رجت صورة الطفل السوري الغريق، "آلان كردي"، ذي الثلاث سنوات، ملقى على وجهه في شاطئ "بودروم" التركي، بقميصه الأحمر وسرواله الأزرق، العالم بأسره، سياسييه وأحراره، كما استفزت مشاعر الدكتور عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج. واعتبر بوصوف، في مقال توصلت به هسبريس، أن "دفع السوريين إلى الهجرة، أو مباركة هذه العملية، أو السكوت عنها، لا يعتبر لجوء، وإنما ترحيل وإفراغ لمحيط إسرائيل ديمغرافيا، وتأمين للسياسات الإسرائيلية في المنطقة، وإعادة الترتيب لهذا المحيط، وفق مصالح القوى الاستعمارية الجديدة، وعلى رأسها إسرائيل وإيران. وهذا مقال بوصوف كما ورد إلى الجريدة: تداولت وسائل الإعلام مؤخرا صورة الطفل السوري الذي قضى في البحر مهاجرا.! وهي صورة ينفطر لها القلب، ويدمى لها جبين الإنسانية جمعاء. وتتقدم الدول الغربية بدعاوى هنا وهناك، محتجة على الدول العربية لماذا لا تفتح حدودها أمام اللاجئين السوريين، وتفتخر بكونها تستقبل الآلاف منهم. وفي هذا الاحتجاج ووراء هذا الفخر، هناك الحقائق المسكوت عنها والأهداف المنكرة المتخفية والمقصودة من التشجيع على استقبال اللاجئين. كان بود هذه الأصوات لو كانت صادقة أن تطرح الأسئلة التالية: كم من الأطفال ماتوا قبل هذا الطفل؟ ألم نسمع عن آلاف الأطفال الذين يموتون داخل سوريا؟ هل من إحصاء لعدد الأطفال الذين قضوا تحت القصف الأمريكي في العراق وأفغانستان والقصف والحصار الإسرائيلي في غزة؟ لماذا نبارك هجرة السوريين ونمنع ذلك عن الأفارقة الذين يهلكون جوعا وأمراضا وغرقا، فيقضون نحبهم إما في الصحاري تحت القيظ، وإما بين أمواج المتوسط. لماذا يهجّر السوريون اليوم، ولماذا يقتّلون أمام ضمير العالم؟ ألا تحرق سوريا كما أحرق العراق وغزة في المنطقة؟ هل قدر أبناء سوريا، كما قدر أبناء العراق وفلسطين، هو الخروج من أوطانهم واللجوء إلى بلدان أخرى؟ أليست مباركة الحروب الداخلية بالمشاركة أو السكوت في سورياوالعراق ودفع المواطنين إلى الهجرة قسرا ومغادرة الأرض ... إفراغا لهذه الأوطان من سكانها؟ أليست مباركة التهجير إضعافا لهذه البلدان أمام تقوية نفوذ إيران والكيان الصهيوني في المنطقة؟ ألا يذكرنا تهجير السوريين والعراقيين اليوم بتهجير الفلسطينيين في النصف الأول من القرن الماضي ... إن دفع السوريين إلى الهجرة أو مباركة هذه العملية أو السكوت عنها لا يعتبر لجوءا، وإنما هو ترحيل وإفراغ لمحيط إسرائيل ديمغرافيا وتأمينا للسياسات الإسرائيلية في المنطقة وإعادة الترتيب لهذا المحيط وفق شروط ومصالح القوى الاستعمارية الجديدة، وعلى رأسها إسرائيل وإيران. وكما يقول المثل الإنجليزي: انتظر وانظر.