بدأت تربية الطيور تتطور بشكل لافت في الأعوام الأخيرة، وما يجسد ذلك هو الاهتمام الإعلامي بهذا المجال، إضافة إلى المنح التي أصبحت ترصد له، وهذا الاهتمام راجع لاتساع قاعدة الهواة الذين يتأطرون داخل جمعيات منتشرة عبر ربوع المملكة، إضافة إلى انخراط المغرب في الكونفدرالية العالمية لعلم الطيورCOM-LaConfédération ornithologique mondiale،حيث تم مؤخرا تأسيس فرع كوم المغرب COMMaroc. وتعتبر الجامعة المغربية لعلم الطيور FMOFédération marocaine ornithologique أكبر تكتل جمعوي أرنيطولوجي بالمغرب، وقد تم تأسيسها سنة 2005على يد مجموعة من الجمعيات المهتمة بتربية الطيور، وتنضوي تحت لوائها 39جمعية، موزعة عبر عصب وجهات، وتعمل الجامعة على التنسيق بين الجمعيات،المنضوية تحت لوائها، من خلال تخطيط وبرمجة سنوية للأنشطة التي تعتزم الجمعيات القيام بها حتى لا يكون هناك تزامن وتداخل بين الأنشطة. إضافة إلى تسطير القوانين والضوابط المنظمة للمسابقات ومختلف التظاهرات الوطنية والدولية. تهتم الجمعيات بأصناف مختلفة من الطيور التي تربى في الأقفاص، كالكناري والحسون والطيور معقوفة المنقار...إلخ، وداخل كل صنف نجد مدارس مختلفة، فعلى مستوى الحسون نجد مدرستين، الأولى هي المدرسة المغربية الويدانية (من الواد)، وترى هذه المدرسة أن الحسون يجب أن يُلقن تغاريد مأخوذة من طيور تعيش في الطبيعة المغربية دون تعديلها عن طريق الحاسوب، ومن بين هذه الطيور هناك الولوال( l'alouette) البوح (Bruant)البلبل (mésange) بلبل الحدائق والشحرور(merle noir)...إلخ. وتذهب مدرسة الكوبيا، وهي مدرسة تابعة للمدرسة الإسبانية، إلى أن تلقين طائر الحسون يجب أن يكون وفق لائحة تلقين تضم تغاريد مضبوطة معدلة أو غير معدلة عن طريق الحاسوب،وبغض النظر عن الطائر الذي أخذت منه، وهذه التغاريد يرمز لها بمصطلحات مشتقة من الأصوات المكونة لها مثل البليبلياتbiblios وهي تغاريد ينطق فيها الطائر الصوت bliblibli ثلاث مرات على الأقل (بليبليبليبليبلي)، ومثل الحداديات وهي تغاريد تعطي رنة صوت المعدن الصلب كما لو أنك داخل ورشة حداد، وتتميز هذه التغاريد بالصعود والهبوط في الإيقاع tibilitibiltibili. إلى غير ذلك من التغاريد. ويعرف صنف الكناريات تشعبا في المدارس، إذ نجد مدرسة المالينوا أو الطائر المائي( Waterslager)وهي تابعة للمدرسة البلجيكية وتعتمد قوانينها في تحكيم هذا الصنف، ويتميز هذا الصنف من الكناريات بتغاريده المحاكية لمختلف الأصوات التي تنتج عن حركة الماء؛ مثل KLOKKENDE(COUPS D'EAU TINTES) GloucGloucGlouc أو BlouiBlouiBloui، حيث يمكن أن نلمس صوتا شبيها بتساقط قطرات كبيرة من الماء بشكل متتالي. نجد أيضا مدرسة التيمبرادوTimbrado، وهو كناري ذو أصول إسبانية، وقد سمي بهذا الاسم إذ يغلب على تغاريده الأصوات الجرسية. أما المدرسة الثالثة فهي مدرسة الرولر الألماني أو الهارز حيث تم تطوير هذه السلالة في جبال الهارز، ويتميز هذا الطائر بالمنقار المغلق خلال عملية التغريد، وكذا قدرته على الاستمرار في التغريد لمدة طويلة دون انقطاع، إضافة إلى تغاريده الهادئة. اجتهد الهواة المغاربة في تطوير سلالة كناري مغربية وهي الفلاوطا، وهو الكناري الذي يتميز بقدرته الهائلة على محاكاة أصوات طيور مختلفة منها العندليب le rossignole ، هذا الطائر المعروف بقوة تغاريده وسحرها، إضافة إلى طائر الولوال وطيور أخرى. وتتميز تغاريده بتزامن وتلازم أكثر من صوت دفعة واحدة، وكأنه يغرد بأكثر من حلق في الوقت نفسه، تضم لائحة تنقيطه مجموعة من المقاطع، نذكر منها: الولوال، السناسل، النواقس، ربي ربي، كعدي كعدي... وهي مقاطع استمدت تسمياتها من موجودات المحيط المغربي وثقافته. كان هذا وصفا مبسطا للمشهد "الأرنيطولوجي" بالمغرب، حيث تم الوقوف على الجانب الجمعوي في مجال تربية الطيور، إضافة إلى أنواع الطيور التي تهتم بها الجمعيات، والجدير بالذكر هنا هو أن الجامعة المغربية بصدد أوراش كبيرة ومهمة، أولها تنزيل قانون حماية طائر الحسونوما سيطرحه من تداعيات على هواية تربية هذا الصنف، خاصة وأن المندوبية السامية للمياه والغابات صاغت قوانين زجرية وضوابط تقنن صيد وحيازة هذا الطائر، وهو ما جعل الجمعيات بقيادة الجامعة وجها لوجه مع تحدي أجرأة هذا القانون، وثانيها تسجيل طائر الفلاوطا بالكونفدرالية العالمية لعلم الطيور كصنف كناري مغربي معترف به دوليا، حيث إنه لحد الساعة لم يتم الاعتراف، أما ثالثها فهو تشريف المغرب في التظاهرات الأرنيطولوجية الدولية . *باحث في البلاغة وتحليل الخطاب جامعة شعيب الدكالي | باحث في علم الطيور | رئيس لجنة كناري الفلاوطا بالجامعة المغربية لعلم الطيور