في العاصمة الرباط كلُّ الوَسائل تغْدو صالحة للنّقل العمومي في ساعاتِ الذروة، بما في ذلك عرباتُ نقْل البضائع، والسيّارات الخاصّة التي يستغلُّها أصحابُها لنقْلِ المواطنين من مكانٍ إلى آخر، بحْثا عنْ كسْبِ مداخيلَ إضافيّة، دُونَ التوفّر على رُخصة من السلطات المختصّة. صباحَ ومساء كُلِّ يومٍ تعبرُ عربات النقْل السرّي قنطرة الحسن الثاني، الفاصلة بيْن الرباطوسلا، ووسَط العاصمة الرباط ثمّة أماكن معروفة بتواجُد "الخطّافة"، يُكدّسون الناسَ داخلَ سيّاراتهم، وينقلونهم إلى وجهاتهم، دُونَ أدْنى خوفٍ من السلطات، وإنْ كانَ عملُهم غيرَ قانوني. وفي حينِ يجدُ المُواطنونَ في سيّارات النقل السرّي "مُنقذا" من أزمة النقْل التي باتتِ العاصمة الرباط تشهدها، خُصوصا نحو الوجهات التي لا يصلها "الترام"، فإنَّ النقْلَ السرّي، في المقابل، ينْطوي على مخاطرَ كبيرة، خصوصا أنَّ "الخطّافة" لا يتوفّرون على تأمين لنقل المسافرين. ولا تتوقّفُ مخاطرُ النقل السرّي عندَ هذا الحدّ، بلْ قدْ تصلُ إلى الاعتداء على الزبناء، خُصوصا النساء. ويرْوي حسن الدكالي، وهو كاتبُ عام نقابة سيارات الأجرة بسلا، أنَّ حالاتِ اختطافٍ كانَ "الخطافة" أبطالها وقعتْ غير ما مرّة في سلا، وآخرها "اختطاف" سيّدة في حيّ اشْماعو. ويؤكّدُ الدكّالي أنَّ هُناك إقبالا كبيرا على امتهان النقل السرّي منْ طرف أصحاب السيارات الخاصّة. أكثر من ذلك- يُردف المتحدّث- هُناك أشخاص يستأجرون السيارات من وكالات تأجير العربات، وينقلون بها المواطنين، ويجْنون من وراء ذلك أموالاً مهمّة، إذْ يربحون من رحلة واحدة بين الرباطوسلا 100 درهم. ويُضيف المُتحدّث أنَّ ضعْف أسطول النقل العمومي في العاصمة ونواحيها يدفع المواطنين إلى الاستعانة بأيّ وسيلة نقْل كيفما كانتْ، وهُوَ ما يشجّعُ كل من هبّ ودبّ على تحويل سيارته إلى سيّارة للنقل العمومي، بمن في ذلك المغاربة القاطنون بالخارج، بل والموظفون ورجال الشرطة، على حدّ تعبير الدكالي. وعلى الرغم من أنَّ نقابات سيّارات الأجرة راسلت السلطات المحليّة حوْل هذا الموضوع، إلّا أنَّ المجهودات المبذولة لمحاربة هذه الظاهرة- بحسب الدكالي- غيرُ كافية، إذْ بعْدَ حجْز سيارة النقل السرّي تأتي التدخّلات وتتمُّ استعادتُها، وبعْد ذلك يعودُ صاحبُها إلى مواصلة نقْل المواطنين، بعيدا عنْ أيّ ضوابط قانونيّة. وفي الوقت الذي يجني أصحاب عربات النقل السرّي، الذين يُؤدّون ضرائب ولا يدفعون إيجار مأذونيات النقل، أموالًا من عملهم غير القانوني، فإنَّ أصحاب سيّارات الأجرة يلحقُهم الضرر جرّاء استفحال هذه الظاهرة. ويَرى الدكالي أنَّ ثمّة حُلولا بيَد السلطات يُمكنها أنْ تحُدَّ من النقل السرّي ومخاطره بالعاصمة، وعلى رأس هذه الحلول توفيرُ ما يكفي من وسائل النقل التي تعمل بشكل قانوني، مُوضحا أن "المواطنين لا حوْل لهم ولا قُوّة، وظروف الحياة القاهرة هي التي تفرض عليهم اللجوء إلى أصحاب عربات النقل السرّي، ولوْ كانتْ هناك وسائلُ نقل بديلة ما كانَ لهذه الظاهرة أن تكون".