ما إن تجاوزت عقارب الساعة توقيت الثامنة صباحا بقليل، حتى بدأت الطلائع الأولى للناخبين تتوافد ، ولو بشكل قليل، على مكاتب التصويت التي هيئت من أجل استقبال مواطني مدينة أكادير لانتخاب ممثليهم في المجلس الحضري للمدينة ،وفي مجلس جهة سوس ماسة. بمقر دار الشباب الحي الحسني ، التي ترعرعت بين جدرانها أجيال متعاقبة من الفاعلين في الحقل الجمعوي بمدينة الانبعاث، كان الناخبون يتوجهون بالسؤال لبعض المسؤولين عن التنظيم لمعرفة رقم القاعة التي سيؤدون فيها واجبهم الوطني، فيكون التجاوب تلقائيا، وتتم العملية بسلاسة متناهية، سواء من جانب الناخب، أو من طرف الموظف المكلف بإرشاد الناخبين. فاطمة كريمي، امرأة تبدو في العقد الخامس من عمرها، ولجت إلى إحدى قاعات التصويت بدار الشباب الحي الحسني، وهي تتلفظ تارة بكلمات أمازيغية، وتارة أخرى بتعابير فرنسية. تبدو على محيى هذه السيدة علامات الانشراح وهي تتقدم صوب المسؤولين عن ضبط عملية التصويت. لازمت الابتسامة شفتيها حتى بعد مغادرتها المعزل الذي وضعت فيه العلامة على المرشح الذي اختارته. بادرت وكالة المغرب العربي للأنباء السيدة فاطمة كريمي بالسؤال عن الشعور الذي يعتريها وهي تشارك في انتخاب أعضاء الجماعة الحضرية لأكادير ، ومجلس جهة سوس ماسة، وكذا عن سر الابتسامة التي ظلت تلازمها منذ أن ولجت قاعة التصويت، فترد قائلة: " أنا مواطنة مغربية، عشت لفترة طويلة في أرض المهجر، وأنا جد سعيدة بتواجدي الآن في أرض الوطن ... يغمرني إحساس رهيب وأنا أشارك في انتخاب من سيمثلني في الجماعة التي أنتمي إليها، أنا أقوم من خلال عملية التصويت بأداء واجبي الوطني، وأساهم بالتالي في ترسيخ الممارسة الديمقراطية في وطني، وفي مدينتي". تتعاقب الدقائق والساعات، وتتوالى أعداد الوافدين على مكاتب التصويت الموزعة عبر أرجاء تراب الجماعة الحضرية لأكادير. مع وصول عقارب الساعة وقت الزوال، شوهد توافد أكبر للناخبين على مكاتب التصويت، مقارنة مع ما كان عليه الأمر خلال فترة الصباح، وهذا ما تمت ملاحظته من خلال جولة تفقدية لمجموعة من المراكز المخصصة للتصويت. بمقر مدرسة وادي المخازن في حي أمسيرنات، التي اختيرت لتكون من بين مراكز التصويت بهذا الحي الشعبي ، لوحظ بعد مرور منتصف النهار بقليل توافد أعداد كبيرة من الرجال والنساء والشبان والشابات من مختلف الأعمار على هذا المكتب من أجل اختيار مرشحيهم لعضوية بلدية أكادير. الشاب عدنان ،أحد المكلفين بعملية التنظيم، أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذا العدد المتزايد من الناخبين لفترة ما بعد الزوال يعود في نظره لكون عدد من المواطنين توجهوا في فترة الصباح إلى أعمالهم، واختاروا فترة ما بعد الزوال للمشاركة في الاقتراع قبل التوجه إلى أداء صلاة الجمعة، وقبل تناول وجبة الغذاء. في أحد الممرات المحاذية لقاعات التدريس بمدرسة وادي المخازن، جلس شاب وشابة أمام حاسوبيهما المحمولين ، وقد تحلق حولهما بعض النساء والشبان. اتضح بعد الاقتراب من هذا الحشد من الاشخاص أن الشابين يستلمان من الناخبين بطاقات تعريفهم الوطنية للتأكد من أحقيتهم في التصويت في هذا المركز، ومن تم توجيههم للقاعة التي ستستقبلهم لأداء واجبهم الوطني. يتوقع الساهرون عن تنظيم العملية الانتخابية، سواء في مكتب دار الشباب الحي الحسني، أو في مدرسة وادي المخازن بأكادير، أن يتزايد عدد الناخبين مع توالي ساعات ما بعد الظهيرة. هذا المعطى أكده أحد المنظمين الذي سبق له أن اضطلع بمهمة التنظيم في مراكز التصويت بأكادير في كل الاستحقاقات التي جرت خلال العقدين الأخيرين، مسجلا أن الجانب التنظيمي له دور أساسي في إنجاح العملية الانتخابية، وفي إكسابها المصداقية المطلوبة. وإذا كان الجانب التنظيمي لاقتراع 4 شتنبر 2015 إلى حدود فترة الظهيرة يتسم بالانضباط واحترام القانون، فإن هذه السمة الإيجابية هي التي خيمت أيضا على أجواء الحملة الانتخابية التي مهدت لهذا الاستحقاق على صعيد مدينة أكادير، ليبقى أمل إفراز نخبة مسيرة للشأن العام المحلي تتسم بالنزاهة والمصداقية والكفاءة هو الأمل الذي يحذو جميع شرائح المجتمع في مدينة الانبعاث، وهذا الأمل هو الذي سينكشف خلال الساعات القادمة من مساء هذا اليوم. *و.م.ع