اعتبر الباحث في العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام ، أن إستراتيجية مقاطعة الانتخابات تعد من بين استراتجيات النضال، وكانت وسيلة ناجحة من أجل تطوير النظم السياسية وتحسين "المنتوج" المقدم للمواطنين. وأفرد العلام جزءا كبيرا من مداخلته في ندوة لمركز "هسبريس للدراسات والإعلام" ، لأسباب مقاطعة الانتخابات في المغرب، مؤكدا أن ذلك يعود في الأساس إلى المؤاخذات التي سجلها طيف من المقاطعين على طريقة اعتماد دستور 2011 وخروجه إلى حيز الوجود، بالرغم من تقدمه على دستور 1996. وشدد المتحدث ذاته في ذات الندوة التي سيّرها الباحث عمر الشرقاوي، ورئيس مركز هسبريس نور الدين لشهب، على أن خيار المقاطعة ليس مُجرَما من الناحية القانونية ويدخل ضمن حرية الرأي والتعبير، وهذا ما يحتم، بحسبه، على السلطات الأمنية حماية الذين تبنوا هذا الخيار، ويقومون بتوزيع المنشورات الداعية إلى المقاطعة. وأكد الباحث في العلوم السياسية أنه من حيث المبدأ فالانتخابات المحلية غالبا ما تم توصيفها على أنها ليست ذات طابع سياسي، بل إن لها دور في تربية المواطنين وتكريس الديمقراطية، وبناء المجتمع من الأسفل لأن "الديمقراطية من الأعلى أثبتت فشلها". واستشهد على ذلك بما قاله الملك الراحل محمد الخامس والمهدي بن بركة بعد استقلال المغرب، اللذين أكدا على دور الجماعات القروية في بناء الدولة، ولهذا فإن "الانتخابات المحلية لم يكن لها طابع سياسي بالرغم من أنها تفرز جزءا من الغرفة الثانية في البرلمان، والواقع السياسي المغربي مختلف". ومن أبرز أسباب المقاطعة، بحسب العلام، القوانين الانتخابية المعتمدة، إذ يطالب المقاطعون بلجنة عليا للانتخابات تشرف عليها بدل إشراف وزارة الداخلية، وتقطيع انتخابي جديد، إلى جانب إجراء تعديلات على طريقة وضع اللوائح الانتخابية، وعدم شخصنتها، بالإضافة إلى محاربة بعض السلوكات التي تقوم بها بعض الأحزاب السياسية عقب إجراء الانتخابات، يضيف العلام. ويطالب المقاطعون، الذين تختلف توجهاتهم ومرجعياتهم السياسية، ب"سلطة حقيقية للعمداء لكي لا يكونوا تحت سلطة رجال السلطة من ولاة وعمال وقياد"، وهنا يطرح المشكل، يقول العلام، في قضية "ضخامة" الميزانيات المخصصة للولاة مقارنة مع المنتخبين الذين لا يتلقون سوى تعويضات هزيلة. ممارسات تمتد، بحسب الباحث في العلوم السياسية، إلى حالة بعض الأحزاب التي تتذيل الترتيب في الاستحقاقات الانتخابية، وتقوم بعد ذلك برئاسة الجماعات المحلية والمجالس البلدية، "في تحايل على رغبة المواطن الذي لم يصوت على هذه الأحزاب"، بالإضافة إلى تهديد بعض المرشحين لصرف أموال طائلة على الحملات الانتخابية من أجل الظفر بصدارتها. وتابع العلام أن عددا من المقاطعين للانتخابات في المغرب، ليسوا فقط أولئك المنتمون لجماعة العدل والإحسان ولحزب النهج الديمقراطي، بل إن هناك عددا من الشباب الذي اختار عدم المشاركة عن اقتناع، و"يمكن أن يغيروا موقفهم من خلال تغيير نمط الاقتراع والتصويت المباشر على العمداء"، يضيف المتحدث. وبالحديث عن طبيعة نمط الاقتراع، يعلق الباحث في العلوم السياسية بأنه لا يشجع الجالية المغربية المقيمة بالخارج على التصويت، كما لا توجد أي رغبة في إدماج هذه الفئة، بالرغم من وجود إمكانية لفتح مراكز للتصويت بالخارج كما تقوم بذلك مجموعة من الدول. وفي ما يخص تبادل الاتهامات بين حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والإحسان، أوضح المتحدث ذاته أن كليهما يعيب على الآخر موقفه من الانتخابات، في حين أن الجماعة قد تقتنع بالمشاركة إذا تمت الاستجابة إلى مطالبها، وفي المقابل فإن "البيجيدي" ليس ببعيد عن خيار المقاطعة. وضرب عبد الرحيم العلام المثال على ذلك بتصريح قبل سنوات لبرلماني الحزب في وجدة، عبد العزيز أفتاتي، عندما خرج بتصريح يكشف فيه عن تزوير طال الانتخابات وصواب خيار مقاطعتها.