأنظمة الداخلية أن تحل محل القانون لفرض واجب الانخراط على المتمرنين الذين ستتكفل الدولة مستقبلا بتدريبهم والذين لا يتوفرون على صفة محامين إلا إذا كانت مشفوعة بمتمرنين. ولابد من الوقوف على الأنظمة الداخلية التي حاول النقيب السابق إيجاد الأساس القانوني لواجب الانخراط بناء عليها. فالمادة 91 من القانون المنظم للمهنة تنص حقا على أن مجلس الهيئة يتولى ، “زيادة على الاختصاصات المسندة إليه وضع النظام الداخلي للهيئة وتعديله، وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة وتقاليدها وأعرافها، مع تبليغه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، والوكيل العام للملك لديها، وإيداع نسخة منه بكتابة الهيئة، وكتابة ضبط محكمة الاستئناف”. ويمكن التعريف بالنظام الداخلي بأنه وثيقة مكتوبة ضرورية، إذا كان القانون الأساسي المنظم للمهنة ينص عليها، وملزمة للمحامين وأجهزتهم، تقوم مقام العقد الذي يسمح بالعيش والتعايش بين المحامين أنفسهم وبينهم وبين أجهزة الهيئة من نقيب ومجلس وجمعية عمومية. فالنظام الداخلي إذن مصدر من القانون ألاتفاقي يحدد بموجبه الإطار والحدود ونقط الإرشاد بالنسبة للمحامين وهذا النظام يساعد على الحياة الجماعية بين المحامين وأجهزتهم لان القانون الأساسي المنظم لمهنة المحاماة لا يمكنه أن يتطرق لجميع الأسئلة المرتبطة بالتنظيم وبالتسيير بل يقتصر في أغلب الأحيان على الخطوط العريضة للمهنة. ولا يمكن لوثيقة النظام الداخلي أن تفهم كوسيلة ضغط أو كمقتضيات قسرية بقدر ما يجب أن تسمح للمحامين المنضوين تحت هيئة معينة بحياة جماعية منسجمة. كما لا يمكن للنظام الداخلي أن يتلخص في جمع “الممنوعات” بل عليه أن يتضمن النصوص الأساسية للقانون ويفسر معانيها ومداها ويكملها طبقا للأعراف والتقاليد المهنية. ويجب على مجلس الهيئة وقبل وضع أو تعديل النظام الداخلي للهيئة أن يقوم بقراءة وبدراسة متأنية للقانون المنظم للمهنة لكي لا يصبح النظام الداخلي يشكل ضربا للحقوق الشخصية والحريات العامة التي تبقى الأساس ويكون الحد منها هو الاستثناء. وإذا كان المشرع عبر المادة 91 من قانون المهنة قد أعطى الصلاحية لمجلس الهيئة لوضع النظام الداخلي فانه لم يحدد الإطار القانوني لهذا النظام ( وكان من الأفضل أن يعمل على ذلك ) – على عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للنظام الداخلي للأجراء المنصوص على مضمونه في المادة 138 وما يليها من مدونة الشغل مثلا، وان الفقه والاجتهاد هما اللذان رسما حدود النظام الداخلي للمحامين لان بعض مجالس الهيئات، سواء على المستوى الوطني أو الخارجي، كانت تذهب بعيدا في ممارسة سلطتها وكانت في بعض الأحيان تدوس حقوق الأشخاص وتدوس حتى حرياتهم. فمقتضيات النظام الداخلي يجب أن تكون إذن متطابقة مع القوانين الملزمة للجميع. ولا يمكن للنظام الداخلي أن يغير مقتضيات القانون أو أن يصدر قواعد تتناقض مع هذه المقتضيات. فدور النظام الداخلي، الذي هو عقد “اتفاقي”، يتمثل في إحداث فضاء للحرية يحمي ضد تعسف واستبداد سلطة الأجهزة من نقيب ومجلس هيئة وليس فضاء للقيود التي قد يحلو للأجهزة وضعها ضدا على القانون. ولا بد من الوقوف تأملا على ما نصت عليه الأنظمة الداخلية للهيئات بالمادة 78 المشار إليها سابقا من أداء المتمرنين لواجب الانخراط كشرط من شروط القبول للتسجيل في لائحة التمرين للرجوع إلى القانون الأساسي لسنة 2008 الذي لا ينص على أداء واجب الانخراط إلا بالنسبة للمرشحين للتسجيل في الجدول دون سواهم. وباعتبار أن النظام الداخلي للهيئة لا يمكنه أن يرقى إلى مرتبة القانون المنظم للمهنة وباعتبار أن الفرع لا يمكنه أن يتناقض مع الأصل فإن مجالس الهيئات تكون لا محالة قد تجاوزت صلاحياتها وسلطاتها حينما قرروا داخليا فرض رسم الانخراط على المتمرنين. وقد سبق لنا أن كتبنا في مناسبة أخرى أنه لا يعقل أن يتم تجاوز السلطة بالنسبة لأجهزة حقوقية يجب أن يكون شعارها وبرنامجها الأول والدائم هو المأسسة لدولة القانون. ثم هل تتساءل هذه الأجهزة عن شعور الطرف الضعيف الذي هو المتمرن الذي ما عليه إلا الإذعان لنظام يتناقض مع القانون الأساسي لمهنة المحاماة ؟. ومن جهة أخرى فانه لا بد من الإشارة إلى مقتضيات