لم تستسغ الجزائر، ومعها جبهة البوليساريو الانفصالية، التقرير الذي عرضه المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في مجلس حقوق الإنسان خلال الدورة الثلاثين بجنيف، وذلك عقب زيارة له للصحراء المغربية ومخيمات تندوف. التقرير الذي عرضه الأمير الأردني زيد رعد الحسين، بعد الزيارة التي جرت في أبريل الماضي، للاطلاع على مدى التقدم والإصلاحات التي يعرفها ميدان حقوق الإنسان في هذه المناطق، جاء مخالفا لما كانت تترجاه الجارة الشرقية ومعها جبهة البوليساريو. وفي نوع من الضغط على الأممالمتحدة، دفعت الجزائر بجمعيات إسبانية موالية لها، خلال مشاركتها في أشغال مجلس حقوق الإنسان، لمطالبة المفوض السامي بنشر التقارير ذات الصلة وباستحداث آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان في أقاليم المغرب الجنوبية. تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان لم يخرج عن المهمة التقنية التي أوكلت إليه، حيث أوضح أن زيارته للمغرب والصحراء المغربية ومخيمات اللاجئين في تندوف هدفها "جمع مزيد من المعطيات بغاية فهم الوضع والتحديات في مجال حقوق الإنسان في تلك المنطقة". وأكد التقرير في فقراته التي خصصها لهذه الزيارة، أن المفوض السامي لحقوق الإنسان يسعى، من خلال الزيارة ذاتها، إلى "استكشاف سبل التعاون لضمان الحماية الفعالة لجميع حقوق الإنسان"، داعيا إلى "احترام حقوق الإنسان لتحقيق حل لهذا النزاع طويل الأمد". الجمعيات الإسبانية الداعمة للأطروحة الانفصالية للبوليساريو طالبت بنشر تقارير بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حول ما وقفتْ عليه خلال زياراتها لأقاليم المغرب الجنوبية، مدعية وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في هذه الأقاليم. وكان المغرب قد أكد، على لسان سفيره الدائم بجنيف، محمد أوجار، خلال جلسة المناقشة التي نظمت بمجلس حقوق الإنسان، على الطابع الثنائي والتقني الصرف، لا الإقليمي أو المتعدد الأطراف، لمهمة بعثة المفوضية السامية التي أنجزت بالرباط والصحراء المغربية. أوجار ندد في هذا السياق "بالمناورات والمحاولات اليائسة لخصوم الوحدة الترابية الرامية إلى توظيف النقاش مع المفوض السامي من أجل تحريف طبيعة وأهداف هذه البعثة المتفق بشأنها"، موضحا أنه "تم إيفاد البعثة عقب محادثات ثنائية بين المغرب ومكتب المفوض السامي والتي مكنت من تحديد، بصفة مشتركة، الإطار المرجعي الموجه والضامن لنجاح مهمتها". وأضاف أوجار، "هذه الزيارة نظمت بدعوة من الحكومة المغربية، وتندرج في إطار علاقات التعاون المستمر بين المغرب ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان"، مسجلا أنها "تنبع من الالتزام المتجدد للمغرب وانفتاحه على الآليات الأممية لحقوق الإنسان انسجاما مع اختياراته الإستراتيجية الرامية إلى تعزيز دولة القانون وتوسيع فضاء الحقوق والحريات".