الفقراء جمع فقير، وهو الذي لا مال له. قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) التوبة/60 والفقر ضد الغنى. ويطلق على الحاجة، وفعله الافتقار، والاسم الفقير، وأَفْقَرَهُ الله من الْفَقْرِ فافتقر. ورجل مَفْقُورٌ وفَقِيرٌ: مكسور الْفَقَارِ; قال لبيد بن ربيعة العامري يصف لَبْداً وهو السابع من نسور لقمان بن عاد: لَمَّا رَأَى لَبْدَ النُّسُورِ تَطَايَرَتْ * رَفْعُ الْقَوادِمِ كَالْفَقِيرِ الِأَعْزَلِ ورجل فَقْرٌ : يشتكي فَقَارَهُ ; قال طرفة بن العبد: وَإِذَا تَلْسُنُنِي أَلْسُنُهَا * إِنَّنِي لَسْتُ بِمَوْهُونِ فَقْرِ وأجود بيت في القصيدة الشعرية يسمى فَقَرَةٌ، تشبيها بِفَقَرْةِ الظهر. والْفَاقِرَةُ : الداهية الكاسرة للفقار. قال تعالى:( تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) القيامة/25 . قال البغوي في تفسيره: تستيقن أن يعمل بها عظيمة من العذاب، والفاقرة : الداهية العظيمة، والأمر الشديد يكسر فقار الظهر . وهناك فرق عند أهل اللغة بين الفقير والمسكين. فالفقير الذي له ما يأكل، والمسكين الذي لا شيء له، والفقير أحسن حالا من المسكين. وأطلق اسم الفقراء على الذاكرين المنتسبين إلى أهل الله من عباده المخلصين، واختصوا به لافتقارهم إلى رحمة الله، وتذللهم بين يديه. وهو مطلب القاصدين، والعارفين. قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر/.15 وهذا نداء علاقة الناس بالله، وحقيقة أنفسهم، والتذكير بها. يقول ابن عجيبة في البحر المديد: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله في دقائق الأمور وجليلها ، في كل لحظة لا يستغني أحد عنه طرفة عين ، ولا أقل من ذلك إذ لا قيام للعبد إلا به، فهو مفتقر إلى الله إيجادا وإمدادا. والناس، على هذا الذي ذكره، هم أصحاب الحاجة إلى الله في وجودهم، وبقائهم، وأرزاقهم. و في الافتقار إلى الله يقول الشيخ محيي الدين بن عربي في فصوص الحكم: فَالْكُلُّ مُفْتَقِرٌ مَا الْكُلُّ مُسْتَغْنٍ * هَذَا هُوَ الْحَقُّ قَدْ قُلْنَاهُ لَا نُكَنِّي فَإِذَا ذَكَرْتَ غَنِيَّا لاَ افْتِقَارَ بِهِ * فَقَدْ عَلِمْتَ الَّذِي بِقَوْلِنَا نَعْنِي وقد ورد المفهوم في القرآن الكريم بمشتقاته وصيغه(14 مرة)؛ ( الفقر- الفقير- فقيرا- الفقراء- فاقرة) من هذا العدد ثلاث آيات في السور المكية. قال تعالى:( فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص/24، وقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ) فاطر/15، وقوله تعالى:( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) القيامة/24-25.، و(11 مرة) في السور المدنية. ودلالة المفهوم في المجال المكي الذي يتناول العقيدة، فيه الإمداد المعنوي الروحي، والعطاء المادي. وفي المجال المدني التشريعي يؤطر القرآن الكريم مفهوم الفقراء الذين يستحقون العطاء والانفاق، لعدم الكسب أو العجز والشيخوخة أو لأسباب أخرى، فيعطون من الصدقات تطبيقا لمبدا التكافل الاجتماعي. قال تعالى:( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) الحشر/، وقال سبحانه:( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) البقرة/273. وهناك فئة من الناس تمنع العطاء، وإذا أعطت فمن الرديء تُعْطِي، ومن خبيث الأموال تُنْفِقُ. قال تعالى:( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة/268 فأي وَعْدٍ هذا الذي يعد به الشيطان أولياءه؟ إنه وعد مكذوب، وهو في أصله تخويف من الفقر والحاجة بسبب الانفاق، وفي المقابل يُزين لهم إنفاق المال في المعاصي، وهذا حال الكثير منهم؛ في الفحشاء والفساد يجودون ، وفي الخير يمنعون !