قانون المالية المغربي التي تمنع فرض واجبات مالية على المواطنين دون موجب مشروع وتحيل على مجموعة القانون الجنائي. وهكذا ينص الفصل الأول – الفقرة III – من هذا القانون على أن : “كل ضريبة مباشرة أو غير مباشرة سوى الضرائب المأذون فيها بموجب أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها وأحكام قانون المالية هذا تعتبر ، مهما كان الوصف أو الاسم الذي تجبى به ، محظورة بتاتا ، وتتعرض السلطات التي تفرضها والمستخدمون الذين يضعون جداولها وتعاريفها أو يباشرون جبايتها للمتابعة باعتبارهم مرتكبين لجريمة الغدر ، بصرف النظر عن إقامة دعوى الاسترداد خلال ثالث سنوات على الجباة أو المحصلين أو غيرهم من الأشخاص الذين قاموا بأعمال الجباية . ويتعرض كذلك للعقوبات المقررة في شأن مرتكبي جريمة الغدر جميع الممارسين للسلطة العمومية أو الموظفين العموميين الذين يمنحون بصورة من الصور وألي سبب من الأسباب ، دون إذن وارد في نص تشريعي أو تنظيمي ، إعفاءات من الرسوم أو الضرائب العامة أو يقدمون مجانا منتجات أو خدمات صادرة عن مؤسسات الدولة”. ومن تم فإن كل ما يمكن للهيئات اليوم أو للدولة غدا المطالبة به بالنسبة للمحامين المتمرنين هو “واجبات التمرين” أو “واجبات التمدرس على المحاماة ” بمقتضى نص قانوني حينما سيحدث المعهد الوطني للتكوين شريطة أن تكون المبالغ مطابقة لما سيتم تقديمه من تكوين ومناسبة للواقع الاجتماعي للمغاربة وليست مبالغ تعجيزية الهدف منها سد الباب على من لا يمكنه توفير المبالغ المادية المطالب بها. ونعتقد بصدق أنه بإمكان هيئات المحامين بالمغرب الحد من العدد الكبير للذين يرغبون في ممارسة مهنة المحاماة مستقبلا على أساس كفاءة المرشحين وذلك بنظام المباراة لا الامتحان لانتقاء أفضل العناصر وبنظام التكوين الجيد المبني على برامج مدروسة سلفا بصفة عامة وبإقرار شعب للتخصص بصفة خاصة. وقد نشر أحد الأساتذة الجامعيين على صفحته بالفيسبوك عريضة “شعبية” للمطالبة “بمجانية الولوج لمهنة المحاماة” موجهة إلى وزير العدل والحريات وأعضاء مجالس هيئات المحامين بالمغرب وطالب رواد صفحته التوقيع على العريضة بالضغط على عبارة “أحب” (j'aime). وذكر صاحب العريضة بالمبالغ التي تطالب بها بعض الهيئات المرشحين المقبلين على التمرين مع “الإشارة إلى أن تلكم المبالغ تضاعف أربع مرات إذا تعلق الأمر بقدماء القضاة والأساتذة الجامعيين والموظفين” والقادمين من القطاع الخاص… أما بخصوص واجب الانخراط عند التسجيل بالجدول بالنسبة لهؤلاء، أي لمن سبق له العمل في مجال من المجالات التي تسمح بإعفائه من شهادة الأهلية ومن التمرين، أو بالنسبة لمن أنهى فترة التمرين، فإنه يلزم تحديده وتوحيده على الصعيد الوطني بما يناسب الوضعية الاجتماعية والمعيشية للمغاربة إما من قبل هيئات المحامين السبعة عشر وفي حالة عدم الاتفاق من قبل وزارة المالية ( وهو أمر سنأسف له لنسفه الاستقلال الجماعي للمحامين) لان المترشحين يتوجهون إلى الهيئة التي تطالب بأقل المبالغ من جهة ولان الواقع أصبح يستدعي وقفة تأمل أمام المبالغ المهولة المطالب بها والتي تفوق أحيانا مبلغ 220.000،00 درهم وهو أمر لا يتقبله لا المنطق ولا معدل الدخل لمعظم المغاربة ويثير الشفقة خصوصا إذا ما قارنا الوضع بالمغرب مع هيئة المحامين بباريز مثلا وهي أعرق هيئة بفرنسا والتي لا يتعدى واجب الانخراط فيها 800 أورو أي 8800 درهم لا غير رغم أن نوعية القضايا وقيمتها تختلف مع ما هو موجود ببلادنا ورغم أن عدد المحامين بهذه الهيئة يتجاوز 25.000 محامية ومحام وسيصل العدد سنة 2020 إلى 35.000 محامية ومحام مع العلم أن واجب الاشتراك يحتسب بناء على دخل المحامي. وسيكون من الإنصاف أن تقف جميع الهيئات على التساؤلات التي أثارتها هذه الدراسة الأكاديمية النقدية [24] لمعرفة مدى مشروعية الرسوم التي تستخلصها من المتمرنين، لأنهم أبناءنا وأبناء المغاربة جميعا، وقيمة البعض الأخر الذي تستخلصه من المطالبين بتسجيلهم بالجدول، والذين سيصبحون زملاء لنا بمجرد أدائهم للقسم ، لان الجميع يطمح لبناء محامين أقوياء ومستقلين، محامين أكفاء بعلمهم وبتكوينهم وليس محامين ينطلقون في حياتهم المهنية بالإحساس “بالحكرة” حتى قبل أداء اليمين.