تتطلع مجموعات الأطر العليا المعطلة لما سيسفر عنه يوم 10 فبراير الجاري من نتائج بفارغ الصبر، ويسود جو من الترقب كافة مناطق المغرب، ناهيك عن العاصمة الرباط، وبالخصوص ساحة النضال قرب مقر البرلمان التي عرفت هدنة مؤقتة طيلة العشرين يوما الماضية. وتنتظر المجموعات التي تضم حوالي 3500 معطل وفاء الحكومة بالتزاماتها في "إدماجهم الفوري والمباشر والشامل في أسلاك الوظيفة العمومية"، وإيجاد حلول عاجلة ودائمة لملف المعطلين الذين بلغ عددهم سنة 2010 مليون و37 ألف حسب إحصائيات رسمية. وقد عمدت جل المجموعات، منذ اللقاء الأمني بالرباط، إلى وضع ساعة للعد العكسي على بوابتها الإلكترونية في انتظار يوم الحسم في عدد المناصب، قبل تقرير أي خطوة مستقبلية. هذا، وقد تلقفت أوساط الشباب المعطلين تصريحات بعض المسؤولين بتفاؤل كبير، معبرة عن أملها في نهاية المأساة التي يعيشونها يوميا، وبلغت بعض استطلاعات الرأي 68% ممن يعتقدون بوفاء الحكومة بوعودها مقابل 23% من الذي ينظرون عكس ذلك (11% دون رأي). جاء ذلك عقب الندوة الإعلامية التي عقدت تحت شعار: "الملف المطلبي للمجموعات الوطنية للأطر العليا المعطلة المرابطة بالرباط على ضوء المستجدات الراهنةَ"، والتي شاركت فيها جهات نقابية وحقوقية، أكدت على توفر الدولة هذه السنة (2011) على الميزانية الكافية لسد الخصاص في المناصب الشاغرة بسبب المغادرة الطوعية وخلق مناصب إضافية، قد تصل في مجموعها إلى أزيد من 23 ألف منصب شغل، منها 4 آلاف منصب مخصص للسلم 11 في مختلف التخصصات، وهو العدد الذي يسع كافة المعطلين حاملي الشواهد العليا.
"محمد ع." من مجموعة "الصمود" صرح لهسبريس أن "لا تراجع عن الملف المطلبي الذي نناضل من أجله، ونفضل الموت أمام البرلمان على أن نرجع دون وظيفة إلى بيوتنا... ونتطلع لحل ملفنا في القريب العاجل". من جهتها "هاجر ل." من مجموعة "الأمل الشرقية" شددت على أن "هدفنا هو تحقيق الكرامة، ونحن لا نطالب إلا بحقنا في الشغل حتى نعيش كرماء في بلادنا"؛ صديقتها "فاطمة و." في مجموعة "الصمود" كررت شعار مجموعتها قائلة: "... وعاهدنا عائلاتنا على العودة بالوظيفة أو العودة في النعوش، فنحن كما عائلاتنا نعيش وضعا مزريا، وننتظر منذ أشهر أن تنتهي هذه الوضعية التي لا يطيقها أي إنسان، ونتطلع إلى أن يتحقق لنا مطلبنا في الشغل هذا الشهر". أما "رشيد ق." من مجموعة "الحوار" فقد أكد على أن "الأرقام المقدمة بالندوة تبين مدى حاجة الدولة لكفاءاتنا، ونأمل أن يحصل خير في الأيام المقبلة إذا ما سارت الأمور بشكل شفاف".
ويرى الكثير من المتتبعين أن مسألة إدماج المعطلين تعوقها التيارات الحزبية المشكّلة للحكومة من خلال توظيف الوزارات في حسم الصراعات الدائرة بينها، وما يعزز هذا المنحى أكثر، هي المعطيات التي رشحت مؤخرا عن بعض المطلعين، والتي تفيد بوجود صراع خفي حول تقسيم "كوطا" تستفيد منها بعض الأحزاب والتي يتراوح العدد المخصص لها بين 350 و500 منصب. زيادة على ذلك، يتحدث مراقبون للشأن السياسي عن "تعنت" وزارة المالية في إقرار مناصب مالية نزولا عند طلب العديد من الوزارات، لاسيما في قطاعات التعليم والصحة والعدل.
إلى ذلك، حذرت جهات عديدة من خطورة الأوضاع الراهنة، خاصة أمام تهديد كافة المجموعات بالتصعيد أكثر مما سبق في حال تنصل الحكومة من الوعود التي قطعتها على نفسها، وفي حال دخول القانون 05.50 حيز التطبيق الذي يلغي الفصل 22 منه الإدماج المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية. وينتظر أن تعرف الرباط تحركات غير مسبوقة في الفترة الراهنة لطي هذا الملف قبل تدفق أعداد أخرى من حاملي الشهادات العليا على ساحة البرلمان التي أضحت رمزا لنضال المعطلين.